يجب إحياء عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية المهملة

2016/03/02
Updated 2016/03/02 at 9:38 صباحًا

index
تبين المقالة التالية لاثنين من مفاوضي السلام الأميركيين، واللذين يفترض أنهما توسطا بنزاهة لإحلال السلام بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال، نوع التحيز للاحتلال واللغة المعادية للفلسطينيين ووصفهم بالإرهابيين والتجاهل الكامل لمصالحهم. (المترجم).
* * *
نادراً ما كان هناك وقت تم فيه إيلاء اهتمام أقل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني مما هو الآن. فنظراً للتهديد الذي تشكله “الدولة الإسلامية”، والكارثة الإنسانية المتواصلة في سورية، والصراعات بالوكالة بين إيران والمملكة العربية السعودية، وصراعات مصر مع الإسلاميين الراديكاليين، أصبح من الصعب العثور على أي شخص في واشنطن أو في العواصم العربية، والذي يمكن أن يفكر في الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن ذلك لا يجعل المشكلة تذهب.
خلال الأشهر الخمسة الماضية، كان هناك أكثر من 100 هجوم إرهابي فلسطيني فردي ضد الإسرائيليين. وبينما يتزايد خطر التصعيد، يصبح كلا الجانبين متشككين أكثر من أي وقت مضى في أن يكون هناك سلام أبداً. ومع انقسام الفلسطينيين وفقدان قادتهم مصداقيتهم على نحو متزايد، ووجود حكومة يمينية في إسرائيل، فإن الصراع لا يبدو على وشك أن يحل. ولكن هذا كله يشكل سبباً إضافياً للتفكير في ما يمكن القيام به للحفاظ على إمكانية حل الدولتين، لا سيما مع دخول الفلسطينيين فترة خلافة في القيادة، خالية من اليقين.
في هذا الإطار، يجب أن يبدأ أي جهد جديد بمحاولة نزع فتيل التوتر واستعادة الشعور بالإمكانية. ونظراً لحالة الشلل الفلسطيني، فإن الطريقة الأكثر مباشرة للبدء في تغيير المناخ بين الإسرائيليين والفلسطينيين ربما تكون التأثير على سياسة الاستيطان الإسرائيلية من خلال اعتماد نهج جديد بشأن هذه القضية المثيرة للجدل.
وليست كل المستوطنات متساوية. ففي أيار (مايو) 2011، ألقى الرئيس أوباما خطاباً قال فيه إن أي اتفاق سلام ينشأ سيتم على أساس حدود العام 1967، مع تبادل متفق عليه في الأراضي، لتعويض الفلسطينيين عن الكتل الاستيطانية التي سيحتفظ بها الإسرائيليون. ولكن سياسة إدارة أوباما واصلت منذ ذلك الوقت التعامل مع جميع النشاطات الاستيطانية على أنها غير مقبولة، نافية عملياً ذلك التمييز الذي كان قد وضعه الرئيس. وقد عزز عدم قدرة الإدارة على التفريق بين النشاط الاستيطاني داخل وخارج هذه الكتل موقف اليمين الإسرائيلي في واقع الأمر، لأن معظم الإسرائيليين يميزون بين النوعين. وأصبح يُنظر إلى نهج أوباما على أنه يتجاهل الحاجات الإسرائيلية.
قد يتمكن تبني نهج مختلف تجاه المستوطنات من تغيير هذا التصور. وسيسترشد مثل هذا النهج بفهم أن ما يقرب من من 80 في المائة من المستوطنين يعيشون في ما يقرب من 5 في المائة من الضفة الغربية، وفي أماكن قريبة إلى حد كبير من حدود ما قبل 1967 وداخل الحاجز الأمني. ويعيش معظم الـ20 في المائة من المتبقين خارج الحاجز الأمني، في 92 في المائة من الضفة الغربية.
وسوف يعترف النهج الأميركي الجديد بأن البناء داخل الكتل لا يغير ملامح “خريطة السلام”. وفي حين أنه لا يؤيد النشاط الاستيطاني رسمياً، فإنه يجب أن يسعى مع ذلك إلى توجيه هذا النشاط إلى المناطق التي من المرجح أن تكون جزءا من إسرائيل في أي نتائج لحل دولتين. وفي العام 2008، اعترف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضمناً بمبدأ بقاء الكتل الاستيطانية جزءا من إسرائيل، وعرض التخلي عن 1.9 في المائة من هذه الأراضي خلال المفاوضات في مقابل أراض داخل إسرائيل.
لكن هذا لا يعني أن عباس سوف يتبنى نهج الولايات المتحدة الذي يميز بين بناء المستوطنات داخل الكتل الاستيطانية أو خارجها. فهو يخشى أن يكون أي قبول ببناء المستوطنات بمثابة قبول بالاحتلال. ولكن، في الوقت الذي لا يقدم فيه عباس الكثير لشعبه، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أن معظمهم يعتقدون أن إسرائيل ستستمر في أخذ المزيد من الضفة الغربية، وقد يكون من المهم إظهار أن إسرائيل ستتوقف عن البناء في 92 في المائة من الأراضي الفلسطينية. وإذا سُمح في الوقت نفسه باستمرار مشاريع البناء الفلسطينية في المنطقة (ج) -مساحة 60 % من الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل حصرياً- فإن الفلسطينيين قد يعتقدون مرة أخرى بأن التغيير ممكن.
للأسف، في السياق الحالي الذي محصلته صفر، عندما يهاجم الفلسطينيون الإسرائيليين بانتظام، يرجح أن يرى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مثل هذه التحركات غير مقبولة إلا إذا تلقت إسرائيل شيئا مفيداً في المقابل. وتستطيع إدارة أوباما أن تقدم العديد من الأشياء التي يمكن أن تكون مهمة بالنسبة لنتنياهو.
أولاً، يمكن للرئيس الأميركي أن يعد باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار بشأن المستوطنات (أو أن قرار ينظر إليه على أنه مناهض لإسرائيل) في مجلس الأمن الدولي. ثانياً، يمكنه أن يوافق على عدم تقديم أي قرار أميركي لمجلس الأمن يطرح معاييراً لتسوية النزاع. ثالثاً، يمكن أن يلتزم بالضغط على شركائنا الأوروبيين والعرب للتنديد بالجهود الفلسطينية ضد تطبيع الاتصالات الإسرائيلية-الفلسطينية، وأن يؤكد أن الجهد الفلسطيني لنزع الشرعية عن إسرائيل يتعارض مع حل الدولتين. (ويمكنه أيضاً تسليط الضوء على التناقض بين إسرائيل تتبني سياسة استيطان متسقة مع ناتج حل الدولتين وبين السلوكيات الفلسطينية التي تقوض مثل هذا الخيار).
ولكن، سيتعين على إسرائيل بطبيعة الحال تبني سياسة للمستوطنات، والتي تنهي بمصداقية نشاط البناء خارج الكتل الاستيطانية. وبالإضافة إلى إعلان إسرائيل أنها لن تبني بعد الآن فيما وراء الحاجز الأمني، سوف نحتاج إلى إقرار عدة تفاهمات خاصة حتى نتمكن من الوفاء بجانبنا من الصفقة: أولاً، أن لا تضيف إسرائيل بناء جديداً في أماكن على حافة الحاجز الأمني، مثل مستوطنة أرييل، التي يقطنها 20.000 مستوطن، والتي من المرجح أن تشكل مسألة صعبة في المفاوضات النهائية. ثانياً، أن لا تبني إسرائيل في الأحياء العربية في القدس الشرقية. ثالثاً، أن تقبل إسرائيل بمبدأ تبادل الأراضي أو المقايضات.
إذا كانت إسرائيل مستعدة لقبول هذا النهج، فإنها ستوقف الانجراف نحو حل الدولة ثنائية القومية، وتخفف من حدة حركة نزع الشرعية عنها دولياً، وتعطينا النفوذ لمنع فرض عقوبات أوروبية ضد إسرائيل في المستقبل. كما أنها تستطيع أيضا -بعد عقود- إزالة المستوطنات باعتبارها ستظل عامل توتير مستمر للعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ولدى الولايات المتحدة وإسرائيل معاً مصلحة في تحقيق هذه الأهداف، ولكن لم يتم حتى الآن توظيف دبلوماسية ذكية لتحقيقها. ألم يحن الوقت للقيام بذلك والبدء في استعادة الشعور بالإمكانية مرة أخرى؟
دينيس روس، وديفيد ماكوفسكي* – (الواشنطن بوست)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة

*نشر هذا المقال تحت عنوان:The neglected Israeli-Palestinian peace process must be revived
*دينيس روس: كان مفاوض السلام في الشرق الأوسط في إدارة الرئيس بيل كلينتون والمساعد الخاص للرئيس أوباما لمنطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا في الفترة من 2009 إلى 2011. ديفيد ماكوفسكي: خدم في فريق تفاوض وزير الخارجية جون كيري خلال المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية 2013-2014. وكلاهما من كبار الزملاء في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً