أحلام أطفال غزّة.. زي مدرسي وكرة قدم

2015/11/29
Updated 2015/11/29 at 10:32 صباحًا

68288af6-53f7-46b0-8036-6dd874dc5ef0

كرواية فيكتور هوغو “البؤساء” تبدو غزة في الوقت الحالي، فصفحات تلك الرواية العالمية الفرنسيّة الشهيرة لم تنطوِ بعد، وبؤس ما عاشته الشخصيات في الرواية يشبه مرارة حياة قرابة مليوني فلسطيني يعيشون واقعاً قاسياً في أكبر سجنٍ مفتوح في العالم. لكن، في ظل هذا المشهد، يظهر شاب يرفض أن يسيطر البؤس على مدينته والحزن على سكّانها.
يعيش سعيد قديح، ابن 23 عاماً، في بلدة خزاعة شرق خان يونس، هذه البلدة التي تعرضت لعدوان إسرائيلي عنيف في الحرب الأخيرة. لكنّ ذلك لم يمنع قديح من البحث عن “بطاقة حلم” وسط الركام وحملها لتحقيق أحلام الصغار البسيطة.
يقول قديح: “بدأنا مشروع بطاقة حلم قبل شهرين. يقوم المشروع على تحقيق حلم 100 طفل في غزة. كلّ يوم نبدأ بالعمل على تحقيق حلم طفلٍ من أطفال غزة. أحلامهم بسيطة جدا: كرة قدم، كرسي متحرك، سماعة طبية، تسوق، دراجة هوائية”.
يشير قديح إلى أنّ المشروع لاقى قبولاً كبيراً من الناس، وإلى أنّ هدفه إنساني بحت: تحقيق مئة حلم لمئة طفل في مئة يوم. يحكي الشاب كيف عاهد نفسه ألا يمرّ يوم من دون تحقيق حلم طفلٍ واحد على الأقل، “استطعنا في كل يوم يمضي من أيام المبادرة تحقيق أكثر من حلم”.
ظهرت الفكرة لسعيد قديح عندما التقى أثناء عودته إلى منزله ببعض أطفال الحي الذي يسكنه. “سألتهم عن أحلامهم، وكانوا كلّهم يريدون زيّاً مدرسياً وكرة قدم. قلت لنفسي إنّ ذلك بسيط، وإنّ بإمكاني مساعدتهم”.
معظم الأطفال الذين تتم مساعدتهم ينتمون إلى عائلات فقيرة، لا مصدر رزقٍ لها. أحد أطفال رفح كان يحلم بالذهاب للتسوق، فهو لشدة فقر عائلته لم يذهب إلى السوق منذ عامين. يقول سعيد إن ذلك أدهشه، “كان يرغب بأن يذهب بنفسه إلى السوق ليفاجئ والده بأنّه اشترى كل ما يلزم البيت. حقّقنا له حلمه، وردة فعل العائلة كانت رائعة، وحفزّتنا أكثر فأكثر على العمل”.
رافقت ردّة الفعل هذه عائلات الأطفال الخمسة عشر الذين تمّت مساعدتهم حتّى الآن.
تبدو الدهشة على وجه سعيد وهو يحكي عن بساطة أحلام الأطفال. “أحدهم كان يريد أن يربي العصافير، فاشتريناها له. طفلة أخرى مصابة بضمور في المخ وإعاقة في الحركة، أحضرنا لها كرسياً متحركاً. طفلة أخرى كانت تحلم بمسبح صغير في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وكان لها ما أرادت. آخر كان يرغب بحوض سمك، لأنّه يحب رؤية الأسماك الملونة بعينيه”.
لكن، هذه الرحلة لم تخلُ من الألم، بحسب قديح. ثلاثة أولادٍ أيتام، لم يكن حلمهم يتعدى الحصول على الزي المدرسي. أما الأكثر إثارة للحزن، بالنسبة له، فكانوا أبناء الشهداء والأسرى، الذين يريدون استعادة آبائهم. “لم نتمكن من مساعدة هؤلاء الأطفال سوى بتحفيزهم وتشجيعهم على الصمود. هذا كلّ ما استطعنا فعله”.
لم يواجه مشروع “بطاقة حلم” أيّ مشكلة حتى الآن، فغزة تربة خصبة لبدء المشاريع التطوعية الفردية أو الجماعية ضمن فرق أو مؤسسات. الناس هنا بحاجة دائماً لأحد يقف إلى جانبهم ويخفّف عنهم. كل ثلاث سنوات تقريباً تندلع حرب إسرائيلية على القطاع تدمّر معالم الفرح فيه، لذا فإنّ التطوع في ظل هذه الظروف مكسب لسكان القطاع، كونه يخفّف من معاناة الناس والأضرار النفسية التي يتعرضون لها.

.. السفير(غزّة)

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً