الانتخابات الألمانية: حزب اليسار يواصل انتصاراته و خسائر الكبار تتواصل
بقلم :رشيد غويلب
شهدت انتخابات البرلمان الاتحادي الألماني التي جرت يوم الأحد 27 أيلول تحولات كبيره، فقد أكدت النتائج الأولية التي أعلنت في الساعة السادسة مساء خروج الحزب الاشتراكي الديمقراطي من تحالف الكبار الحاكم ليخلي المكان لتحالف حاكم جديد من المحافظين والليبراليين الأحرار، بالإضافة إلى ذلك فقد شهدت الانتخابات خسارات و هزائم للأحزاب الكبيرة مقابل نجاحات متباينة للأحزاب الصغيرة، فقد مني الاشتراكيون الديمقراطيون بأكبر هزيمة في تاريخهم منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية إذ حصلوا على 23% فقط بفارق يصل إلى 11%، وكذلك الحال بالنسبة للديمقراطي المسيحي، ورغم احتفاظ المستشارة الألمانية برئاسة الحكومة لدورة برلمانية قادمة، إلا أن حزبها الديمقراطي المسيحي خسر 2% مقارنة بالانتخابات السابقة.
الأحزاب الصغيرة استطاعت أن تعزز من مواقعها وخرجت منتصرة في هذه الانتخابات، فقد حقق الليبراليون الأحرار أفضل نتائجهم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بحصولهم على نسبة 14,7%، في حين استطاع الخضر تحقيق تحسن طفيف بزيادة قدرها 1% على نتيجتهم السابقة، وهذه أفضل نتائجهم منذ تأسيس حزبهم في نهاية السبعينات.
أما حزب اليسار الألماني فقد حقق أفضل نتيجة يحصل عليها حزب يساري خارج الاشتراكية الدولية إذ نال كثر من 12%، بزيادة تصل إلى 4% بالمقارنة مع انتخابات عام 2005، محققا بذلك هدفه الانتخابي الأبرز، و بهذا يستمر قطار الحزب بالتقدم على صعيد البرلمان الاتحادي و برلمانات الولايات رغم عمره القصير الذي لا يتجاوز العامين، فقد انبثق الحزب الجديد من اندماج حزب الاشتراكية الديمقراطية الذي خلف الحزب الحاكم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة مع تيار اشتراكي ديمقراطي يساري خرج من الحزب الاشتراكي الديمقراطي احتجاجا على السياسات اليمينية للمستشار الألماني السابق كيهرد شرودر.
خاض حزب اليسار الانتخابات ببرنامج انتخابي يدعو لإيقاف الهجوم على المكتسبات الاجتماعية المتحققة وتعميقها، وشمل البرنامج أربعة عناوين رئيسية: طالب الأول منها بإلغاء القوانين والسياسات التي جاء بها تحالف الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر عام 1998، فيما طالب العنوان الثاني برفض التوجه لتمديد سن التقاعد إلى 67 عاما بدلا من 65 عاما، أما العنوان الثالث فقد طالب بحد أدنى للأجور لا يقل عن 10 يورو في الساعة بهدف وقف تدهور الأجور إلى مستويات لا إنسانية ، في حين اهتم العنوان الرابع والذي ميز حزب اليسار باعتباره حزب السلام في البرلمان الألماني عبر تأكيد مطالبة الحزب المستمرة بانسحاب القوات الألمانية المتواجدة في أفغانستان.
سيكون تأثير نتائج هذه الانتخابات كبيرا على الاشتراكيين الديمقراطيين الذين سيتوجب عليهم مراجعة تبنيهم للسياسات اليمينية منذ عام 1998، و ستكون هذه النتائج فرصة للجناح اليساري لتقوية تأثيره داخل الحزب مما يفتح الأبواب للتقارب بينهم و بين حزب اليسار الصاعد، ويؤكد صحة سياسة حزب اليسار المبنية على ممارسة الضغط للحد من انزلاق الاشتراكيين الديمقراطيين نحو اليمين، كما إن هذه النتائج ستفتح الأبواب أمام التحالف بين حزب اليسار والخضر والاشتراكيين الديمقراطيين على صعيد الولايات، وبهذا يتأكد فشل الحرب الآديولوجية الداعية لمحاصرة حزب اليسار و عدم إشراكه في التحالفات الحاكمة.
وبالتوازي مع الانتخابات الاتحادية جرت في نفس اليوم انتخابات برلمانات ولايتي براندن بورك و شليسلش هول شتاين، و في كلتا الولايتين حقق حزب اليسار نتائج كبيره، إذ حصل في الولاية الأولى على 27% محتلا الموقع الثاني، ودخل لأول مره برلمان الولاية الثانية بحصوله على 6%، وهي الولاية السادسة في غرب ألمانيا التي ينجح الحزب في دخول برلمانها خلال عامين فقط.