شهدت الأيام الماضية توقيع أتفاق المصالحة بين حماس وفتح بحضور كافة الفصائل الفلسطينية وبرعاية مصرية ، وعن أبعاد هذا الاتفاق وتداعياته كان لنا هذا الحوار مع د.أحمد مجدلاني الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية:
ما هي الأسباب من وجهة نظرك التي أدت إلى توقيع أتفاق المصالحة في هذا الوقت رغم الفشل في المرات السابقة ؟
الواقع أن توقيع هذا الاتفاق يرجع إلى المناخ العربي الذي خلقته الثورات العربية بصفة عامة وثورة 25 يناير بصفة خاصة والتي خلقت واقعا إقليميا وعربيا جديدا كان له تأثيره وتداعياته المباشرة على الوضع الفلسطيني حيث أقنع قادة حماس أن الرهان على الوضع الإقليمي لا يمكن أن يكون رهانا صحيحا وأنه لابد من الرهان على المصالح الفلسطينية لتحقيق مصالحة وطنية تحقق مصلحة كل الأطراف .
ولكن البعض يرى أن صعود حركة الإخوان المسلمين في مصر يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التصلب في موقف حركة حماس ؟
هذا كان واحد من التقديرات والتي كانت ترى أن انتقال الإخوان المسلمين من عدم الشرعية إلى الشرعية السياسية ربما يساعد حركة حماس ولكن ثبت أن سياسة مصر بغض النظر عمن يحكمها هي سياسة تعبر عن المصالح الحيوية والإستراتيجية للأمة العربية، وأيضا المصالح الوطنية المصرية، وأن القضية الفلسطينية تشكل جزءا أساسيا من الأمن القومي المصري ومن هذا المنطلق فإن التزامات مصر تجاه القضية الفلسطينية يفرض عليها عدم دعم طرف فلسطيني على حساب الأخر بقدر ما هو تبني القضية الفلسطينية في مجملها على اعتبار أنها قضية شعب وجزء من الثقافة الوطنية المصرية .
ولكن ألا ترى أن الأحداث التي شهدتها سوريا مؤخرا كان لها تأثيرا على قرار حماس باعتبار أنها كانت تشكل دعما أساسيا لها ؟
بدون شك إن لم يكن هذا سرا فإن هناك تحالف بين دمشق وحزب الله وحماس وسوريا فيما يسمى بجبهة الممانعة والمقاومة وبالقطع فإن حدوث اهتزازات في سوريا بفعل ما حدث في مصر كان لها دورها في إقناع حماس باتخاذ تلك الخطوة والتوقيع على الورقة المصرية التي رفضت حماس منذ عام 2009 التوقيع عليها وبالتالي فإن الذي تغير هو موقف حماس وليس موقف مصر والفصائل الأخرى .
وهل ترى أن رحيل نظام مبارك أيضا كان له تأثير على قرار فتح بتقديم تنازلات ؟
لا أريد أن احمل كل المسئولية للنظام السابق ولكن ربما التغيير الذي حدث في مصر أعطى نوع من الاطمئنان لحركة حماس بأن النظام الجديد ربما يقع على نفس المسافة بين فتح وحماس رغم أن نفس طاقم المفاوضات الذي أدار المفاوضات هو نفس الطاقم الذي تفاوض معنا من قبل ولكن الأمر يتعلق بالمناخ الجديد الذي نشأ في مصر بالإضافة إلى المتغيرات في سوريا والمتغيرات الإقليمية الأخرى كل هذا كان له تأثير في صنع القرار الذي أقدمت عليه حماس .
وما هي ملاحظاتكم على الاتفاق الذي تم التوقيع عليه ؟
عندما وقعنا على الاتفاق اشترطنا أن تؤخذ ملاحظاتنا الواردة في الرسالة المقدمة من جانبنا إلى السيد الوزير مراد موافي رئيس المخابرات عند تطبيق الاتفاق وهذه الملاحظات تتلخص في أولا يتعلق بالنظام الانتخابي حيث اعترضنا أن يكون النظام الانتخابي نظاما مختلطا وطلبنا أن يكون النظام تمثيل نصفي بالكامل مثله مثل انتخابات المجلس الوطني والمحليات والجامعات والنقابات، ثانيا إن تشكيل الحكومة ليس شأنا خاصا بحركة فتح وحماس بل يجب أن تشارك فيه كافة الفصائل من خلال اختيار رئيس الحكومة والوزراء ، ثالثا اعترضنا على أي صيغة للمحاصة في أجهزة الأمن، وطلبنا أن يكون تشكيل أجهزة الأمن على أساس الانتماء الوطني وليس الانتماء الحزبي وفقا لقانون قوى الأمن في فلسطين حتى لا يتكرر نفس الوضع السابق ، رابعا اعترضنا على ثقافة المحاصة في هذا الاتفاق لأنه يجب فتح الباب أمام إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية واحترام القانون والشرعية وإذا كنا سوف نحتكم لصندوق الاقتراع فلا داعي إذا للمحاصة بين الفصائل حتى لو كنا طرفا فيها .
وهل ترى أن تلك الثغرات يمكن أن تؤدي إلى فشل للاتفاق الجديد ؟
نحن حذرنا من هذا الموضوع ولذلك سجلنا ملاحظاتنا استنادا إلى التجارب المريرة السابقة وقلنا أنه يتعين أولا وقبل كل شيء الابتعاد عن المحاصة والتوافق الوطني بقدر المستطاع من أجل بناء النظام السياسي لأننا الآن نمر بمرجلة انتقالية وخلال هذا العام علينا أن نعد البنية التحتية وكل ما يمكن من اجل الذهاب إلى الانتخابات للاحتكام لصناديق الانتخابات ،ونرى أن العامل الأخر الذي يضمن تنفيذ الاتفاق هو أن لا يقتصر الدور المصري على رعاية الاتفاق ولكن ضمان تنفيذه من خلال وضع آليات وجداول زمنية للتطبيق في كل مرحلة من المراحل حتى يمكن إنجاز كل القضايا التي أمامنا في غضون هذا العام حتى نذهب إلى الانتخابات .
وهل وجدتم تفهما من المسئولين المصريين لتلك الملاحظات ؟
هذا ما طرحناه بوضوح ووجدنا تجاوبا ولكن يجب أن يترجم هذا التجاوب بآليات واضحة وهذا ما سوف نناقشه مع القيادة المصرية .
وما هو الدور الذي يمكن أن تقوم به جامعة الدول العربية في تلك المرحلة ؟
الجامعة العربية يمكن أن تشكل مظلة سياسية وراعية للاتفاق كما انه يمكنها أن تحشد موقفا عربيا يمكن أن يشكل سياجا للاتفاق وحاميا له في وجه الضغوط والابتزازات الأمريكية والإسرائيلية
وهل ترى أن اختلاف الموقف السياسي للسلطة والجانب الأوروبي والأمريكي من جهة وحماس من جهة أخرى هو الاعتراف بإسرائيل يمكن أن يشكل عقبة في المرحلة القادمة ؟
الحكومة المشكلة انتقالية وليست حزبية تتكون من الكفاءات الوطنية المستقلة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وهذه الحكومة يمكن أن تحمل برنامجا سياسيا بمؤازرة حكومة سليم فياض يستجيب لمتطلبات المرحلة الحالية وفي ضوء نتائج الانتخابات القادمة فسوف تتشكل حكومة جديدة ويتم انتخاب رئيس جديد وفق موازين القوى التي أفرزتها صناديق الانتخابات وعلى ضوء ذلك سوف تحدد الحكومة المنتخبة برنامجها وحتى يحدث هذا فغن علينا أن نحشد كل قوى المجتمع الدولي خلفنا لتحقيق مطالبنا نحو إنهاء الاحتلال .
وما هي البدائل المطروحة أمامكم في ظل وصول عملية السلام إلى طريق مسدود والانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل ؟
إسرائيل لا يمكن أن تستمر دولة فوق القانون وإذا كانت تحظي الآن بالحماية السياسية والدبلوماسية من جانب الولايات المتحدة فإن الولايات المتحدة لا تستطيع طوال الوقت استخدام حق الفيتو في جميع المؤسسات وهناك آليات أخرى يمكن أن نلجأ إليها من اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل الحصول على الاعتراف الدولي بشرعية الدولة الفلسطينية على حدود عام 67 .
في ظل التوجه لتطوير منظمة التحرير ، ما هي رؤيتكم لكيفية تطوير المنظمة ؟
دعنا نعترف أن منظمة التحرير ونحن جزء فعالا وأساسيا فيها تحتاج إلى إعادة النظر في بعض الجوانب ونرى أن عملية التطوير يجب أن تتم على قاعدة الديمقراطية والاحتكام لصناديق الاقتراع وأن يحدث هذا من داخل المنظمة ومؤسساتها وليس من خارجها وليس كشرط مسبق للدخول فيها وحتى تجري انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني ستشكل لجنة من الأمناء العاملين لفصائل القوى السياسية إلى جانب اللجنة التنفيذية هذه اللجنة لها مهام محددة في إدارة الشأن السياسي العام دون أن يمس ذلك بصلاحيات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وخلال هذا العام ستمارس تلك اللجنة دورها السياسي إلى أن تحدث انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة وإعادة تفعيل وتطوير كل مؤسسات المنظمة بعد ذلك يمكن أن نتحدث أن المنظمة فتحت الأبواب لمشاركة كل القوى السياسية وبدون استثناء.
حوار خاص أجراه الزميل الصحفي في القاهرة مصطفى عمارة