نتشارك بالهموم والقلق ، في حين يشاركنا مجلس الوزراء اسبوعيا قلقهم على البطالة المتزايدة ، يتذمر القطاع الانتاجي من نقص حاد بالعمالة المحلية، ونزوح العمالة نحو الغرب والشرق ، للعمل في منشأت صناعية واعمال بناء في المستوطنات المقامة على الأرض الفلسطينية والداخل المحتل.
نعاني من التزايد المتصاعد في عملة الشيكل ، ويشاركنا المسؤولين في الحكومة وسلطة النقد الهم ، التكدس في عملة الشيكل، ويطالبون ويشجعون القطاع الخاص التحول نحو الادوات الرقميه والنظام الرقمي ، فأين الشمول المالي؟ وماذا قد أسسنا لتوفير الحلول الرقمية ولخلق قاعدة مهيئة ” للشمول المالي”
إن التحوّل الرقمي يقوم بتسهيل إمكانية الحصول على الائتمان والخدمات المالية مما يساعد على إخراج الناس من الفقر المدقع. ويقوم الشمول المالي بإتاحة الفرص للمزيد من الأشخاص لكي يقوموا بإنشاء مشروعاتهم الخاصة وكسب دخل ثابت. فالفقراء في العالم يعيشون ويعملون حاليًا في نطاق ما يعرف بالاقتصاد غير الرسمي، فهم لا يمتلكون حساب ادخار أو بطاقة خصم أو ائتمان، لكنهم يعتمدون على الطرق غير الرسمية لإدارة الأموال. كما أن المطلوب من المؤسسات العاملة في هذا المجال ان تشارك خبرتها بنقل المعرفة بين صفوف المواطنين في ماهية ادارة الائتمان وتطوير أعمالهم الخاصة.
هل نحن بحاجة الى من نتشارك معه بالهموم والقلق المستمر، فالامين العام للأمم المتحدة يشاركنا القلق الدائم على وضعنا كفلسطينيين ولا يعمل شيئاً ، اعتقادي المتواضع ان مهمة الحكومة والسلطات الاخرى إزالة ذاك الشعور بالقلق واستبدالة بشعور السعادة والانجاز، ولسنا بحاجة الى شمول مالي فقط نحن بحاجة الى شمول اجتماعي واقتصادي يمنح للمواطن ذاك البريق من الأمل الذي افتقده على مدار السنين الماضية.
مئات التخصصات التي تدرسها الجامعات الفلسطينية وهي السبع جامعات الرئيسية بفلسطين ومن المفترض ان تقدم الجامعات الخاصة والتقنية تخصصات جديدة متنوعة لكي تتجاوب مع التغير الممنهج في طبيعة الاحتياجات في سوق العمل الا اننا نجد ان معظم تلك الجامعات تتشاور في التخصصات وتتنافس بالأسعار . اكثر من 40ألف شخص تم قبولهم في الجامعات ، وفي المقابل سوف نستقبل الآلاف من الخريجين، في نفس التخصصات، وكل هذا يقول اننا امام طوفان بشري، من الخريجين، والقلق ما زال يخيم على تصريحاتنا والعائلات الفلسطينية تعاني من نقص بالدخل وزيادة بالالتزمات .
وتشير الإحصائيات التى تم اجراؤها مؤخراً بفلسطين إلى أنه بالإضافة إلى الفئات المستبعدة من النظام المصرفي؛ يوجد ما يزيد عن 50 الف من المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي لا توجد لديها إمكانية الوصول إلى الخدمات البنكية. ولذلك، فإن التحوّل الرقمي يساعد المؤسسات التي تقدم الخدمات المالية لمحدودي الدخل بأن يكون لديها البيانات الصحيحة وميزة تنافسية من خلال ضمان وقت أسرع للوصول إلى السوق وتوفير منتجات مصممة خصيصا لعملائها.
الفرصه تحاكى الواقع ، والفرصه قد تجمع شمل ثلاث عناصر رئيسية بمعادلة الحل عن البطالة :- النقلة الى التحول الرقمي ، وتهيئة المؤسسات التعليمية ببرامج نوعية تخدم هذا التغيير وتهيئة البنوك نحو الشمول المالي، فقد اشارات ابحاث حديثة بوجود فرص هائلة بالمنطقة العربية تتعلق بشكل رئيسي بالسوق الضخمة غير المستغلة. ومن المتوقع أن تتوسع وتتطور بسرعة في المستقبل. ووفقا لأحدث التقارير حول وضع التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ؛ هناك أربع فرص رئيسية لنمو التكنولوجيا المالية في المنطقة. هناك حوالي 86% من البالغين في المنطقة ليس لديهم حساب بنكي حتى الآن، ونسبة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لا تتعدى نصف متوسط النسبة العالمية. كما ان حجم التجارة الإلكترونية من المتوقع أن ينمو بأربعة أضعاف خلال السنوات القليلة المقبلة. ووفقا للتقرير، يوجد واحد من كل اثنين من عملاء البنوك مهتمّ بالخدمات الرقمية الجديدة وهذه فرصة أخرى يجب دراستها. وقد لا نختلف فلسطينيا بمؤشرات نسبة الاشخاص الذين يستخدمون البنوك بمعاملاتهم اليومية ، ولديهم حساب بنكي وندني نسبة استخدام بطاقات الإئتمان كوسيلة للدفع.
وبما أن الحكومة عاجزة عن استيعاب مزيدمن الموظفين ، وديونها العامة يتزايد وتعاني من عجز مالي عالي، في ظل التراجع المستمر من قبل الدول الداعمة والمانحة ، فيأتي الدور المركزي للقطاع الخاص الذي يستطيع ان يقود هذا التحول باستثمارات، لكن يعاني هذا القطاع من الحوافز الذي طالما تطرقنا لها مراراً بمقالاتي السابقة ، مع إعادة التاكيد ان الحوافز ستنعكس على معدلات البطالة السائدة ، والتشجيع على الاستثمار سيزيد الاقتصاد الفلسطيني قوة وتمكننا وسيمنح خزينة الدولة من الضرائب دخلاً اعلى ، بدلاً من ان قيمة الاستحقاق الضريبي في فلسطين تصل الى 3 مليار شيكل وتحصل السلطة حالياً فقط 1/3 المبلغ، وتعاني السلطة من عجز مالي يفوق القدرة على السداد من عائدات الضرائب ، فمن الذي يملك القدرة على تصفيف مكعبات الليجو لكي نرى الصورة الجميلة للوطن .
البعض، عندما تنصحه أن يغيّر اهتماماته غير الناضجة، والتي لا تتواكب مع متطلبات المستقبل، أو عندما تحث أحدهم على التغير الإيجابي، بل عندما تواجه أحدهم مشكلة ما، وتحثه على تغيير روتين يومه، تفاجئك ردود فعل رافضة لفكرة ومبدأ التغيّر والتبدّل، فهل نحن مستعدون لمبدأ التغيير، وهل نرتكز على مبدأ علمي في التغيير ، ام نعتمد على ازلة الستار ، الذي قد ازالة دول اخرى؟
أود بهذا السياق ان اقدم حزمة من النصائح لسلطة النقد والمؤسسات المالية التي تستعد للدخول للعالم الرقمي:-
اولاً:- تشجيع تطوير المنتجات المالية المبتكرة ومنخفضة التكلفة :- على واضعي السياسات إنشاء أطر تنظيمية تشجع على تطوير المنتجات المالية المناسبة مثل الحسابات المصرفية الأساسية والتأمين متناهي الصغر،
ثانياً:- على كبار المديرين التنفيذيين الاقتراب أكثر من عملائهم وأن يفهموا احتياجاتهم بشكل أعمق.
ثالثا:- بناء بنية أساسية لتكنولوجيا المعلومات مفتوحة وقابلة للتطوير والتوسع. إن الأمر لا يتعلق فقط بالخصائص التشغيلية للنظام؛ بل يتعلق أيضا بمدى توافق بنية وتصميم النظام والقدرة على الاتصال و/أو الاندماج بسهولة مع الأنظمة الأخرى
رابعاً:- حماية المستهلكين :- من الضروري حماية المستهلكين من التعرض للضرر من مقدمي الخدمات المالية، وأن يتم التعامل معهم بشكل عادل، مع تزويدهم بمعلومات واضحة تساعدهم في اتخاذ القرارات المناسبة.
خامساً: تسهيل استخدام التكنولوجيات ودخول المؤسسات المبتكرة:- هناك حاجة إلى وضع إطار قانوني وتنظيمي واضح للسماح بوجود التكنولوجيات الجديدة والمؤسسات المبتكرة مثل شركة التجارة الإلكترونية “علي بابا”.
سادسا:- خلية العمل التى يجب ان تتكامل بين الجهات التالية: سلطة النقد، وزارة العمل، ووزارة الاقتصاد والريادة والقطاع الخاص.
وفي الختام إنه وبالرغم من النظرة السوداوية التي تسود لدى بعض الأفراد عمّا يحدث في وطننا ، فإنني متفائل، وسأظل كذلك… دائماً!
مستشار اقتصادي دولي- وشريك بصندوق المبادرات الناشئة- فاستركابتل /دبي