غاز العدو في الأردن احتلال….بقلم: معين الطاهر

2016/09/28
Updated 2016/09/28 at 10:07 صباحًا

index
فيما كان المجتمع الأردني منشغلاً بنتائج الانتخابات النيابية، وبذيول اغتيال الكاتب ناهض حتّر، وإعادة تكليف هاني الملقي بتشكيل الحكومة، فاجأت شركة الكهرباء الوطنية المجتمع الأردني بتوقيعها اتفاقيةً لاستيراد الغاز الإسرائيلي، المستخرج من البحر الأبيض المتوسط مع شركة نوبل إنيرجي الأميركية، صاحبة حق امتياز استخراج الغاز، بقيمة عشرة مليارات دولار، لمدة 15 عامًا تبدأ منذ سنة 2018، في ما يُعتبر أكبر صفقة يُجريها الكيان الصهيوني مع دولة عربية.
ووفقًا لدراسات خبراء الطاقة، فإن 56% من أصل الـ 10 مليارات دينار (5.6 مليارات دولار) ستذهب مباشرة إلى خزينة الحكومة الإسرائيلية، على صورة عوائد حقوق الملكية، وضرائب مفروضة على عوائد الأرباح، وضرائب شركات، إضافة إلى ما ستجنيه الحكومة الإسرائيلية من فوائد اقتصادية أخرى، ناتجة عن الاستثمار في هذا القطاع المهم، أي أنّ هذه الاتفاقية سترفد الحكومة الإسرائيلية بقسط وفير من المال المستخدم في بناء المستوطنات وتمويل الحروب. ووفقًا لدراسةٍ أعدتها الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز، فإنّ 40% من كل فاتورة كهرباء تدفعها الأسر أو المنشآت في الأردن ستذهب إلى الكيان الصهيوني.
يتعلق الأكثر خطورة في الاتفاق بخطورة ربط مصدر الطاقة الحيوي والمؤثر على مختلف فعاليات الحياة خمسة عشر عامًا بالعدو، ووضعه بيد هذا العدو. ولعله من هنا جاء شعار الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز الإسرائيلي، والتي ضمت نقاباتٍ مهنيةً وأحزاباً سياسية ومجموعات شعبية تعمل في مجال المقاطعة، وشخصيات بأنّ غاز العدو احتلال.
وكان مجلس النواب الأردني السابق قد صوّت بأغلبية أعضائه على رفض مشروع اتفاقية الغاز الإسرائيلي، وأوصى الحكومة بالبحث عن مصادر غاز بديلة أخرى، لتأمين احتياجات البلاد. في حينه، اعتبر رئيس المجلس، عاطف الطراونة، أنّ هذه التوصية ملزمة للحكومة، فيما اعتبرت الأخيرة أنّ هذه الاتفاقية، ومثيلاتها، تدخل في ما يُعرف بالعقود الإدارية غير المشمولة بنص المادة (33/2) من الدستور الأردني. وبالتالي، ليست الحكومة ملزمة بعرضها على مجلس النواب، أو أخذ موافقته عليها، وتوصية المجلس بهذا الشأن غير ملزمة للحكومة.
وفي استطلاع أجراه برنامج نبض البلد في قناة رؤيا الفضائية، أعرب 90% من الأردنيين المشاركين في الاستطلاع عن معارضتهم هذا الاتفاق.

وقد اختارت شركة الكهرباء الأردنية (أو حكومة تصريف الأعمال) وقتًا ملائمًا لتوقيع الاتفاق، ليضيع دمه بين دهاليز السياسة، وفي ظل مجلس نيابي لم ينعقد بعد، وحكومة تصريف للأعمال ستسلم مهامها لحكومة جديدة، ستزعم أنّ الاتفاق تمّ في ظل حكومة سابقة، ومجتمع منشغل بمقتل الكاتب ناهض حتّر، وبذيول الانتخابات التي عكّرتها سرقة صناديق بادية الوسط، وإعادتها في ما بعد، واعتماد نتائجها بعد أن تراجع رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات عن تصريحاته السابقة القاضية بإعادة الانتخابات في الدائرة. وجدير بالإشارة، هنا، أن المرشحة عن تلك الدائرة، هند الفايز، والتي فشلت في الحصول على مقعد نيابي في الدائرة نفسها، كانت قد رفعت لافتةً في جلسة المجلس السابق، تقول إنّ غاز العدو احتلال.
والمعروف أنّ شركة نوبل إنيرجي قد واجهت صعوبات جمّة على المستويين، القانوني والمالي، فقد اعترض الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي على جوانب مختلفة عند عرض اتفاقية تنقيب (واستخراج) الغاز عليه، وألزم الحكومة الإسرائيلية بإعادة النظر في المعادلات المالية ودراسة الجدوى التي بنيت عليها الاتفاقية، ما قلص من الأرباح المتوقعة للشركة الأميركية. ومن جهة أخرى، واجهت الشركة صعوباتٍ في التمويل الدولي للمشروع، في ظل انخفاض أسعار النفط ومنافسة الدول الأخرى، لتأتي هذه الاتفاقية، التي تتضمن مشترياً للغاز الذي سيتم استخراجه من الأرض الفلسطينية المحتلة، 15 عامًا وبقيمة 10 مليارات دولار، لتحل تمامًا مشكلة التمويل التي عانت منها الشركة.
ثمّة شكوك وأسئلة كثيرة تُثار حول هذا الاتفاق، سواء من حيث مغزاه السياسي وتبعاته السياسية والاقتصادية، بل وجدواه من ناحية اقتصادية، وتأثيره على مستقبل القرار والتحرّك السياسي، بل وبشأن المشاريع الأخرى التي أقامها، أو يزمع الأردن القيام بها، لحل مشكلة الطاقة، مثل مشروع المفاعل النووي، وميناء الشيخ صباح في العقبة للغاز المسال، والذي صرّح القائمون عليه بأنّهم قاموا بتصدير الغاز من الميناء إلى دولٍ مجاورة، واتفاقية البصرة – العقبة التي وُقعت مع الجانب العراقي، لتصدير النفط والغاز العراقيين من ميناء العقبة.
في ظل هذه المشاريع، هل فعلًا ثمّة حاجة إلى اتفاقية الغاز الإسرائيلي؟ أم يأتي هذا في ظل ضغوط أميركية إسرائيلية، تنظر إلى المنطقة بما هو أبعد من اتفاقية غاز؟

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً