هل تفهم دول الخليج الرسالة نفط العرب .. ملك لكل العرب…. بقلم الرفيقة الاعلامية وفاء البحر

2011/02/05
Updated 2011/02/05 at 1:35 مساءً

هل تفهم دول الخليج الرسالة نفط العرب .. ملك لكل العرب

بقلم الرفيقة الإعلامية وفاء البحر

لقد تابعنا ما جرى من ثورة شبابية في تونس ورأينا نموذج “هروب الزعيم”، ونتابع اليوم مايجري من ثورة شبابية على ارض المعز ، على ارض القاهرة ، ولعل المشهد على ارض مصر الحبيبة يختلف عن تونس جراء اختلاف السياق التاريخي والحضاري لكلا القطرين الشقيقتين ولكن الجامع الواحد ليس فقط بين تونس ومصر ، بل بين كل البلدان العربية قاطبة وحتى دول الخليج العربي هو في تعفن بنى أنظمة الحكم والافتقار إلى العدالة الاجتماعية الذي يتجسد في سؤ توزيع الثروة وخيرات هذه الدول عوضا عن الاستهتار بالحريات العامة وسياسية تكميم الأفواه أي بمعنى آخر صورة القمع والاستبداد وبيع مقدرات الأوطان للشركات المتعددة الجنسيات عبر حفنة من السماسرة ورجال الأعمال الذين تسييدوا على أكتاف المواطن الغلبان

ولا شك وبفعل هذه “الصحوة الشبابية”، فان صفحة جديدة في تاريخ العالم العربي قد بدأت ،فالنظام العربي لن يستطيع أن يتجاوز بعد اليوم وبعد هذه اللحظة التاريخية أن يتجاوز هذا المواطن أو أن يحاول مجرد العبث بحقوقه أو أن يسرق ثرواته أو أن ينال من حرياته التي تكفلها له الشرائع السماوية كما تكفلها المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على هذه الأرض .

ولعل السؤال الذي يتوجب على الجميع طرحه وربما يكون سابق لأوانه ،من يقطف ثمار هذه الثورات البيضاء هل يقطفها مفجروها من فئة الشباب وهل حجم الثمن المدفوع من تضحيات ودماء سوف تعادل المكتسبات على الأرض من حرية وديمقراطية وعدالة في توزيع الثروات أم أن هناك من الفئات المسيسة سوف تقفز على منجزات هذا الشعوب العظيمة والتي تستحق بعد عقود من الانسحاق أن تنال حريتها وعزتها وكرامتها وحقها بالتحرر الإجمالي من العبودية التي فرضتها سياقات تاريخية ملتوية وضد منطق وطبائع الأشياء ؟

ولا متغيرات في القناعة العامة أن من يركب الموجة دائما هي الأحزاب والقوى التي جلست لعقود للتنظير والشعارات دون الفعل الحقيقي على الأرض إذن ما هو المخرج الحقيقي والجذري لكل إشكاليات العالم العربي من محيطه لخليجه هل الإشكالية في مصر وحدها أو اليمن أو تونس أو أية دولة عربية إن الإشكالية عامة طامة ، فالوطن مرهون، وشعوبه مستعبدة، هذه هي الصورة باختصار فهل تكفي ثورات بيضاء أو حمراء أو قرنفلية ما دام القيح الحقيقي يكمن في ركائز اقتصاد هذا الوطن العظيم.

إذن مرة أخرى ما هو المطلوب لإحداث نهضة ويقظة شاملة في أرجاء الوطن العربي وبخاصة أن جوهر هذه الثورات الرئيس هي الثورة على الجوع والبطالة والحرية وغياب الديمقراطية الأداة الشرط على حد قول الكاتب والروائي الكبير عبد الرحمن منيف ، ابن الصحراء وابن الجزيرة العربية .

لهذا الكاتب الراحل أراء قيمة ولا ادري إذا هي معروفة بين أوساط الجماهير العربية أم هي فقط حبيسة الكتب ومقتصرة على فئة المثقفين والسياسيين ؟ انظروا ماذا قال هذا الكاتب العظيم والذي ارتفع عن مفهوم الأنا والعشائرية والعصبية .

“”أرى هنا انه ينبغي ممارسة الضغوط من اجل حمل الدول الخليجية على الشعور بمسؤوليتها تجاه المنطقة ، حيث أن ” الصدفة ” و ” الصدفة ” وحدها على توفر النفط في بلاد عربية دون غيرها ، ويزيد في قوله وكون النفط موجودا في مكان ما من الأرض العربية لا يعني بالضرورة انه ملك لذلك المكان حصرا أو ملك لهذا الجيل وحده”، كما وينبغي أن لا يتم استثماره طبقا للحاجة الراهنة أو طبقا لمتطلبات السوق الخارجية بل طبقا لاحتياجات الأجيال القادمة ، مشيرا إلى أن النفط هو الذي خلق ” الجغرافيا السياسية لهذه المنطقة ” ” الموزاييك”، وليس معنى هذا أن الحدود التي اصطنعت هي حدود أبدية ، وان ما يوجد داخل تلك الحدود هو ملك لدولها وحدها ، إن الأمر يتطلب باختصار إعادة النظر في توزيع الثروة وفي كيفية استثمارها ، خاصة وان البلدان العربية غير النفطية ساهمت مساهمة كبيرة وأساسية في تطوير البلدان النفطية .. لقد قدمت هذه البلدان رأس مال مهما ، قدمت الثروة البشرية ، ويجب آن يكون لها حق شرعي في تلك الثروة وليس منحة ، وان توضع كل هذه الثروة للدول المنتجة في سلة واحدة ليعاد توزيعها واستثمارها وفقا لمبدأ الحاجات الفعلية واعتبارات التنمية وحجم الإنتاج النفطي.

ومن النقاط الهامة التي يطرحها منيف ويرى فيها خدمة لبلدان النفط ، أن الأثمان الهائلة التي يأخذها بلد صغير عن نفطه تذهب مباشرة إلى الغرب على هيئة ودائع واستثمارات . يمكن للغرب أن يجمدها في أي وقت ما يعني أموالا ضائعة ومتآكلة ، لذلك إن في إعادة توظيف هذه الثروة بشكل عقلاني خدمة، وحلا لمشكلات البلدان النفطية نفسها . ويضرب مثالا على ذلك السودان الذي يمكن أن يكون سلة غذاء للمنطقة بأكملها . ولو تم توظيف مبلغ معقول ومدروس ، وضمن خطة علمية ، في ذلك البلد ، فانه يمكن أن يغطي احتياجات المنطقة برمتها من الغذاء، بدل أن يسعى البعض لزراعة القمح في الجزيرة العربية ، ويكلف ثلاثة إلى أربعة أضعاف تكلفته في أي مكان آخر.

من هنا فان من حق بلدان عربية كثيفة السكان كمصر أو السودان أو المغرب أو أي بلد عربي آخر أن يكون له نصيب أساسي من الثروة النفطية بدل أن يقف متسولا على باب صندوق النقد الدولي،ويفرض على البلدان العربية شروطا مذلة ، لماذا لا يكون من حق مصر أو غيرها أن تأخذ من النبع ، من مصدر الأموال مباشرة ، بدل أن تلجأ إلى واسطة الأجانب ، وهي الواسطة التي تقود إلى الإلحاق والتبعية.

إذا فالمسالة هي كيف يمكن إعادة صياغة الاقتصاد العربي بحيث يغدو اقتصادا متكاملا ومتفاعلا ، ويكون توزيعه عادلا .ويرى أن دول الخليج إذا لم تمعن النظر في كيفية الإفادة من النفط من جهة فإنها أمام خيارين :إما أن تكون أنظمة عقلانية ، أو أنها ستزول ، لان منطقها الراهن لا يتيح لها القدرة على الاستمرار. فهي بلدان بدون دساتير ، وبدون مشاركة شعبية، بلدان لا يتوفر الحد الأدنى من الصيغ التي لها علاقة بالعصر ، سواء تعلق الأمر بالإدارة أو الاقتصاد أو الجيش أو التحديث ، بل أن انقراض تلك “الأنظمة حتمي” ، والمثير للسخرية أن الغرب ، الذي يمثل قمة العقلانية المعاصرة ، ويدّعي الحفاظ على القيم الإنسانية ، هو الحامي لأشد الأنظمة تخلفا ورجعية ، لأنظمة لا علاقة لها بأي من مقولات الغرب المعاصرة .ولسنا هنا بصدد استعراض شامل     للثورة النفطية ولا للدول الاستعمارية وخاصة بريطانيا وما قامت فيه من تشويه عند رسمها للخارطة السياسية والجغرافية والصراع التنافسي بين القوى الاستعمارية على هذه الطاقة ،

والسؤال الإشكالية هل يدرك الزعامات في دول الخليج هذه الحقيقة وهل تدرك الجماهير حقيقة أحقيتهم في الثروة النفطية ، وان ثورة الشباب لن تكتمل إلا بالمضي قدما نحو هدم عروش التخلف والاستحواذ على خيرات الوطن العربي ، وإلا لن يكون أية قيمة لثورة بيضاء أو حمراء أو قرنفلية أو أيا كانت التسميات دون استقلالية اقتصادية تسودها العدالة المجتمعية وتزول معها الحواجز والحدود المصطنعة التي خلقها الاستعمار ، وإلا كما يقول ويتنبأ عبد الرحمن منيف فان الثورة قادمة  لان ما يجري هو ضد منطق التاريخ والجغرافية وضد طبيعة الأشياء في كينونة وجودها ، فالعالم العربي لم يستطع وعلى مدى عمر نشؤ الدولة العصرية العربية على تحقيق الوحدة العربية وبقيت شعارات وبعض كيانات الوحدة أجهضت في مهدها ولا استطاعت أن تحقق الوحدات الاقتصادية أمام التكتلات العالمية التي نشأت ما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية ، فبقيت الشعوب في ضفة والدولة العصرية في ضفة أخرى ، فلا الوحدة السياسية تحققت ولا الوحدة الاقتصادية تحققت ، بل على العكس وجدنا دول الخليج تنغلق على نفسها وتقيم حاجزا من المختلف المتباهي بالثروة والمانح المعطاء على طريقة الإحسان والجمعيات الخيرية ، لذلك فلا تحررت فلسطين من الاحتلال ولا تحررت المقدسات التي تنتهك حرماتها يوميا ولا تحررت الشعوب من نير العبودية المزدوجة ، عبودية النظام وعبودية التبعية للغرب .

هذه هي حقيقة الوضع الراهن المأساوي على امتداد الوطن العربي، دول نفطية مستهلكة لثقافة وصناعة الغرب ودول عربية تعيش على الإحسان الذي يقدم لها عبر الصندوق الدولي الذي هو بالأساس أموال النفط العربي ، الذي لم ينجح في إحداث تنمية ولا تطور تكنولوجي ولا أن يلحق بركب العصر .

وباختصار هل يمكن أن نرى أن نستبشر بثورة من نوع جديد للشباب ثورة شعارها من المحيط للخليج ” نفط العرب .. لكل العرب ” هل لنا فعلا أن نشهد هذا العهد ،عهد جديد لعالم عربي جديد

تحكمه الديمقراطيات والقوانين والدساتير ، وإلا لا فائدة من ذهاب بن علي تونس ولا فائدة من رحيل الرئيس المصري حسني مبارك والنتيجة في النهاية تصب في إطار سياسة الفوضى الخلاقة التي أرادتها أمريكا للعالم العربي ، فهل حان الوقت لتفهم دول الخليج رسالة أطلقها كاتب من ديارهم قبل ما يزيد عن عشرين عاما إذا أرادوا الخير لهم ولكل العالم العربي ؟ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً