الاحتلال الاسرائيلي يتحتجز جثامين 25 شهيداً من قطاع غزة منذ العام 1994
غزة- نضال الشعب – ذكر الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتجز جثامين (25 شهيداً) من سكان قطاع غزة الفلسطينية منذ العام 1994، في ما يُعرف بمقابر الأرقام.
ولفت، في تقرير نشره اليوم بهذا الشأن، إلى أن إسرائيل تقر بحجز الجثامين وترفض تسليمها للسلطة الوطنية أو إعادتها لعائلاتهم لدفنها في أماكن خصصت لهذا الغرض.
وأضاف أن هؤلاء الجثامين هم لشهداء من سكان قطاع غزة استشهدوا خلال المواجهات أو بعد تنفيذهم عمليات فدائية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينهم جثامين لـ(16 شهيداً) احتجزت جثامينهم منذ بدء انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 وحتى اندلاع الحرب على غزة، ويعتبروا جزء من مئات جثامين الشهداء والشهيدات المحتجزة لدى سلطات الاحتلال منذ عشرات السنين، ومن كافة المناطق الفلسطينية.
وبيّن فروانة أن احتجاز جثامين الشهداء ومعاقبتهم والانتقام منهم بعد موتهم وحرمان ذويهم من دفنهم، شكَّلت ومنذ بدايات السبعينيات، جزء من سياسة الاحتلال في تعامله مع الفلسطينيين، وانتهجها لإخفاء آثار القتل والتنكيل وربما أيضاً لإخفاء سرقة الأعضاء الداخلية والانتفاع بها بشكل غير شرعي كما أثير مؤخراً، وفي بعض الأحيان استخدمها كورقة للضغط والمساومة ومحاولة للابتزاز.
وأضاف أنه تمكن من توثيق مجمل أسماء الشهداء من قطاع غزة الذين لا تزال سلطات الاحتلال تقر باحتجاز جثامينهم منذ العام 1994 وظروف استشهادهم والبيانات الأساسية الخاصة بهم، بدءً باحتجاز جثمان الشهيد هشام حمد بعد العملية الاستشهادية التي نفذها بتاريخ 11-11-1994 في مفترق مستوطنة نيتساريم جنوب مدينة غزة، ومروراً بالشهيد إبراهيم حسونة منفذ عملية فدائية في تل أبيب في آذار/ مارس 2002.
والذي يعتبر أول شهيد من قطاع غزة تحتجز جثمانه منذ بدء انتفاضة الأقصى، وليس انتهاءً باحتجاز جثمان الشهيد محمد عزمي فروانة الذي استشهد خلال مشاركته في تنفيذ عملية الوهم المتبدد التي أسر خلالها الجندي الإسرائيلي ‘جلعاد شاليط ‘ في حزيران 2006، والتي وصلت بمجملها وفق ما هو موثق لديه إلى (25) جثمان شهيد من سكان قطاع غزة منذ العام 1994 وحتى بدء الحرب على غزة.
وفي السياق ذاته، أشار فروانة إلى أن التعاطي السلبي من قبل قوات الاحتلال أثناء حربها على غزة ورفضها التعاون مع السلطة الوطنية الفلسطينية أو منظمة الصليب الأحمر، حول أسماء وأعداد من اعتقلتهم، وإصرارها على التعامل معهم وفق قانون ‘مقاتل غير شرعي’، وعدم سماحها بوصول طواقم طبية للجرحى والمصابين أثناء الحرب، فتح الباب على مصراعيه أمام العديد من الاحتمالات حول مصير الذين لا زالوا في عداد المفقودين، والذين لا يُستبعد أن يكونوا قد استشهدوا ولا تزال جثامينهم تحت الأنقاض، أو استشهدوا واختطفت جثامينهم، أو اعتقلوا ومن ثم قتلوا ونقلوا إلى ما يُعرف بمقابر الأرقام في ظل أوضاع غير لائقة ومهينة لأبسط القيم الإنسانية.
وكشف فروانة بأن سلطات الاحتلال وفي حالات كثيرة استخدمت احتجاز الجثامين كورقة للضغط والمساومة وبغطاء قانوني وحصانة قضائية، مستحضراً احتجازها جثة الشهيد ‘حسن عيسى عباس’ من غزة الذي استشهد خلال مشاركته في عملية فدائية بالقدس الغربية بتاريخ 9-10-1994، واحتجازها جثة الشهيد صلاح جادالله من غزة الذي أستشهد بتاريخ 14-10-1994 إثر مشاركته في عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي ناخشون فاكسمان، ورفضت تسليم جثماني الشهيدين عباس وجاد الله، وربطت قرار تسليمهما بالكشف عن مكان دفن الجندي الإسرائيلي إيلان سعدون.
وقال: المحكمة العليا الإسرائيلية في ردها على المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أصدرت بتاريخ 12-2-1995 قراراً واضحاً وصريحاً يقضي برفض إعادة جثتي الشهيدين إلى حين الكشف عن مكان دفن الجندي الإسرائيلي إيلان سعدون، وفي أواخر تموز 1996 كشف النقاب عن مكان دفن الجندي سعدون، إلا أن سلطات الاحتلال لم تعد جثماني الشهيدين لذويهم إلا بعد أن إنقضت ثلاثة أعوام من الاحتجاز.
وتابع فروانة ‘في الوقت الذي تُعتبر فيه سياسة احتجاز الجثامين جريمة أخلاقية وإنسانية ودينية وانتهاك فظ للمادة (17) من اتفاقية جنيف الأولى التي تكفل للموتى إكرامهم ودفنهم حسب تقاليدهم الدينية وأن تُحترم قبورهم، فإن سلطات الاحتلال لا تزال تحتجز قرابة (300 جثة) في ‘مقابر الأرقام’ شهداء وشهيدات من جنسيات مختلفة، وتصر على الاستمرار باحتجازهم، وهي بذلك تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي تنتهج هذه السياسة صراحة وعلنية وتصدر أحكاماً باعتقال واحتجاز الجثامين تصل لسنوات طوال’.
وأشار إلى أن احتجاز جثامين الشهداء والشهيدات بشكل عام لا يقتصر على منفذي العمليات الاستشهادية، أو ممن استشهدوا خلال اشتباكات مسلحة، بل احتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي أيضاً جثامين عدد من الشهداء الذين اغتالتهم وحداتها الخاصة، أو ممن توفوا في السجون الإسرائيلية.
وأكد فروانة أن المئات من الجثامين التي أعيدت خلال صفقات التبادل في السنوات الأخيرة كانت متحللة، وتلك التي لا تزال في مقابر الأرقام هي الأخرى تحللت، فيما بعض الجثامين التي أعيدت بعد أيام وفترات قصيرة كانت عليها آثار تشريح وندبة من أعلى الرقبة وحتى أسفل البطن، مما يؤكد على أن هناك أهداف عدة من وراء الاستمرار بسياسة احتجاز الجثامين.
وذكر فروانة أنه تم الكشف في السنوات الأخيرة عن أربع مقابر للشهداء، معظمها داخل أراضي عام 1948، وتحتوي على ‘قبور لا فواصل بينها ومثبت على كل قبر لوحة معدنية أكلها الصدأ وتحمل رقماً لكل قبر وليس فيها ما يدل على هويات ساكنيها سوى وتحمل هذه القبور أرقام ولا يعرف إن كانت هذه الأرقام تسلسلية وحقيقية أم أنها مجرد إشارات ورموز إدارية لملفات خاصة بساكني تلك القبور’، ولهذا أطلق عليها ‘مقابر الأرقام’.