أرزة .. وزيتونة
بقلم الإعلامي : معين شديد
( الكبار يموتون و الصغار ينسون ) شعار رفعه قادة إسرائيل الأوائل – هذه الشعار تبادر إلى ذهني بعد متابعتي لإحدى حلقات برنامج – أرزة وزيتونة – الذي يبث عبر إذاعة وتلفزيون فلسطين من لبنان وحيث مخيمات اللجوء وحيث يسجل التقدير على فكرة البرنامج خاصة فيما يتعلق بالوصول إلى الفلسطينيين أينما كانوا وربطهم مع الداخل الفلسطيني وحيث لا يزال الاحتلال جاثما على صدورنا !
البرنامج كشف المستور والخطورة في الواقع الثقافي والمعلوماتي والتاريخي للفلسطينيين في الشتات عن الوطن ( فلسطين ) وحيث السؤال المهم والاهم – من يتحمل المسؤولية عن هذا المستوى الخطير !!!فلسطينيون عجزوا عن معرفة عاصمة فلسطين ( القدس ) وعجزوا عن معرفة أهم مساجدها – الحرم القدسي الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وعجزوا عن تسمية ثلاثة أكلات فلسطينية شعبية وعجزوا عن تسمية أسماء خمس مدن فلسطينية وعجزوا عن تسمية أسماء مدن وقرى دمرت وهجر سكانها وهم منها ونرفع أسمائها في احتفالاتنا الكثيرة والمتعددة وهذا ما أكدته وسجلته ووثقته كاميرا تلفزيون فلسطين خلال تسجيل حلقات البرنامج من لبنان وشاهد وتابع ذلك الملايين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين في مختلف أنحاء المعمورة وبالتأكيد تابعه صناع القرار في إسرائيل والذين بلا شك أسعدهم المستوى الثقافي والمعلوماتي للفلسطينيين في لبنان عن فلسطين كيف لا وهم رفعوا كما ذكرت سابقا شعار ( الكبار يموتون والصغار ينسون ) كيف لا وما شاهدناه وتابعناه وسمعناه أكد في بعض الأحيان انه حتى الكبار ينسون !!!
المستوى الثقافي المأساوي والخطير الذي كشفه تلفزيون فلسطين بحاجة إلى سعة الصدر والى وقفة جدية صادقة مع الذات والى مناقشة عميقة ومعمقة وصريحة على كافة المستويات ومن كافة الجهات ، فإسرائيل نجحت بطرقها أو بإهمالنا أو عدم اكتراثنا واهتمامنا بأمور فئوية ضيقة في الوصول إلى هذا الوضع الخطير جدا فهم رفعوا هذا الشعار من اجل شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وطمس الهوية الوطنية الفلسطينية !!
كنا نتفاخر وما زلنا خلال احتفالاتنا اليومية والسنوية – وما أكثرها – والتي كلفت وتكلف عشرات الملايين من الدولارات بمقولات عديدة من بينها أن الكبار ورثوا أبناءهم مفاتيح العودة و جعلوا منها ثقافة تتناقلها الأجيال وان كل جيل يزداد تمسكا بحق العودة عن سابقه ورفعنا مفاتيح البيوت عاليا وأسماء القرى المدمرة ، ورفعنا شعار سنعود ولو بعد حين ورفعنا في احتفالات إحياء ذكرى النكبة والتي تعم كل عام الوطن والشتات شعار كي لا ننسى وأن الشعب الفلسطيني أسقط كل محاولات الشطب والاحتواء وطمس الهوية ولكن للأسف الشديد وعلى ما يبدو ( بدأنا ننسى) ؟؟؟
واحمد الله أن الزميل ماهر الشلبي مقدم البرنامج لم يطرح سؤال عن الثوابت الوطنية التي طالما نتغنى بها على مدار الساعة ولا حتى عن شجرة الزيتون التي تشتهر بها فلسطين ويحمل البرنامج اسمها !!!
كل الأمل في أن يقوم السيد الرئيس محمود عباس بتشكيل لجنة مهنية لدراسة الواقع بمشاركة الجهات الرسمية والتنظيمية والمؤسسات الأهلية والإعلامية والتربوية والثقافية تكون أولى مهماتها وضع خطة إستراتيجية عاجلة شعارها ( يجب أن لا ننسى ) وتكليف سفارات فلسطين المنتشرة في غالبية دول العالم وتكلف خزينة السلطة الملايين من الدولارات سنويا العمل بشكل سريع لتنفيذ هذه الخطة ولا بأس بالتنسيق مع الفصائل حتى وان اختلفنا معها ففلسطين اكبر من التنظيمات واكبر من الجميع كما يتوجب العمل و التركيز على إيصال نسخ وصور المئات من المطبوعات والنشرات والبوسترات التي نقوم بطباعتها سنويا وتكلف أيضا الملايين من الدولارات على اللاجئين في الشتات وعدم اقتصار توزيع وتعليق هذه النشرات والكتيبات والبوسترات خلال المهرجانات والمناسبات وفي مكاتب التنظيمات فقط لغايات أن تكون خلفية للمقابلات الصحفية لمسؤولينا الرسميين والحزبيين ، بل إيصالها لكل بيت ولكل لاجئ في الشتات وفي المنافي من اجل ترسيخ وتعزيز الثقافة الوطنية والتذكير بالتاريخ والأحداث والوقائع الفلسطينية ، كما ويتوجب التركيز على القطاع الشبابي في ظل ثورة تكنولوجيا والمعلومات والاتصالات والتي بدأت تزاحم من خلال اذرعها في طمس الهوية والثقافة الوطنية وحيث وللأسف بات الاهتمام بمسلسل تركي أو مكسيكي أهم من متابعة أي برنامج عن القضية الفلسطينية ولو كلف الملايين ؟؟!!
وأمام هذه الخطة – إن صدقت النوايا وأحسنا العمل – تسقط مقولة ( الكبار يموتون والصغار ينسون ) وتحل مكانها مقولة ( من تبقى من الكبار يتذكرون والصغار سيواصلون ويعرفون ويتذكرون) ؟
الشكر كل الشكر لصندوق الاستثمار الفلسطيني الذي يرعى البرنامج فربما تساهم الجوائز المالية التي تقدم خلاله من الصندوق في تذكير من نسي فلسطين بفلسطين والشكر موصول إلى المشرف العام على الإعلام الرسمي والقائمين على الإذاعة والتلفزيون على قرارهم بالإعداد وتنظيم هذا البرنامج الهام رغم انه كشف المستور . .
سامحوني!!!
* صحفي وإعلامي – مراسل تلفزيون فلسطين بطولكرم
moshadeed@yahoo.com