هل غير أوباما موقفه من سورية؟…بقلم:وولتر روسل ميد

2014/03/16
Updated 2014/03/16 at 11:48 صباحًا


فهرس

فيما ترتفع الكلف طويلة الأمد للحرب السورية على الولايات المتحدة وحلفائها، ثمة إمارات عديدة تشير إلى أن الحكومة الأميركية بصدد التحرك في اتجاه سياسة شرق أوسطية أكثر واقعية.
ولكن، هل هناك بعد هذا الوقت الطويل إمارات تدل على أن إدارة أوباما ستتخذ موقفاً إيجابياً في سورية؟ يقول مقال مهم في صحيفة “الفايننشال تايمز” التي تعد في العادة حسنة المصادر، ويتم تحريرها بحذر وعناية أنه “تحت ضغط أميركي ثقيل” يتم حالياً فتح جبهة جنوبية جديدة في الحرب السورية. ويغذ الثوار المعادون للأسد الخطى نحو دمشق، فيما يتدفق المقاتلون والمساعدات والأسلحة على مراكز الثوار في الجنوب السوري. وثمة المزيد:
“ثمة تفاهم في الولايات المتحدة والغرب بأن الشمال معقد وميؤوس منه في هذه اللحظة، حيث الفكرة القائلة إن القوات المعتدلة تستطيع أن تهيمن أو تستطيع صد الأسد لن تتحقق”، كما قال تشارلز ليستر الذي يتعقب تحركات الثوار لصالح مركز بروكينغز في الدوحة. “وذلك أفضى إلى تفاهم يقضي بأن الجنوب هو مفتاح أكثر واقعية لتحقيق النجاح العسكري الذي يقوده المعتدلون”.
هذه واحدة من علامات عدة مفعمة بالأمل على أن إدارة أباما أدركت بعد أعوام من الفشل والتردد في اتخاذ قرار، أنه مهما كانت أخطاء المعارضة السورية (وهي كثيرة)، فإن السماح باستمرار الحرب السورية إلى أجل غير مسمى، حيث يتجه الأسد نحو انتزاع الانتصار، يعد وصفة للكارثة. وقد يكون الأمر أن الإدارة على وشك أن تعي أن ظهورها مترددة وضعيفة ليس الطريقة المناسبة للحصول على نتائج مع إيران أو إسرائيل أو الفلسطينيين. وسواء أحب المرء ذلك أم لا، فإن عدم اتخاذ الولايات المتحدة قراراً أو ترددها حول سورية قد أصبح حالة اختبار لجدية غايات أميركا في المنطقة. وإذا أخذ البيت الأبيض أخيراً هذه الحقيقة بعين الاعتبار وباشر العمل، فإنها ستكون هناك على الأقل فرصة يصل معها تآكل موقف أميركا في المنطقة وفي تقوية حلفائها إلى نهاية.
برزت على السطح مؤخراً بعض التلميحات المهمة الأخرى. فقد أدلى نائب وزير الخارجية الأميركي، وليام بيرنز، مؤخراً بشهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، حول التكاليف المتنامية للحرب طويلة الأمد في سورية وأثرها على الولايات المتحدة وحلفائها. فكلما طال أمد الحرب، أصبح السوريون “حاضنة للتطرف”:
“إننا نواجه عدداً من المخاطر المحدقة بمصالحنا نتيجة لذلك: هناك خطر في الوطن من المجموعات الجهادية الكونية التي تسعى إلى كسب ملاذات آمنة طويلة الأمد، وخطر يحدق باستقرار شركائنا الإقليميين، بما في ذلك الأردن ولبنان والعراق، والخطر المحدق بإسرائيل والشركاء الآخرين من صعود المجموعات المتطرفة المدعومة إيرانياً، وخاصة حزب الله المقاتل في سورية، وخطر يواجهه الشعب السوري الذي تشكل معاناته أكبر أزمة إنسانية يشهدها القرن الجديد”.
تشير هذه الشهادة إلى احتمال أن الحكومة الأميركية تتحرك بعيداً عن موقفها السابق القائم على أن انخراطها في الحرب، مهما كان غير مباشر، هو أسوأ من السماح باستمرار الحرب. كما أنها ربما تعكس أيضاً إدراكاً لحقيقة أن روسيا لن تساعدنا في وضع حد للحرب بشروط عقلانية.
كان مؤتمر جنيف فشلاً كاملاً ومطلقاً، والذي جعل من المستحيل على واشنطن التظاهر بأن لديها سياسة خاصة بسورية بالفعل. وراهناً، في مرحلة ما بعد جنيف، تبدو الولايات المتحدة وأنها تعيد التفكير في قراراتها التي جلبتنا إلى هذا الجمود.
على الجانب الشرق أوسطي، ثمة تطورات مهمة أيضاً؛ إذ يبدو وكأن السعوديين أصبحوا أكثر جدية بخصوص قطع الروابط مع المجموعات الخطيرة. وقد أعلنوا، في بيان مؤخراً، بعض التنظيمات الجهادية السورية إرهابية على سبيل المثال، وشرعوا في شن حملة على المقاتلين والممولين الذين يدعمون الناس “الخطأ” في هذه الحرب الرهيبة.
بالنسبة لأولئك منا من غير المطلعين على انسياب البرقيات السرية، فإن عليهم محاولة قراءة أوراق الشاي كإجراء بديل، وهي تشير إلى أن الولايات المتحدة والسعوديين توصلوا إلى نقطة التقاء في التفكير. ويبدو أن السعوديين قد وافقوا على مراقبة مساعداتهم بشكل أكثر فعالية من السابق، آخذين مكامن قلق الولايات المتحدة من الجماعات المتطرفة على نحو أكثر جدية. في حين تكون الولايات المتحدة من ناحيتها مستعدة للعمل أكثر بكثير لصالح المجموعات التي تنجح في اختبارات “اعتدال” أكثر حزماً وصرامة. وإذا صح ذلك، فإنه لا يشكل أخباراً جيدة بالنسبة للمعارضة السورية فقط، وإنما يشكل إمارة على أن إدارة أوباما أصبحت تعير انتباهاً أكثر للجوقة العالية من الأصوات الواردة من كل الأطراف في الشرق الأوسط، والتي تحذر من أن الجهد الرامي إلى تسوية الموضوع النووي مع إيران، والذي يتجاهل صعود إيران الجيوسياسي في منطقة الهلال الخصيب سوف يفشل. وسيتنفس الإسرائيليون والعرب الصعداء على حد سواء إذا كان الأمر كذلك: فقد توحد العرب السنة والإسرائيليون بعامل الخوف من أن إدارة أوباما، بهرولتها للتوصل إلى صفقة نووية مع إيران، ربما تكون مستعدة لمقايضة أراض عربية في مقابل الأسلحة النووية الإيرانية.
من الممكن أن ينطوي شن هجوم من جانب الثوار في الجبهة الجنوبية وبعيداً عن الفوضى العارمة والاقتتال الداخلي المهيمن على الأراضي التي يسيطر عليها الثوار في الشمال، على أهمية كبيرة. ولا تغيب عن البال حقيقة أن دمشق تقع على مقربة من الجبهة الجنوبية في الحرب. ومن الممكن أن يغير أي شيء يهدد دمشق طبيعة الحرب، ويضع بالتالي الأسد وداعميه في إيران في زاوية ضيقة. وهو ما يزال مسعى مبكراً بعد، لكنه إذا قررت الإدارة التحرك في اتجاه سياسة أكثر إيجابية، فإنه يجب على الناس ملاحظة ذلك وأن يمنحوا الفضل حيث يجب أن يمنح. وقد كانت هناك حالات فجر زائف من قبل. لكنه إذا تبين أن هذه القشات في مهب الرياح هي إمارات على تغير فعلي، فإن الأمر ربما يكون أن البيت الأبيض قرر في النهاية المطاف أن يتجه نحو تطبيق سياسة أكثر ثباتاً وواقعية في مقاربته للشرق الأوسط.

الغد الأردنية

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً