اليمين يقود إجماعا إسرائيليًّا غير مسبوق في عدائه للفلسطينيين بقلم: سليمان أبو ارشيد

2022/06/08
Updated 2022/06/08 at 7:25 صباحًا

عبثا يحاول نفتالي بينيت إنقاذ حكومته المتهاوية وحزبه المتهالك وشعبيته المنهارة كرئيس حكومة، عبر تصعيد السياسات العدوانية المتمثلة بتعزيز الاستيطان وإطلاق أيدي المستوطنين وقوات جيش وشرطة الاحتلال، ضدّ الفلسطينيين في الضفة والداخل والقدس، والتي تجلّت بأبشع صورها في ما يسمى بـ”مسيرة الأعلام” الاستفزازية التي كشفت عن إجماع ووحدة حال إسرائيلية جمعت اليسار واليمين والجيش والمستوطنين بكل ما يتعلق بديمومة الاحتلال وتكريس نظام الأبارتهايد.

عبثا يحاول لأن إصراره على تمرير “مسيرة الأعلام” بمسارها الأصلي من باب العامود واختراق البلدة القديمة، وما استدعاه ذلك من حشد الآلاف المدججة من عناصر الشرطة والجيش الإسرائيلي لحماية المستوطنين المشاركين فيها، لم يمنحه حتى شرف الدعوة لاحتفالية “مركاز هاراف” التي تشكل ذروة ما يعرف بـ”يوم القدس”، بينما دعي إليها نتنياهو إلى جانب رئيس دولة إسرائيل، يتسحاق هرتسوغ، هذا ناهيك عن أن نتيجة الاستطلاع الذي أجراه الصحافي، عميت سيغل، غداة الحدث، أكدت وجود أغلبية تعتقد أن حكومته تستند إلى “داعمي إرهاب”.

بالمقابل، فإن الوقائع تثبت أن حكومة بينيت – لبيد هي من أسوأ الحكومات الإسرائيلية والأكثر تطرفا في ما يتعلق بالملف الفلسطيني والفلسطينيين عموما بما فيهم فلسطينيي الداخل، ويشير المراقبون إلى أن بينيت كشخص هو رئيس الحكومة اليميني الوحيد الذي لم يجنح نحو المركز، على غرار شارون في (فك الارتباط مع غزة) وأولمرت في (تفاهمات كلينتون) ونتنياهو في (خطاب بار إيلان) بل بقي على مواقفه التي ازدادت تطرفا.

كما أنه جلب، ربما لأول مرة في تاريخ السياسة الإسرائيلية، حكومة يدعمها “اليسار” ويقودها اليمين وتحوز على معارضة واسعة وقوية من اليمين أيضا، بمعنى أنه جعل قوى اليمين تطبق على السياسة الإسرائيلية وتتحكم بخطواتها وإيقاعها دون أي معارضة تذكر، وإن كان ذلك قد تحقق بفعل تداعي معسكر اليسار وانهيار برنامجه.

هذا الوضع خلق تجانسا غريبا من نوعه داخل المجتمع الإسرائيلي وبين مؤسساته، وموقفا موحدا ومنسجما تجاه الملف الفلسطيني، ليس بين “اليمين” و”اليسار” السياسي فقط، بل بين المركبات المختلفة من هيئات ومؤسسات ووحدات تلاشى معها مبدأ الفصل بين السلطات والأذرع التنفيذية للمؤسسة، حيث غدت وظيفة المحكمة العليا على سبيل المثال إعطاء غطاء قانوني لقرارات الحكومة والكنيست وجيش الاحتلال، بينما أصبح قضاة المحاكم بمختلف درجاتها وفي كثير من الأحيان، منسجمين تماما مع النيابة العامة بل أكثر تشددا منها في القضايا المتعلقة بالفلسطينيين، كما صارت الشرطة أكثر عداء للعرب الفلسطينيين من المستوطنين المتطرفين أنفسهم، فغدى الفلسطينيون في جميع القضايا كالمستجير من الرمضاء بالنار.

وليس أدل على ذلك من تصريحات ما يعرف بقائد لواء شومرون في الجيش الإسرائيلي، روعي تسويغ، الذي استُفِز مؤخرا عندما سأله أحد الصحافيين مستهجنا أن الجيش والمستوطنين يعملان معا، فأجاب بأن الجيش والمستوطنين واحد، جاء ذلك بعد أن أخرج جنوده لترميم “قبر يوسف”، المكان الذي تلقى فيه إبراهيم وعد الرب بالأرض الموعودة، كما قال.

أو ما قاله جنرال احتياط غرشون هكوهين في القناة 13، غداة ما يعرف بـ”يوم القدس” الإسرائيلي، وجاء فيه أن حائط البراق المعروف بـ”حائط المبكى” هو بديل فقط استخدمه اليهود منذ عهد أدريانوس وخلال الألفي سنة التي منعوا خلالها من الصعود إلى “جبل الهيكل” (الحرم القدسي الشريف)، في حين أن المكان الصحيح هو “‘جبل الهيكل‘ ولا بديل له”.

مضيفا أن “السؤال هو ماذا نريد نحن وإذا كنا نريد أن نكون كالدنمارك نقصد يوما إضافيا من الهدوء.. أم أن ما يحركنا هو أساسات المشروع الصهيوني الذي جاء لإنقاذ إسرائيل وهو أكثر من دولة مزدهرة، نحن لا نريد إسكندنافيا المملة والنتنة تلك، بل شيئا أكثر ازدهارا، شيئا إلهيا، شيئا توراتيا، كما كتب جابوتنسكي، نريد إنقاذا مصدره ومحركه ‘جبل الهيكل‘ (الحرم القدسي الشريف)، وبدون أن نرفع العلم الإسرائيلي فوق ‘جبل الهيكل‘ لا يمكن تحقيق سيادتنا على البلاد”. عن “عرب ٤٨”

Share this Article