“أفكار” فرنسية.. “ألف مبروك”…بقلم: د.احمد جميل عزم

2015/07/28
Updated 2015/07/28 at 9:23 صباحًا

فهرس
هناك خبر يمكن إعادة كتابته بين الحين والآخر، مع تغيير في المسميات، ونصه: “ينتظرالفلسطينيون تفاصيل المبادرة التي سيعلنها وزير الخارجية (الـ…) لإطلاق عملية التسوية”. ثم ينشر لاحقاً خبر آخر نصه: “لا يعتزم وزير الخارجية (الـ…) إطلاق مبادرة متكاملة، لكنْ أفكار تقوم على…”.
تجلس تستمع، أو تقرأ ما يقوله مفاوضون فلسطينيون منذ سنوات طويلة، فيخبرونك أنّه في مفاوضات ما (مثل مفاوضات كامب ديفيد بإشراف الرئيس الأميركي بيل كلينتون العام 2000، أو المفاوضات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، أو…)، لم يكن هناك عرض مكتوب من الأميركيين أو الإسرائيليين، بل أفكارٌ (غالبا شفوية) أو خرائط مرسومة بخط اليد؛ لم تكن هناك مبادرة حقاً.
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، على سبيل المثال، كان هناك انتظار لمبادرة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لإحياء العملية التفاوضية. وسافر الفلسطينيون إلى الولايات المتحدة للاستماع لـ”الأفكار” قبيل توجههم إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يخص إنهاء الاحتلال. وكانت المحصلة لا شيء. قبل ذلك بأشهر، وبعد طول انتظار وترقب وتحليلات لمبادرة سيطرحها كيري، أعلن الأميركيون في أيار (مايو) 2014 أنّه لن تكون هناك مبادرة.
وأذكر أني كتبتُ مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 مقالاً بعنوان “كيري والخمسون غرفة”، جاء فيه: “من الجدير أن يبقى المراقب متذكراً للإشاعة التي راجت نهاية العام الماضي، 2013، بأنّ خمسين غرفة حُجزت في فنادق القدس من أجل الفريق الذي سيرافق وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لوضع اللمسات النهائية، أو المضي في مفاوضات ماراثونية، تنتهي بانطلاقة جديدة لعملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وها قد مضى عام على تلك القصة التي وردت في صحف إسرائيلية وعربية رئيسة. والآن، يسأل ويتابع الإعلام ذاته أنباءً عن “مبادرة” جديدة سيطرحها الوزير الأميركي عقب انتهاء انتخابات الكونغرس الجزئية اليوم الثلاثاء”. وأضفتُ حينها: “الطريف أنّ المدقق في الأخبار، يجد أنّ الحديث عن “مبادرة محادثات”؛ أي عن مبادرة تؤدي لمحادثات، وليس أبداً وضع تصور لحل سياسي”. الآن، يحدث الشيء ذاته، بالتفاصيل ذاتها، مع فروقات طفيفة.
أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في اجتماع المجلس الاستشاري لحركة “فتح”، قبل أيام، وكما نقلت وسائل إعلام، “ترحيب القيادة الفلسطينية بالجهود الفرنسية والأوروبية لإحياء العملية التفاوضية، مؤكدا أن الأفكار التي طرحها الجانب الفرنسي تصلح كقاعدة لإطلاق المفاوضات”.
وتخبرنا المؤشرات أنّ الفرنسيين بدأوا “المسلسل” هذه المرة، المكرر، من اقتراح أن يقدموا هم مشروع قرار يقر من مجلس الأمن ليكون مرجعية جديدة لعملية السلام. ثم صار الحديث عن مبادرة فرنسية (من دون وضوح لدور مجلس الأمن)، ثم الآن عن “أفكار” لإعادة إطلاق المفاوضات (وليس لإنهاء الاحتلال).
تذكرتُ وأنا أقرأ عن المبادرة الفرنسية، وأكتب هذا المقال، فيلم أحمد حلمي “ألف مبروك”. ثم تذكرت أني ربما كتبت عن المفاوضات وهذا الفيلم. وبالبحث، وجدت أني فعلت ذلك في نيسان (أبريل) 2012، وقلت يومها: “هذا التكرار يكاد يتطابق مع فكرة فيلم “ألف مبروك” من بطولة الممثل المصري أحمد حلمي. وتقوم حبكة الفيلم على استيقاظ البطل كل يوم ليعيش مجموعة أحداث تنتهي نهاية مأساوية، ويستيقظ كل يوم لتتكرر الأحداث، مع اختلافات طفيفة. ويحاول البطل في كل يوم تغيير شيء من مسار اليوم الماضي، علّه يغير من النهاية، فينجح قليلا في التفاصيل، ولكن النهاية واحدة ومتكررة. والفيلم كوميديا سوداء، على ما فيها من “إضحاك” يصل بالمشاهد إلى حالة غريبة من مزيج من الرغبة في المتابعة، وحالة الدوار التي يتسبب بها تكرار المشاهد، كما لو كانت دوامة تسبب حالة من فقدان التوازن”‬.
الاختلاف هذه المرة أن الفرنسيين والأوروبيين هم من يُقدّمون الأفكار، فيشعر المتابع أنّ هناك مرجعية تفاوض جديدة، وأنّ هذا تغيير. ثم، وبما أنّ الأحداث تتكرر، يبدأ الشخص بانتظار ما سيقال عن تجميد الاستيطان، وإطلاق أسرى. ولذلك، رغم الإحباط من العملية السياسية ذاتها، يُفكر هل سيطلق سراح أسرى؟ ومن بالضبط؟
في حبكة التكرار هذه أيضاً، أنّ المتفرجين هم أنفسهم (الناس) ملّوا، ولكن هل يفكرون بفيلم جديد؟!
عن الغد الاردنية

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً