مال اميركي مشبوه …بقلم: عودة بشارات

2016/09/20
Updated 2016/09/20 at 9:22 صباحًا

thumbs_b_c_c2c46d1bb49e9ed7fa40739a7d506096

ستحصل اسرائيل من الولايات المتحدة على مساعدة امنية تبلغ 38.000.000.000 دولار. ومن اجل تفسير المبلغ الحقيقي فان الحديث يدور عن 142.000.000.000 شيكل. لقد تساءل صديقي كيف استطعت أن أفهم هذه الاصفار. وبتواضع حسابي لامع قلت: “أنا أحافظ على الاصفار من اليمين جانبا وأهتم فقط برقمين الى ثلاثة ارقام.
صديقي انفجر ضاحكا عندما سمع “الاصفار من اليمين”. ولم يكن لي خيار سوى العودة الى الحقيقة المؤلمة: الاصفار من اليمين تضيف للمبلغ قيمة كبيرة. أما الاصفار من اليسار فلا يتم عدها أبدا. صديقي توقف عن الضحك.
هذا بخصوص الاصفار. والآن الى الشأن الاميركي. الرئيس براك اوباما غضب جدا بسبب الفيلم القصير المستفز لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي اعتبر فيه الدعوة الى اخلاء المستوطنات من المناطق المحتلة “تطهير عرقي”. كان غضبة شديدا الى درجة أنه أعطى في يوم الاثنين الضوء الاخضر للتوقيع على اتفاق المساعدات الامنية لاسرائيل.
إن ذلك أمر ملفت من الاميركيين. اذا أردت أن تحصل منهم على أكثر فقم باغاظتهم أكثر، فيغضبوا ويدفعوا بيد سخية. ويتبين أنه ليس العرب فقط هم الذين لا يفهمون إلا لغة القوة. القصة مختلفة عند المحليين هنا. رئيس الحكومة السابق اهود باراك غاضب من نتنياهو لأنه لم يحصل من الاميركيين على أكثر. اسرائيل تحصل على مليارات الدولارات وباراك يريد المزيد.
وسائل الاعلام ايضا تريد المزيد، المعارضة في اغلبيتها تريد المزيد والجيش يريد المزيد. يا لها من معدة فولاذية التي نملكها حيث أنها تستطيع هضم هذه الكمية الكبيرة من الاموال. أنا مثلا اذا رأيت كمية كبيرة من الطعام أمامي فانني أصاب بالمغص. هنا توجد فقط شهية.
بصفتي مواطنا قلقا أريد أن أعرف: أين ستوجه هذه الاموال؟ هل من اجل تمويل الساعات الاضافية لورديات اولئك الذين يقتحمون غرف الاطفال الفلسطينيين مثلا؟ أم أنه يوجد في اسرائيل وخارجها من يعهد لاسرائيل أدوار تتجاوز الحواجز والاقتحامات؟ أدوار تلائم القوى العظمى؟.
إن دولة كهذه يمكن أن نجدها فقط في الاحلام الوردية للمغامرات، حيث فيها المواطن العادي لا يريد أن يعرف ووسائل الاعلام لا تريد أن تعرف. وأنا بالتحديد، مواطن عادي، أريد أن أعرف. ليس فقط من اجلي ومن اجل عائلتي بل ايضا من اجل اخواني اليهود، كي لا يأتوا متأخرين كالعادة والبكاء عندي بسبب هذا الاخفاق أو ذاك، حيث أنهم لم يفعلوا أي شيء من اجل منعه.
اليكم تمرينا ذهنيا: تخيلوا أن هذه الكمية الكبيرة من الاموال كانت ستُمنح لبريطانيا أو فرنسا من اجل الاحتياجات العسكرية. من الواضح أن هذا الامر كان سيثير الخوف والذعر لدى هذه الشعوب. الصحف ليست صاخبة: ما هي الأدوار التي ألقاها علينا الاميركيون؟ لكن هنا يدمنون على الاموال الاميركية المشبوهة. فقط هم يريدون المزيد.
اميركا ليست أميرا سعوديا يبذر الاموال يمينا ويسارا في كازينو. بل هي دولة تقوم بعمل حساباتها. ومن وراء كل قرار تتخذه يوجد الكثير من الابحاث وكومة من الأوراق. لماذا تحتاج اسرائيل الى هذا المبلغ الكبير من الاموال اذا كان التهديد العربي قد تلاشى، وهل هو موجود في الأصل، والايرانيون يغرقون عميقا في الوحل اللبناني والسوري واليمني؟.
هل قرر الاميركيون الانغلاق داخل أنفسهم واعطاء المقاول الثانوي مهمة الرقابة على مصالحهم، من لديه الرغبة في التصرف كقوة عظمى؟.
وأهم من ذلك: ألم يحن الوقت للتفكير في الاطار الملائم؟ كيف يمكن لدولة من أصغر الدول في العالم أن تكون في المكان الخامس من ناحية القوة العسكرية؟.
هناك شيء مشبوه في ذلك. هل فكر هرتسل ذات مرة أن الدولة التي حلم بها ستكون سبارتا العهد الجديد؟
الحياة الجديدة

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً