الخطاب الرمادي – 2 .. بقلم: :-عمر حلمي الغول

2017/07/09
Updated 2017/07/09 at 8:50 صباحًا


ثانيا أكد الرئيس الجديد لحماس على ان المقاومة في الضفة، وأنه واركان قيادته يتابعون الأوضاع فيها لإعلاء شأنها. وهنا تبرز أكثر من نقطة ذات صلة بالمهمة والدور الحمساوي، منها: 1- اسقاط خيار المقاومة من غزة؛ 2- الادعاء بعدم وجود مقاومة في الضفة، وهذا يتنافى مع معطيات الواقع، فالمقاومة لم تتوقف يوما في الضفة وبكل الاشكال وعلى رأسها المقاومة الشعبية والسياسية والدبلوماسية والثقافية والاقتصادية والتربوية؛ 3- التحريض مجددا على القيادة الشرعية، وكأنها قيادة “متساوقة” مع دولة الاستعمار الإسرائيلي؛ 4- التمهيد لمخطط يعد له مع قوى أخرى على رأسها إسرائيل “للطعن” في مكانة وشرعية الرئيس ابو مازن والسلطة عموما، وما التكامل في عمليات التحريض الجارية على قدم وساق من مختلف القوى الداخلية والاسرائيلية وبعض العربية والاسلامية إلا انعكاس لما يجري الترتيب له؛ ثالثا التوقف امام المخيمات الفلسطينية في لبنان وما يجري فيها، والتأكيد على حق العودة، والتمسك بالوطن الفلسطيني، والمرء يسأل هنية ما هي معايير حماية المخيمات الفلسطينية في الشتات خاصة لبنان وسوريا؟ أليست الوحدة الوطنية، التي توقفت امامها وأكدت عليها أكثر من مرة في خطابك، هي الركيزة الأولى؟ كيف تستقيم العودة والتمسك بالوطن الفلسطيني في ظل التمزيق، الذي تمارسه حركتك في المخيمات وفي الوطن الفلسطيني؟ وكيف تستطيع حماية اللاجئ الفلسطيني، وحركتكم تنقل البندقية من كتف لكتف في الساحات العربية تنفيذا لمخطط جماعة الإخوان المسلمين، وتوريط ابناء الشعب في سوريا ولبنان بمعارك ليست لها علاقة بمصالح الشعب الفلسطيني، ودفع الآلاف من الشباب للهجرة إلى دول الاغتراب والموت في أعالي البحار؟ أليس هذا جزءا من الخطة الأشمل والأوسع لتصفية القضية الفلسطينية؟ أو ليس هذا يتناقض مع شعار “عدم التدخل في الشؤون العربية”؟ كل سؤال يحمل في طياته جوابا على تناقض ما دعوت إليه مع سياسات حركتك على الأرض، وهو ما يكشف عن ادعاء لفظي، وبهتان أصفر لخطاب رمادي لا ينسجم مع المصالح الفلسطينية؛ رابعا إبداء الاستعداد لحل اللجنة الإدارية، ولكن المشكلة وفق منطق هنية في “حكومة التوافق الوطني”، التي “ترفض” تسلم مهامها، وفي ذات الوقت اعلن الاستعداد مجددا لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني. ان كانت كل هذه الاستعدادات متوفرة عند حركة حماس، لماذا تعمل الآن على توسيع دائرة القوى المشاركة في (حكومة الظل) خاصة فريق دحلان؟ وهل تستقيم الوحدة مع اللعب على التناقضات الداخلية في الساحة الفلسطينية؟ ولماذا لا تزيل حماس من حيث المبدأ اللجنة الإدارية؟ ولماذا لا تفتح الأبواب امام حكومة التوافق لتسلم مهامها؟ ولماذا ترفض ما طرحه الرئيس أبو مازن على الملأ للذهاب لتشكيل حكومة وحدة وطنية والذهاب للانتخابات المذكورة؟ ألم يرسل لكم رئيس منظمة التحرير أكثر من موفد من حركة فتح ومن القوى العربية والدولية لتطبيق ما تقدم؟ لماذا رفضتم؟ الأنكم لا تثقون بوعود الرئيس ابو مازن؟ وكيف تبنى الثقة إن لم تعلنوا صراحة عن طي صفحة الانقلاب والانفصال؟ وهل يحاكم الرئيس على النوايا ام باختباره على الأرض، ومن خلال الالتزام باستحقاقات المصالحة وتنفيذ الاتفاقات والإعلانات المبرمة بينكم وبين فتح؟ أو ليس هذا تسويفا ومراوغة وتضليلا للذات وللشعب؟ وهل عقد صفقة التفاهمات مع تكتل عضو المجلس التشريعي، دحلان ينسجم مع الادعاء بالحرص على الوحدة الوطنية؟.. إلخ من الأسئلة ذات الصلة، التي تفضح ادعاء حركة حماس بالحرص على الوحدة، وجميعها تؤكد أن فرع الجماعة في فلسطين ليس بوارد الوحدة والمصالحة، بقدر اندفاعه نحو تعميق خيار الانفصال، واللعب بمتاهة التسويف والمماطلة لعل وعسى تتغير معطيات الواقع، وتنقلب المعادلة في العالم العربي لصالح جماعة الإخوان المسلمين، والحل الإقليمي، الذي يعوم الحركة مجددا في الحل السياسي القائم على بناء الدويلة القزمية في قطاع غزة؛ خامسا الثناء الكبير من هنية على عدد من الدول، التي دعمت حماس وبدأها بقطر ثم تركيا وإيران وصولا لمصر، وشكر عرضا كلا من السعودية والأردن لذر الرماد في العيون. وكان واضحا التركيز على الدور القطري والتركي والإيراني مع اولوية الدولتين الحاضنتين لجماعة الإخوان وحركة حماس. والأسئلة المثارة هنا، هل تستقيم العلاقة مع المتناقضات القائمة في لوحة التحالفات مع ما تشهده الساحة العربية من تناقضات وصراعات محتدمة بين مكونات التحالفات؟ وهل التدخل في الشؤون العربية والإنحياز لقطر على حساب الكل العربي يستقيم وشعار “عدم التدخل في الشؤون العربية”؟ وإلى اي زمن يمكن ان تنجح سياسة الالتفاف والمناورة مع مصر والإمارات عبر دحلان؟ ولماذا لا تذهب حماس مباشرة لخيار المصالحة والوحدة، إن كانت جادة بإخراج القطاع من الحصار الظالم، لماذا تتهم ابو مازن والسلطة بذلك؟ وهل من يدافع عن حياض الأهداف الوطنية في كل المنابر لفضح وتعرية إسرائيل الاستعمارية، يمكن ان يكون محاصرا لشعبه؟ وإذا كانت معنية بالشراكة السياسية مع فتح وباقي القوى وبناء علاقات فلسطينية عربية راسخة، لماذا يتم التحريض على الرئيس عباس والسلطة وحكومة التوافق الوطني؟ أليست منظمة التحرير والقيادة الشرعية، هي البوابة الأنسب والأهم فلسطينيا؟
كثيرة الأسئلة، التي يمكن طرحها حول الخطاب الرمادي لرئيس حركة حماس. ولكن النتيجة المؤكدة، التي يمكن استنتاجها، تقول ان حماس ليست معنية بالمصالحة والوحدة، بل هي ماضية قدما في مشروعها الانقلابي، وبناء الإمارة على حساب الوحدة الوطنية والمصالح العليا للشعب الفلسطيني. وهو ما يستدعي من القيادة العمل على استخلاص العبر والدروس، والعمل فورا على وضع خطة لإنهاء الانقسام والانقلاب من خلال تجديد الشرعيات في منظمة التحرير، وتطوير اشكال النضال الشعبي المتلازم مع اشكال النضال الأخرى السياسية والدبلوماسية وتوسيع دائرة المقاطعة لإسرائيل في كل الدول والمجالات لوأد تبديد وتصفية القضية الفلسطينية.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً