ألا يملّ المصريون؟؟؟ بقلم :اماني القرم

2018/07/25
Updated 2018/07/25 at 8:25 صباحًا


ربما يكون موضوع الانقسام والمصالحة هو أكثر المواضيع مللاً وخيبةً بالنسبة للفلسطينيين بسبب الإخفاقات المتتالية التي حظي بها، وانعكاساته السلبية على ثقة الفلسطيني بنفسه وصورته كمناضل وصاحب قضية حق في العالم.
وبعيداً عن ملابسات وحيثيات الموضوع فلسطينياً، ما يثير التعجب هو الإصرار المصري على بذل الوقت والجهد وتكرار المحاولات لطي هذه الصفحة المخجلة من تاريخ الشعب الفلسطيني، رغم أن النتيجة ما تزال صفراً يزداد تربيعه وتكعيبه مع كل محاولة. ورغم أن الخلل يكمن كل مرة، ليس في الخطوط العريضة وفي سعة صدر الراعي المصري وكرمه، وإنما في تفاصيل التنفيذ المنوطة بطرفي الانقسام.
تشهد هذه الأيام، عودة للزخم مرة أخرى لملف المصالحة الداخلية عبر تحركات مكوكية من قبل القيادات المصرية المسئولة عن هذا الملف دون كلل أو ملل من تحفظات هنا وهناك. مما يدعو للتساؤل هنا: ألا يملً المصريون؟؟
قمت بطرح هذا السؤال على أحد المطلعين من مصر على حيثيات هذه المسألة منتظرة محاضرة طويلة في الأمن القومي المصري وتشابكه مع الاستقرار الفلسطيني، إلا أن الرد جاء بسرعة البرق: هل تملً الأم من ابنها؟؟ وبقدر بساطة الإجابة لسؤالي الساذج، بقدر دلالتها العميقة التي تعبر عن الموقف الثابت والمتراكم المتجذر في مكنونات الشخصية المصرية الأصيلة تجاه القضية الفلسطينية برمتها ..
تعرضت مصر لاتهامات، طيلة السنوات السابقة، تطال دورها المحوري في مسألة الصراع الفلسطيني / الاسرائيلي من جهة، وفي مسألة الانقسام الفلسطيني/ الفلسطيني من جهة أخرى. أما في الأولى، فقد اتهمت بالسلبية وبتراجع دورها العروبي، وفي الثانية بالانحياز لطرف على حساب الآخر.
وبالرغم من تحفظي على كلا الاتهامين، فلا يمكن غض النظر عن إشكالات وتحديات تجربة التغيير التي خاضتها مصر في سنوات 2011، 2012، 2013 وما نتج عنها من تأثيرات على الداخل المصري وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني وبالتالي على أبعاد دورها الخارجي. ولولا ما يسمى بثبات الدولة العميقة، لما استطاعت مصر أن تقف صلبة في مواجهة هذه المعضلات، فيما انهارت دول أخرى بغمضة عين.
مصر هي الدولة الوحيدة عربياً، في خلاف عن الباقين، التي ترتبط بالقضية الفلسطينية ارتباطاً عضوياً يتجاوز حدود السياسة ومواءماتها بحكم حتمية الزمان والمكان والتاريخ، فضلاً عن أنها تحظى باحترام وتقدير كبيرين من جميع أطراف الصراع. واليقين أن الدور المصري ليس محكوماً بتغييرات مرحلية داخلية بقدر ما هو مفروض بحكم تاريخه وثقله وامتدادات نفوذه.
من جانبهم، يعي الفلسطينيون في شطري الوطن أنه لن تتمكن اية قيادة فلسطينية بحكم الواقعية السياسية أن تحرز تقدما ولو قيد أنملة، على صعيد الصراع مع إسرائيل، دون التخلص أولاً من تبعات هذا الملف الذي أتاح لأمريكا وإسرائيل الفرصة الذهبية لإملاء شروطهم. والأمر يتجاوز الإعلان عن الرغبة في إنهاء الانقسام، كما يتطلب تنازل احتكار كل طرف للحقيقة . إنها فرصة تاريخية لكل من يريد أن يكتبه التاريخ كزعامة وطنية آثرت فلسطين ومصلحتها الوطنية على الكراسي والسلطان،حيث لا توجد أخطاء يستحيل تصحيحها.
تحية لمصر وقياداتها ورجالاتها ووفودها وكل من يعمل بجهد صادق فيها لسد الهوة بين المنقسمين. وأرجو أن نتعلم من مصر وصبرها وحصافتها كيف تكون القيادة وكيف تتولد القدرة على الاستيعاب وتجاوز الصغائر من أجل هدف أسمى.

Share this Article