المغرب: حزب «الاستقلال» يحسم تحالفاته السياسية للانتخابات التشريعية إلى جانب الحزب الرئيسي في الحكومة

2016/06/27
Updated 2016/06/27 at 10:27 صباحًا

26qpt961

الرباط – «القدس العربي» : حسم أعرق الاحزاب المغربية تحالفاته السياسية خلال المرحلة المقبلة والانتخابات التشريعية المقبلة إلى جانب الحزب الرئيسي في الحكومة بعد توتر وفتور دام أكثر من 3 سنوات، محذراً من أي تلاعب في هذه الانتخابات والممارسات السياسية التي تعيد للمشهد السياسي المغربي شوائبه.
وقال القيادي وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، عبد الله البقالي، إن المجلس الوطني الاستثنائي للحزب الذي عقد أول أمس السبت بالرباط، اتخذ قراراً يقضي بالتحالف، بعد انتخابات 7 تشرين الاول/أكتوبر، مع الأحزاب الوطنية واوضح أن التحالف الطبيعي الذي سيقيمه حزب الاستقال بعد 7 تشرين الاول/ أكتوبر (موعد االتشريعيات) سيكون مع حزب العدالة والتنمية (الحزب الرئيسي بالحكومة) وأحزاب الكتلة (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض وحزب التقدم والاشتراكية المشارك بالحكومة).
وشدد البقالي في منتدى لحزب «العدالة والتنمية» على أن حزبه لن يركع لا للأشخاص ولا للأحزاب، وأن المجلس الوطني اتخذ قرار مواجهة «التحكم» (في اشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة الليبرالي المعارض الرئيسي لحكومة عبد الاله بن كيران) الذي يهدد حزب الاستقلال ويهدد الأحزاب الوطنية كما يهدد الديمقراطية.
ورحب عبد الاله بن كيران رئيس الحكومة وزعيم حزب العدالة والتنمية بموقف حزب الاستقلال الجديد وقال ان هذا الحزب الذي تحالف معه بالحكومة في تشكيلتها الاولى 2012-2013) انتبه إلى أن العدالة والتنمية لا يمكن أن يكون خصمه، وهو الآن يصحح المسار الذي سار فيه.
واضاف «رغم أننا اصطدمنا بـ(حميد) شباط الأمين العام لحزب الاستقلال) واصطدم بنا، إلا أننا لم يسبق لنا أن هاجمنا حزب الاستقلال أو رجالاته، لأننا نعلم أن حزب علال الفاسي (الزعيم الوطني ومؤسس الحزب) حزب وطني كبير». وحذر من إضعاف الأحزاب السياسية عن طريق «التحكم» لأن من يسعون إلى ذلك «يخططون لإزالة الأعمدة التي يقوم عليها بنيان الدولة»، على اعتبار أن الأحزاب السياسية تعبر عن رأي الناس وتوجهاتهم.
وقال بن كيران، الذي كان يتحدث في المنتدى، «إذا كنا نريد أحزاباً تكون طوع البنان… يأتي إليها الناس بالغواية والإغراء وبحثاً عن المكاسب والمناصب، وتسلب الناس أموالهم ظلماً وعدواناً بالترهيب والتخويف والابتزاز، فنحن نحفر قبورنا بأيدينا».
ودعا بن كيران لأول مرة إلى تأسيس جبهة ضد التحكم، ووجه نداءه مباشرة إلى حزب الاستقلال، وقال إن جميع الأحزاب معنية به، خاصة «الأحزاب التاريخية» و«الأحزاب الأخرى» التي لها غيرة على بلادها ولا تخضع لمنطق «التحكم».
وقال، إن تعبير «التحكم» الذي دأب حزبه على استعماله لوصف الجناح السلطوي داخل الدولة، وللإشارة إلى حزب «الأصالة والمعاصرة»، أصبح كلمة شائعة و«الذين يمثلونه معروفون والذين يحمونه معروفون»، وقال «كلشي باين» (كل شي واضح).
وعقد المجلس الوطني لحزب الاستقلال دورة استثنائية، السبت، وقال البيان الختامي إن «المجلس الوطني لحزب الاستقلال، وهو يستعرض المستجدات الأخيرة في الساحة السياسية، فإنه يذكر بأن مستجدات من هذه الطينة ليست جديدة على المشهد السياسي في البلاد وأنها لازمت الممارسة السياسية المغربية منذ فجر الاستقلال، وإن تغيرت الوجوه والأسماء والمواقيت، ولم تنتج غير المآسي والتشوهات العضوية في الحياة السياسية».
واعلن المجلس الوطني للحزب تجديد «اصطفافه إلى جانب القوى الديمقراطية الحقيقية في جميع المحطات السياسية والمراحل المقبلة لتقوية الجبهة الديمقراطية في مواجهة إرادة التحكم والتركيع والتسلط، وكذا مواصلة العمل الوطني للنهوض بالرسالة الوطنية، ولمواجهة شروط ومتطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل». وأعرب عن استهجانه «الجهود المضنية التي تبذلها بعض الأطراف لاستهداف حزب الاستقلال، تماما كما حدث في مرات عديدة في الماضي القريب والبعيد .. ومن حركوا ونفذوا المؤامرات الدنيئة ضده أضحوا مجرد ذكريات أليمة عالقة بذاكرة هذا الشعب العظيم، والاستقلاليون والاستقلاليات متيقنون بأنه بقدر ما يقع الحرص على إعادة إنتاج تجارب الماضي فإن مصير مبدعي هذه التجارب سيتكرر».
وادان حزب الاستقلال «الحملة المغرضة التي تستهدفه والتي كشفتها تصريحات وزير الداخلية، الذي افتقد لأبسط شروط الشجاعة في الكشف عن المعطيات والدلائل المرتبطة بالاتهامات الخطيرة التي أطلق لها العنان».
واعتبر أن «استهداف المسار الإصلاحي السياسي الوطني في الظروف الراهنة تكتنفه العديد من المخاطر، وتعطيل المسار الإصلاحي السياسي في المحيط الإقليمي العربي للمغرب انتهى بالعديد من الأقطار إلى مصائر مفجعة؛ تتمثل في الحروب الفتن والاقتتال» وان «التجربة المغربية، التي مثلت لفترة معينة استثناء حقيقياً مقارنة مع ما ساد في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لم تكن مصيراً نهائياً، وكانت، كما لا تزال، في حاجة ملحة إلى ضمان شروط استدامتها من خلال تكريس الإصلاح السياسي الشامل على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهذا ما اعترضته العديد من الصعاب، وانتصبت في وجهه العديد من العراقيل».
وحذر مما «يبدو أن هناك من اعتبر الاستثناء المغربي جرعة مسكنة لأوجاع الرأس لفترة معينة، وأن المخاطر المحدقة بالاستقرار زالت بفشل المشاريع السياسية المنبثقة عن الربيع العربي في بعض أقطار المنطقة، وأن دستور 2011 لا زال صالحاً كنص دستوري يؤثث الفضاء العام، ومناسباً للتسويق الخارجي .. بيد أن قوات الردة تكرس خيارات مناقضة لروح هذا الدستور، وللشروط التي أنتجت هذا المتن الدستوري الهام، وراحت تعيث فساداً في الحياة السياسية العامة».
ونبه الحزب الذي تأسس 1944 إلى «الخطورة البالغة للممارسات التخريبية التي تقوم بها قوات الردة والرجعية في ظل تحولات عميقة حاصلة في وسائط الاتصال، وفي اندفاع المواطنين نحو الانعتاق من مآسي الماضي بكل ما حمله من معاناة دفع المجتمع ثمنها غالياً جداً». وأكد «أن مناهج إضعاف الأحزاب الوطنية، من خلال جهود التركيع والإحتواء، وإفراغ وسائل الوساطات السياسية والجمعوية والنقابية، لا تقتصر مخاطرها على إضعاف وإذلال هذه الإطارات، بل تنتج بالضرورة تبخيسا للمؤسسات الدستورية، وتتفيها للممارسة السياسية، بما يرافق ذلك من نفور جماعي من العمل السياسي، وتجريد المؤسسات من ثقة المواطنين، وكل هذا وغيره كثير ينتهي بإضعاف النظام السياسي العام في البلاد، ويجعله عرضة إلى مخاطر تهم الاستقرار العام والوحدة الوطنية».
ودعا إلى «وجوب تحقق الوعي الكامل بما تحمله هذه الممارسات من مخاطر كبيرة جداً على المستقبل القريب للبلاد والأكيد أن مسؤولية الدولة واضحة ومتجلية فيما يحاك ضد الديمقراطية من خلال تسخير إمكانياتها اللوجستيكية والبشرية والمالية والإدارية لخدمة أجندة حزبية معينة.
وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها فيما يحدث؛ بأن تصون هيبتها وتصون مؤسساتها من مخاطر الإختراقات والتحكم الذين يضعفانها، ويفقدانها قيمتها وحيادها وتوازنها». ووجه حزب الاستقلال «دعوة إلى جميع الأطراف والفرقاء من أجل عدم تضييع الوقت والجهد فيما لم ينفع البلاد، ونقل كل هذه الجهود إلى خدمة المصالح الحقيقية للشعب المغربي من خلال تسريع وتيرة التنمية، وتفعيل الإصلاحات القطاعية الاجتماعية في التعليم كما في الصحة كما في السكن، وغيرها».
وقال ان «هناك من يجازف بالوطن مقابل غنيمة تافهة تتمثل في مكسب انتخابي بسيط .. واليوم، حينما يتخذ هذا الاستهداف لبوسات متعددة، تارة بالقضاء وتارة عبر اعتماد أساليب التحكم والتركيع، وتارة ثالثة بحروب الإشاعات التي تتطوع جهات معينة بالترويج لها بالمقابل، وتارة رابعة عبر تسخير الإدارة الترابية لإلصاق التهم والابتزاز، فإنما الماضي يعاد انتاجه بالأساليب نفسها والمناهج التي لم تزد حزب الاستقلال، و من خلاله الصف الوطني الديمقراطي، إلا إيماناً بحتمية الإصلاح والتغيير».واضاف بيان المجلس لحزب الاستقلال «أن جميع الاحتمالات المرتبطة بمواجهة ما يستجد في الساحة السياسية تبقى واردة ومحتملة فيما سيأتي من أيام، متسلحاً باليقظة والحذر وان المسلسل الانتخابي الذي لا ينتمي إلى تربة صالحة لاستنبات إصلاح حقيقي لن يكون ذا فائدة، والعملية الانتخابية لا تصلح كإضافة لتأثيث مشهد فاسد، بل إن الانتخابات هي جوهر المشروع الديمقراطي برمته، لأنها تجسد الإرادة الشعبية التي تعتبر أسمى تعبير عن إرادة الأمة، لذلك وجب تقديسها وتحصينها ضد جميع أشكال وصيغ الفساد والعبث.
ودعا «القوى السياسية الوطنية الديمقراطية إلى استشعار خطورة المرحلة، وتكثيف جهودها للتصدي الجماعي ضد التحكم والتركيع ومن أجل فتح آفاق جديدة أمام الشعب المغربي التواق إلى التطور والتحديث والدمقرطة والتنمية، وإلى ضمان سبل العيش، وتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية».

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً