كلينتون: الثورات العربية أربكت ديناميكيات السلطة ومزقت قوات الأمن في أنحاء المنطقة

2013/01/24
Updated 2013/01/24 at 10:44 صباحًا

واشنطن / أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحملها مسؤولية الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له القنصلية الأميركية في بنغازي (شرق ليبيا) يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2012، والذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز، وأربعة دبلوماسيين آخرين. وجددت التزامها بملاحقة المسؤولين عن الحادث، وتقديمهم للعدالة، وعلى تنفيذ إجراءات لتحسين الأمن في كل المباني الدبلوماسية الأميركية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.

وكانت كلينتون قد واجهت سيلا من الأسئلة من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ خلال جلسة استماع عسيرة صباح أمس. وأكدت خلال شهادتها أن الصورة حول الهجوم على القنصلية الأميركية لا تزال مرتبكة، وأن هناك أسئلة حول الحادث ودوافعه ما زالت مطروحة.

وبحسب تقرير صحيفة “الشرق الاوسط”، فقد اعترفت كلينتون بأن حادث بنغازي أظهر عدم استعداد واشنطن لمواجهة التغييرات التي تحدث في المنطقة العربية وشمال أفريقيا وثورات الربيع العربي، مشيرة إلى أن سقوط الأنظمة في دول شمال أفريقيا أدى إلى حالة من الارتباك، وغياب الأمن، وزيادة التطرف المسلح في منطقة الشمال الأفريقي، مما زاد من نطاق عمل المتطرفين ومستوى تسليحهم، إضافة إلى وصول قادة إلى السلطة ليست لهم خبرة في إدارة الدول وإقرار الأمن وتحقيق الديمقراطية. وأوضحت كلينتون أنها كانت تتابع الهجوم على السفارة الأميركية في القاهرة، وعندما وقع الهجوم على القنصلية في بنغازي في الرابعة مساء قامت بمحادثات مع المسؤولين الليبيين للحصول على المساعدة، كما تحدثت مع مستشار الأمن القومي، توم دونيلون، ومدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك الجنرال ديفيد بترايوس، وشاركت في مؤتمر عبر الفيديو حضره كبار المسؤولين في البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات ووزارة الدفاع، لبحث ما يجب عمله.

وفي بداية شهادتها أشارت كلينتون إلى سلسلة من الهجمات التي تعرضت لها القنصليات والسفارات الأميركية بداية من احتجاز الرهائن في طهران عام 1979، مرورا بقصف ثكنات المارينز في بيروت 1983، إلى قنصلية جدة عام 2004، وقالت “للرد على الأزمة الحالية قمنا بإجراءات لمكافحة الإرهاب، ودعم الديمقراطيات الناشئة في شمال أفريقيا، وتعاونا مع وزارة الدفاع والكونغرس في تنفيذ التوصيات حتى يتكرر هذا الحادث مرة أخرى”. وأضافت “في ذلك الوقت كانت هناك هجمات عنيفة على مواقع السفارات في القاهرة وصنعاء وتونس والخرطوم، ولذا أمرت فورا باستعراض الوضع الأمني في مختلف أنحاء العالم، وتشديد الأمن في الأماكن الأكثر تعرضا للمخاطر، وكيف نرد على التهديدات والأزمات، وكيفية التصدي باستراتيجية أوسع نطاقا للتحديات التي نواجهها في شمال أفريقيا والمنطقة”.

وتطرقت كلينتون إلى الوضع في مالي والجزائر، وقالت “إن حادث بنغازي لم يحدث من فراغ”، مشيرة إلى أن الثورات العربية أربكت ديناميكيات السلطة، ومزقت قوات الأمن في أنحاء المنطقة”. واعتبرت كلينتون أن “مالي ملاذ للإرهابيين الذين يتطلعون إلى توسيع نطاق نفوذهم، وشن هجمات أخرى من النوع الذي رأيناه في الجزائر الأسبوع الماضي”. وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية أن المخاوف من الإرهاب وعدم الاستقرار تأتي على رأس الأولويات لدى فريق الأمن القومي الأميركي.

وتهدج صوت كلينتون وهي تصف استقبال جثث القتلى في قاعدة سانت أندروز العسكرية. وقالت وهي تغالب دموعها “لقد عانقت أمهات وآباء وشقيقات وأشقاء وأبناء وبنات وزوجات تركوا لوحدهم لكي يربوا أولاد الضحايا”. وشددت كلينتون على ضرورة الاستمرار في مطاردة الإرهابيين، وإغلاق كل الملاذات الآمنة، وقطع مصادر التمويل ومكافحة الأفكار الآيديولوجية المتطرفة، واستخدام كل الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية لدعم الديمقراطيات الناشئة في المنطقة خاصة ليبيا.

وبينما لم تظهر عليها إشارات متاعبها الصحية في آخر جلسة استماع لها أمام الكونغرس قبل انتهاء توليها منصب الخارجية، دافعت كلينتون غاضبة عن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، التي اعتبرت حادث بنغازي بأنه رد فعل عفوي نتيجة الفيلم المسيء لرسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) وليس حادثا إرهابيا مدبرا. وأكدت كلينتون أنها كانت منغمسة في متابعة الأحداث وحماية موظفي السفارات الأميركية في القاهرة وتونس وغيرهما من العواصم التي شهدت هجوما على المباني الدبلوماسية الأميركية، ولم تكن مشاركة في عملية صياغة نقاط الحديث التي خرجت للرأي العام الأميركي من خلال رايس.

ونفت كلينتون قيام الإدارة الأميركية بأي عمليات لتضليل الرأي العام الأميركي، وقالت “ليس هناك شيء أبعد عن الحقيقة مثل هذا”، مشددة على أنه في الأيام التالية للهجوم لم تكن الإدارة “تملك صورة كاملة” عما حدث. وتابعت “مع احترامي.. الواقع هو أنه كان لدينا أربعة قتلى أميركيين. هل قتلوا في مظاهرة أم أن بعض الأشخاص خرجوا للتنزه في ليلة ما وقرروا المضي لقتل أميركيين؟”. وتساءلت “ما الفرق؟”، ضاربة المنصة بقبضتها ردا على سؤال متكرر للسيناتور رون جونسون حول أسباب توجيه الإدارة اللوم خطأ في البدء إلى احتجاجات خارج مقر القنصلية.

وردت كلينتون على هجوم عنيف من السيناتور جون ماكين، الذي اتهم الإدارة الأميركية بتضليل الرأي العام، وقالت بعصبية “كانت هناك احتمالات عديدة لأسباب الحادث، وسواء كان ذلك بسبب المظاهرات أو بسبب حادث إرهابي فلا فرق، لأن مبدأنا هو حماية الناس، وفي ذلك الوقت كنا نحاول الحصول على معلومات، ومن وجهة نظري لم يكن مهما لماذا فعلوا ذلك، وإنما ملاحقتهم وتقديمهم للعدالة، ومن خلال القيام بذلك يمكن معرفة أسباب قيامهم بهذا الهجوم ودوافعهم”. وأضافت أن “عملنا يقضي بفهم ما حصل وبذل كل ما في وسعنا لمنع حصوله مجددا أيها السيناتور”.

وشددت كلينتون على أن الأولوية القصوى تكمن في حماية موظفي الخارجية البالغ عددهم 70 ألف شخص في 275 مقرا حول العالم، مؤكدة أنها بدأت التحرك لتطبيق توصيات دراسة داخلية من أجل تعزيز الأمن. وقالت “هذا الأمر لا يتعلق بالسياسات فحسب. إنه شخصي. كنت أقف إلى جانب الرئيس أوباما فيما حمل عناصر المارينز النعوش المغطاة بالعلم من الطائرة”، في قاعدة أندروز الجوية.

وحذرت كلينتون أعضاء الكونغرس من أن الدبلوماسية الأميركية لا يمكن أن تتراجع في مواجهة التحديات الجديدة التي تطرحها التغيرات الجيوسياسية الناجمة عن سقوط ديكتاتوريات تاريخية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت “لا يمكننا التراجع الآن”.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً