ليس مبالغةً، وليس للبلاغةِ دورٌ في الوصف ..
ثلةُ أدباء من بيت المقدسِ يقاتلون من أجلِ بقاءِ قدسيَّةٍ عشقناها ..
والكلمةُ سيفٌ في غيابِ الجيوشِ العاربةِ، والمستعربة ..
ندوةُ اليومِ السابعِ المقدسيّة في طورِ يوبيلِها الفضيّ .. هذا يعني أنّها تأسست وقتَ انقطعنا عن القدس، وقد حالت الحواجزُ عن وصولنا .. وقتَ سلخِ غزةَ بمبضعِ أوسلو اللئيم .. فلا عانقناها من عقدين، ولا عن قربٍ تشممنا أريجَها ..
قبل ذياك الوقتِ؛ كان ثمةُ فسحةٌ للوصول، عبر المرسيدس، إلى حيثُ مهبطِنا القديم قرب باب العمود .. كُنا في نادي الموظفين قد أسسنا لاتحاد الكتاب، كنا نذهبُ، وكانوا يأتون، يتذوقون أسماكَ بحرِهم البعيد، ونتذوّق طعم ثلجنا وقتَ الهطول .. كان يبهرني الثلجُ وقتها ..
هل عدنا من بعد ضياعٍ بضربةِ حظ؟
أنا عاودتهم عبر الفضاء الأزرق .. يا للتكنولوجيا التي لم تحسِب لها حسابَا أجهزةُ الأمن!
ثُلةٌ من المبدعين فعلوها، وقت لم تفعلها وزارةُ ثقافتنا، ولا اتحاد كتابنا، ولا كلّ من كان واجبه أن يهمه الأمر ..
عادت القدس بشذاها، مع كلّ خميسٍ، وفي كلّ خميسٍ رأيتها ترفلُ بثياب الزهوِّ، متبخترةً غير آبهةٍ بكل ما خططوه، عادت دوما رغم غياب الجيوش، وعلى أناملِ رجالٍ ونساءٍ أطيابٍ، بلا تفكيرٍ في الرّتب، والمرتبات ..
هناك أسماءُ جبالٍ، لن أذكرها مع حفظ جمال الآخرين كلّهم …
لكني سأعترفُ الآن: أنّ فائدةً عظمى قد جنيتُها من تواصلي مع ندوة أولئك الكبار، فائدة لم تنحصر في مناقشة كتبي قط، وإنما في روحِ الرضاء التي عاودتني، تلك الروح التي أصبتُ برعب الإحساسِ من خطرِ فقدِها .. روح العطاء القديمة، القائمة على العمل الطوعي المحض، رغبةً في لقاء وجه وطنٍ متروكٍ للأوغاد من كل الصنوف .. وطنٍ لم يزل يحلم بالجيوش التي لمّا تأتِه بعد ..