اذار … والنصف الممتليء من الكأس بقلم : سمر شاهين

2010/03/05
Updated 2010/03/05 at 11:57 صباحًا

آذار.. والنصف الممتلئ من الكأس

 بقلم :سمر شاهين

ماجستير في قضايا المرأة الفلسطينية 

   شكلت المرأة الفلسطينية ولم تزل العنوان الأبرز لمناهضة الاحتلال الإسرائيلي، في كافة الإجراءات والقرارات التي يتخذها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وذلك بتصديها له من خلال تربية النشء الفلسطيني على حب الوطن .

 كما وشكلت ولم تزل نقطة تقاطع بين الأسئلة الكبرى، التي أثيرت على مدار تاريخ القضية الفلسطينية برمتها، ليس بسبب حجمها المساوي لحجم الرجل في المجتمع الفلسطيني، وفق الاحصاءات الرسمية ، ولكن بسبب الموقع المهم الذي تحتله في تكوين هذا المجتمع، إضافة إلى الدور الذي تلعبه في تحقيق الرفاه والتنمية.

   ولم تتردد المرأة الفلسطينية في الانخراط في العمل الوطني الفلسطيني من أجل الخلاص من الاحتلال، وتحرير فلسطين ومقدساتها، ,وذلك من خلال اندفاعها بقوة إلى ساحة النضال بشكليه السلمي والمسلح منذ بدء الانتداب البريطاني، ولقد شكل أول اتحاد نسائي فلسطيني عام 1921 بهدف مناهضة الانتداب البريطاني، والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني، وفي العام 1948 أسست بعض النسوة في يافا فرقة باسم “زهرة الأقحوان”، وهي فرقة نسائية سرية لدعم الثورة بالتحريض، وتزويد الثوار بالأسلحة والتموين .

   وتأثرت المرأة كالرجل نتيجة لنكبة 1948 مما عزز لديها شعور الانتماء للوطن، وضرورة النضال من أجل الخلاص من الاحتلال، وبعد حرب حزيران عام 1967 واحتلال باقي فلسطين.

   و أحدثت المرأة الفلسطينية نقلة نوعية في طبيعة ونوعية مشاركتها في النضال، فهي جزء من الشعب العربي الفلسطيني، واجهت ما واجهه أبناء الشعب الفلسطيني من ظروف قاسية وصعبة جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يستثنِ المرأة من ممارساته القمعية طيلة سنوات احتلاله فلسطين.

   وأسست العديد من الاتحادات النسائية، كما انخرطت في صفوف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية المقاومة، وشاركت فيها بشكل فاعل، وكان لها دور بارز في كافة الأنشطة النقابية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وشهد لها بدور فاعل خلال الانتفاضة الأولى، وفي عملية البناء التي تلتها.

   وقد برز دور المرأة من خلال نضالها المشترك مع الرجل، وعبر نضالها الاجتماعي الذي تكرس عبر المنابر والدراسات وحملات الضغط والتوعية والمؤتمرات التي نادت بحقوق المرأة، والاعتراف بها كعنصر مهم في الحياة، فالنهضة الوطنية لا يستطيع الرجل القيام بها منفردا سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي، لذا فإن تمكين المرأة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا هو شرط أساسي لقيام نهضة وطنية وتنمية شاملة.

   و تمكنت المرأة الفلسطينية من أداء دور كبير في خدمة كافة شرائح المجتمع الفلسطيني قبل مجيء السلطة الفلسطينية وعقب اتفاق أوسلو، حيث أنشأت العديد من المؤسسات النسوية التي ساهمت في تعزيز دور المرأة في المجتمع، وتمكينها من النهوض بواقع أسرتها، والحفاظ عليها في ظل الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع.

   وخطت المرأة الفلسطينية خطوات واسعة كعنصر إيجابي في المجتمع، خاصة بعد أن أصبحت تتمتع ببعض من حقوقها لاسيما على المستوى القانوني، حيث لا يمكن إغفال التعديل الذي لحق بقانون الأحوال الشخصية، والذي يعد أحد العوامل الإيجابية في مسيرتها للحصول على حقوقها.

   ولا شك بان  استثمار قدرات المرأة وتمكينها يعتبر أفضل السبل للإسهام في النمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي على حد سواء  ولكي تستطيع المرأة المشاركة في هذه العملية التنموية، فلا بد من تمتعها بكافة حقوقها بما فيها إبداء الرأي، وطرح قضاياها بقوة عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، خاصة وأن قضايا المرأة تكتسب اليوم مفاهيم أكثر شمولاً وعمقاً، فلم تعد مجرد قضية مساواة مع الرجل تبررها قدرة المرأة ومؤهلاتها، وإنما باتت تنطلق من كون المرأة إنساناً كاملاً له حقوقه واستقلاليته وحريته وقدرته على العطاء بغض النظر عن وضع الرجل ودونما مقارنة معه.

   فالمرأة الفلسطينية اليوم لا تزال غائبة بدرجة كبيرة عن جميع مستويات صياغة السياسات، وصنع القرار على الرغم من أن العالم عرف المرأة الفلسطينية على ارض الواقع، وعبر وسائل الإعلام، وهي تقوم بدورها النضالي في مجابهة الاحتلال وغير عابئة به، ولكن المرأة التي عرفت كل أشكال النضال، وكفل لها الدستور حق المساواة مع الرجل لم تقف مكتوفة الأيدي أمام المتغيرات السياسية، ففي عام 1996-2006 خاضت تجربتي الانتخابات التشريعية، وقبلها دخلت الانتخابات البلدية، وأحرزت فيها نتائج متقدمة، إلا انه هذه النتائج لم تنعكس جليا على تحسين واقع المرأة فكم نائب تمكنت من تحقيق انجازات تصب في صالح النساء أم أنهن كن ومازلن يتحدثن بلسان حزبهن السياسي!.

  وتعيش اليوم أزمة حقيقية، تؤثر سلباً على واقع الحركة النسويه جراء عدم التعاطي معها بصورة فاعلة، سواء من قبل أصحاب القرار أو ذوي الاختصاص، إضافة إلى غياب استراتيجيه فاعلة للحد من التأثيرات السلبية الناجمة عن المتغيرات السياسية المتلاحقة على الساحة الفلسطينية.

  أما آن للفصائل والقوى الفلسطينية مجتمعة أن تعترف بحقوق المرأة كافة وتعمل من اجل إحقاقها، وتساهم في وضع الخطط التي من شانها أن تنهض بواقع المجتمع بصورة عامة والنساء بصورة خاصة ، أم أن معشر النشاء لا يجد مكان على قائمة الأولويات لديهم؟!  

  ويحط آذار رحاله ولا تزال المرأة الفلسطينية تعاني الأمرين احدهما ناجم عن الاحتلال الإسرائيلي وممارساته و الانقسام بين شطري الوطن وتداعياته إضافة إلى الانتهاكات التي تمارس بحقها من قبل المجتمع ذاته حيث ازدياد حالات القتل على ما يسمى “شرف العائلة” ، وحرمان الكثيرات من حقهن في الميراث والتعليم والعمل إضافة إلى المشاركة السياسية الفاعلة  والسؤال الذي يرواح مكانه إلى متى ستبقى المرأة الفلسطينية ضحية لهذا الواقع الذي أدى إلى تراجع حقيقي في دورها بالنهوض بواقع مجتمعها ووطنها؟! لعل آذار القادم يجيب عن جملة من التساؤلات التي مازالت ترواح مكانها لأنها ليست وليدة اللحظة ولكنها تراكمت مع تراكم وازدياد هموم المرأة الفلسطينية .

 

 

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً