مجزرة الدروز السوريين: هل يستطيع الجهاديون تلميع صورتهم؟

2015/06/22
Updated 2015/06/22 at 9:32 صباحًا

فهرس
تسعى منظمة تابعة لتنظيم القاعدة إلى النأي بنفسها عن قتل 20 قروياً درزياً في الأسبوع قبل الماضي، وتبديد مخاوف الطائفة التي تعد من الأقلية في سورية.
على المحك، ثمة صورتها التي رسمتها عن نفسها بصعوبة باعتبار أنها بديل أكثر اعتدالاً من مجموعة “الدولة الإسلامية” المعلنة ذاتياً، وأنها تستطيع بالتالي التعايش مع المجموعات الأخرى المعادية للنظام، والتي لا تشاركها معتقداتها أو أيديولوجيتها ذات الخط المتشدد.
وقالت “جبهة النصرة” في بيان وزعته بواسطة شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر”: “إن كل شخص منخرط في هذا الحادث سوف يقدم إلى المحكمة الشرعية وسيتحمل المسؤولية عن الدماء التي سفكت”. وأضاف البيان: “ما يزال سكان القرية سالمين وآمنين ويتمتعون بحمايتنا في المناطق التي تقع تحت سيطرتنا”.
وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مركزاً له، فإن 20 مواطناً درزياً قتلوا يوم الأربعاء قبل الماضي في محافظة إدلب الشمالية، بعد مشادة كلامية مع قائد تونسي في جبهة النصرة، والتي ما لبثت أن تصاعدت وانتهت إلى مجزرة.
لكن المجموعة الجهادية لم تقدم نسختها الخاصة من رواية التطورات، قائلة فقط إنها “تلقت بحزن عميق أخبار الحادثة التي وقعت في 10/6/2015 في قرية قلب اللوز في ريف إدلب”. وقال البيان إن المقاتلين لم يستشيروا قادتهم، وإن تصرفاتهم كانت “انتهاكات واضحة” لتوجيهات جبهة النصرة”.
يقول ثوماس جوسلين في صحيفة “ذا لونغ وور جورنال” إن “عمليات القتل تبرز كيف تنتهج القاعدة خطاً واضحاً في شن الجهاد، بينما تحتفي مجموعة الدولة الإسلامية، منافس القاعدة، بشكل روتيني بوحشية مقاتليها. لقد حاول تنظيم القاعدة تصوير نفسه بأنه بديل أكثر اعتدالاً”.
قوة قتالية فعالة
كانت “جبهة النصرة” قد أسست نفسها كواحدة من الفصائل الأكثر فعالية في مقاتلة نظام الرئيس بشار الأسد، أحياناً بالتنسيق مع الثوار المدعومين من جانب الولايات المتحدة، وفي أوقات أخرى في صراع معهم. وتطبق المجموعة تأويلاً صارماً للشريعة الإسلامية في مناطق خاضعة لسيطرتها، لكنها، على العكس من الدولة الإسلامية، لم تنخرط في عمليات الذبح الجماعي للأقليات الدينية والإثنية. وكان تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الذي يسيطر على حوالي نصف الأراضي السورية قد استهدف بعنف الأقليات في سورية والعراق، وأعلن مسؤوليته عن ذبح مسيحيين في ليبيا.
في الأعوام القليلة الماضية، قطعت “جبهة النصرة” أشواطاً بعيدة في عرض نفسها وفي المقام الأول كتنظيم يخدم الشعب السوري. كما يلاحظ يزيد الصايغ من مركز الشرق الأوسط في بيروت أنها تنظيم “من الممكن أن يكون متسامحاً مع تنوع المجتمع السوري، في حين يظل متمسكاً بأيديولوجيته السلفية الخاصة”.
تجدر الإشارة إلى أن الدروز هم طائفة سرية يستند نظامها العقائدي إلى الشيعية الإسماعيلية والأرواحية والفلسفة الإغريقية، بالإضافة إلى الصوفية اليهودية والمسيحية. ويتركز الدروز في سورية في الجنوب. في مقابلة أجرتها معه مؤخراً فضائية الجزيرة، قال قائد جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، إنه لا قتال ضد الذين لا يقاتلون ضد جبهة النصرة، وقال إن المجموعة ستحمي الأقليات السورية، بمن فيهم الدروز. وأضاف: “ثمة قرى درزية توجد في مناطق محررة، والتي لم تدعم بشار الأسد ولا هي حاربته، ولم يلحق بها أي ضرر”.
بديل معتدل لتنظيم “داعش”
بينما يعتبر “داعش” مباشراً ووحشياً في تطبيقه للشريعة الإسلامية في الأراضي التي يستولي عليها، تبنت جبهة النصرة نهجاً أكثر تدريجية. فقد طبقت الشريعة ببطء في المناطق التي تسيطر عليها، ولم تتدخل في شؤون مجموعات الثوار الأخرى. وحول موضوع الأقليات، أرسلت المجموعة رسائل مختلطة مع ذلك، متعهدة بحمايتها إذا تخلت عن الأسد، لكنها دفعت أيضاً باتجاه تحويلها عن عقائدها.
منذ نهاية العام 2014، انخرط قادة المجموعة في نقاش داخلي حول النأي بمجموعتهم عن تنظيم القاعدة بغية “التأكيد على وطنيتها السورية ووجهها المعتدل”، كما يشير السيد الصايغ الذي يضيف: “كانت هناك محاولة واضحة لرسم صورة لأنفسهم على أنهم يستطيعون التعايش مع أناس لا يتفقون معهم، بينما يطبقون حكم الشريعة الخاص بهم في المناطق التي يسيطرون عليها بشكل حصري”. جعل قتل القرويين في الحادثة الأخيرة من الأصعب على المعارضة في سورية إقناع الدروز بالبقاء محايدين في النزاع أو التخلي عن النظام. ويضيف الصايغ: “إن الحادثة تخدم في تأكيد سرد النظام الذي يقول بأن المعارضة مكونة من متطرفين وجهاديين، والذين يفرضون وجهات نظرهم الدينية الخاصة على كل مختلف، ويستخدمون العنف لفرض وجهات النظر تلك”.
هل يكون هناك عقاب؟
بينما قد تحب جبهة النصرة تأكيد أن مقاتليها لم يشنوا هجوماً معداً مسبقاً ضد أي أقلية طائفية، فإن العديد يشكون في أنها ستحاسب أعضاءها المتورطين. يقول حسان حسان، زميل تشاثام هاوس ومعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: “ذلك أمر نمطي –إن جبهة النصرة لا تعاقب أعضاءها جهاراً أبداً، ولا تريد أن تُعاقب من جانب آخرين”. ويضيف: “ولكن، ما لم تظهر (النصرة) أنها فعلت ذلك، فسيكون هناك تصعيد وستزداد الشكوك لدى الدروز”.ويقول السيد حسان أيضاً: “هناك تعبئة ضخمة بين الدروز للدفاع عن مناطقهم، وهم يعرفون أن المتطرفين قادمون، ويعرفون أن عليهم أن يتصدوا لهم”.
من ناحيتهم، يقول محللون أن من غير المرجح أن يجيش الدروز ضد جبهة النصرة، وهم يحاولون أن يظلوا فوق النزاع في الحرب الأهلية في سورية. وفي منطقتهم الجنوبية في السويداء، حيث توجد للنظام السوري سيطرة عسكرية، قاوم الدروز محاولات أخيرة لتجنيد الشباب الدروز في الجيش وإرسالهم للقتال في الأماكن الأخرى.
ويقول حسان: “ما يزال النظام يحاول إقناعهم بأنهم عندما يقاتلون من أجل النظام، فإنهم يقاتلون من أجل بقائهم الخاص”. لكنه يضيف: “لكنهم لا يشترون ذلك الكلام. إنهم يريدون القتال في مناطقهم فقط، وللدفاع عن منطقتهم الخاصة وحسب”.
الغد الاردنية

دومينيك سيغويل – (كرستيان سينس مونيتور)
ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
Syrian Druze massacre: Can jihadists salvage their image?
abdrahaman.alhuseini@alghad.jo

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً