التوتر الامني في لبنان ينعكس على الفلسطينيين وحزب الله يلمح الى تورط مخيم برج البراجنة

2013/08/26
Updated 2013/08/26 at 11:56 صباحًا

مخيم برج البراجنة –لبنان/  تواجه المخيمات الفلسطينية في لبنان، ذات المزاج المؤيد للمعارضة السورية، معضلات أمنية جديدة، تضاف إلى الصورة النمطية المأخوذة عنها بوصفها بؤرا أمنية خارجة عن سيطرة الدولة، وذلك بعد اتهام عناصر فلسطينية، يرتبط بعضها بحركة “حماس”، بالضلوع في مجموعة من العمليات الأمنية، أبرزها تلك التي شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، بدءا من إطلاق صاروخين عليها شهر مايو (أيار) الماضي، مرورا بمتفجرة بئر العبد وصولا إلى انفجار الرويس، قبل أكثر من أسبوع.

ورفعت إشارة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في إطلالته الأخيرة قبل أسبوع، إلى تورط فلسطينيين في العمليات الإرهابية، من منسوب التوتر في المخيمات، لا سيما مخيم برج البراجنة، الواقع جغرافيا في منطقة نفوذ حزب الله في الضاحية ويبعد نحو 500 متر عن مكان الانفجار. علما بأن تسريبات أفادت بأن سيارة بئر العبد، التي انفجرت الشهر الماضي، داخل مرآب للسيارات، من دون أي خسائر بشرية، تم إعدادها في المخيم.

وفي حين يعد مخيم برج البراجنة الأقل توترا من بين المخيمات الفلسطينية الكبرى في لبنان ولا يخضع الدخول إليه لإجراءات أمنية مشددة، على غرار معظم المخيمات الأخرى، تغيرت الصورة الأمنية اليوم، وهي تبدو غير مألوفة بالنسبة لأهاليه الذين لم يعتادوا أن تدخله القوى الأمنية أو تطوقه حواجز الجيش اللبناني، باعتباره يقع ضمن نطاق أمن الضاحية. إجراءات تدفع أبو محمد وهو لاجئ فلسطيني مسن، إلى وصف المشهد بـ”المخجل”، قائلا: “كلما دق الكوز بالجرة، يقولون إن الفلسطيني هو السبب، بتنا نجد أنفسنا محط اتهام من دون وقائع منطقية يستند إليها”، قبل أن يتابع سيره وهو متكئ على عكازه القديم، داعيا الله أن يخلصه من “الواقع المرير” الذي يعيشه.11

على طريق المطار لناحية المخيم، كلاب بوليسية وعناصر مدنية تضع شارات حزب الله الصفراء تتولى عملية التدقيق في وجوه المارين وهوياتهم. وعلى بعد أمتار قليلة من مداخل المخيم، تواكب عناصر القوى الأمنية عملية التفتيش والتدقيق في هويات الخارجين والداخلين إلى المخيم.

الوضع الأمني المتوتر على تخوم المخيم استدعى استنفار اللجنة الأمنية المسؤولة عن حماية أمن المخيم. تشكلت اللجنة منذ 6 سنوات وتتألف من فلسطينيين وثالث من حزب الله ورابع من “حركة أمل”، يتم التنسيق فيما بينهم ووضع خطط أمنية لضبط الوضع الداخلي للمخيم. ويؤكد رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في بيروت، رأفت مرة، لـ”الشرق الأوسط”، أن “اجتماعات دورية، أسبوعية وشهرية، تجرى مع قيادات بارزة من حزب الله من أجل بحث التطورات، خصوصا أننا ضمن نطاق سيطرتهم”، لافتا إلى أن “الاجتماع الأخير حصل قبل أسبوع من تفجير الرويس”، منتصف الشهر الحالي.

ويكرر استنكار حركة “حماس” للتفجيرين اللذين استهدفا الضاحية الجنوبية، ويقول: “حذرنا من فتنة طائفية خطيرة تحاك للبنان، واجتمعنا مع كافة القوى السياسية والحزبية للتأكيد على تحييد الوجود الفلسطيني عن الصراع اللبناني الداخلي، كما أكدنا في وقت سابق تحييد المخيمات الفلسطينية كافة عن الصراعات العربية الداخلية”. ويوضح أن “هدفنا فلسطين وعدونا إسرائيل وحلفاؤها فقط”، مشيرا إلى أنهم “حاولوا التلاعب بنا وممارسة الضغط علينا من أجل الاصطفاف مع فريق سياسي ضد آخر، إلا أننا رفضنا ذلك من أجل الحفاظ على قضيتنا المقدسة”.

ويقول القيادي الفلسطيني: “وردت اتهامات للمخيم بحماية أحد الأفراد المتهمين بإطلاق الصواريخ ويدعى علاء الدين محمود ياسين، لكن المفارقة أن هذا الشخص موجود بمخيم الراشيدية في مدينة صور(جنوب لبنان) ولا علاقة لنا به مطلقا”. ويشدد على أن “أي مذكرة توقيف رسمية من الجيش اللبناني بحقه لم تصلنا بعد”، موضحا أنه في “حال اكتشفت مشاركته في الإساءة إلى أي طرف لبناني سنقوم بتسليمه إلى القوات الأمنية اللبنانية لأن حركة حماس حركة جهادية بوجه إسرائيل وليس لبنان”.

ويؤيد مسؤول رفيع في حركة “حماس” ما جاء على لسان مرة، مؤكدا أن “المتهم علاء الدين متوار عن الأنظار منذ اكتشاف تورطه وطلبت منا قيادة الجيش إعطاءها معلومات عن الأماكن التي يقصدها لتسهيل عملية القبض عليه للتحقيق معه على خلفية إطلاق الصواريخ”. ولم يستبعد القيادي ذاته أن “يكون الأشخاص المتهمون بارتكاب جنايات وأعمال تخريبية مماثلة من مدمني المخدرات الذين يتم استغلالهم وتوريطهم للإساءة إلى صورتنا كلاجئين فلسطينيين”.

ويزيد التوتر الأمني من تردي الوضع في مخيم برج البراجنة، الذي يعيش أهله ظروفا إنسانية صعبة، ويستضيف اليوم بعد تدفق اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إليه نحو 30 ألف نسمة، بينما تتجاوز نسبة البطالة فيه عتبة 60%. هذه النسبة المرتفعة من البطالة تزيد من إحباط المقيمين به لا سيما الشباب منهم، في ظل غياب الدولة اللبنانية والجهات المعنية بشكل كامل.

محمد، أحد شبان المخيم، يبلغ من العمر 17 سنة ويتولى إعالة عائلته بعد وفاة والده بسبب إصابته بمرض السرطان وعدم تمكن العائلة من تكبد مصاريف علاجه، تعرض في وقت سابق لإصابة برجله بعد أن حاول نشل هاتف جوال يعود لأحد المارة في شارع طريق المطار. يروي لـ”الشرق الأوسط” بؤس الواقع الذي يعيشه في المخيم: “نحن فقراء لا نملك المال للطعام، كنت أقصد الجوامع لأشحذ سعر رغيف الخبر لأمي وأختي الصغيرة، بعد أن تركت العلم مبكرا بسبب عدم تمكن أهلي من دفع أقساط تعليمي ولم أفلح في أي عمل”. ويتابع ضاحكا: “حتى السرقة لم أفلح فيها وتعرضت لحادث سير مع أول محاولة”.

اليوم، يخرج محمد من منزله صباح كل يوم ليبيع الخضار على عربة متنقلة، بعد أن تودعه أخته الصغيرة فرح من شرفة المنزل حزينة لعدم موافقته على اصطحابها معه إلى العمل وتفويت الفرصة عليها للتنقل على العربة والمرح واللهو. تبقى في المنزل وتمضي وقتها في أزقة المخيم وهي تلهو بالنفايات المكدسة على جوانب البيوت.

يشترك مخيم برج البراجنة، الذي يبعد نحو كيلومترين عن مطار بيروت الدولي، مع باقي المخيمات في حالة البؤس والحرمان التي يعيشها أهله. يقول مرة إن المخيم “محروم بامتياز” لعدم توافر الاحتياجات الضرورية للعيش عيشة كريمة. يقول إن “الكهرباء لا تزور بيوت المخيم إلا نادرا والمياه كذلك، بينما مشفى حيفا هو الوحيد المتأهب لمعالجة المرضى في المخيم ضمن إمكاناته المحدودة”.

ولا يتجاوز معدل دخل اللاجئ الفلسطيني في المخيم 300 دولار أميركي. ويعاني الشاب الفلسطيني مشكلة جوهرية، وفق مرة، هي “التأخر في الزواج لعدم وجود مسكن يقطنه ويبني فيه عائلته”، حتى إنه يقول: “لا مكان لدينا لدفن الموتى، إذ إن هناك متسعا لثلاثين قبرا فقط”، مذكرا بأنه “طالبنا الحكومة اللبنانية بفتح مخيم جديد لكن أحدا لم يستجب لمطالبنا”. وينهي حديثه بسخرية وابتسامة قائلا: “حتى الموت ليس سهلا على الفلسطيني في لبنان”.

القدس دوت كوم.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً