مقاطعة البضائع الأميركية.. على الطريق منتجات الولايات المتحدة في السوق الفلسطينية أكبر من السجلات الرسمية

2017/12/18
Updated 2017/12/18 at 9:23 صباحًا

*الكثير من المنتجات الأميركية تورد عبر وسطاء إسرائيليين
*مطاعم ووكالات وامتيازات أميركية باستثمارات فلسطينية… ما مصيرها؟
*49 مليون دولار فقط حجم الواردات الأميركية المسجلة لدى وزارة الاقتصاد الوطني
*14 مليون دولار حجم صادراتنا إلى الولايات المتحدة
رام الله – الحياة الجديدة- وفاء حسن – منذ لحظة صدور القرار المشؤوم الذي اعلنه الرئيس الاميركي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس، عاصمة لدولة الاحتلال، في السادس من الشهر الجاري، هبت كافة شرائح المجتمع الفلسطيني للاحتجاج على هذا القرار، التي اعتبرته “قرار من لا يملك، لمن لا يستحق”، على غرار الوعد المشؤوم لبلفور قبل مئة عام.
والى جانب الالتحام مع قوات الاحتلال على نقاط التماس، خرجت أصوات على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الشارع الفلسطيني، تنادي بمقاطعة المنتجات الاميركية على اختلاف انواعها.
ما هو حجم الواردات الاميركية الى فلسطين؟ وما هي المنتجات الاميركية المتدوالة بين ايدي المواطن الفلسطيني؟ وهل هناك بدائل متوفرة لها؟ وما مدى الضرر الاقتصادي الذي تستطيع المقاطعة تحقيقه؟ أسئلة طرحتها “حياة وسوق”، وتوجهت لكل الاطراف المختصة من أجل الاجابة عليها.

ما هو حجم الواردات الاميركية الى فلسطين؟
مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني، عزمي عبد الرحمن، قال إن التقارير السنوية للوزارة تشير الى ان حجم الواردات الاميركية الى فلسطين بلغ في العالم الماضي 49 مليون دولار، من أصل 6 مليارات، وهو الحجم الكلي للواردات الفلسطينية من كل أنحاء العالم.
واسترسل عبد الرحمن، ان 82% من حجم الواردات الفلسطينية يأتي من الجانب الاسرائيلي، أو يكون التجار الاسرائيليون وسطاء فيه.
وحول حجم الواردات الاميركية الحقيقي الى فلسطين أضاف عبد الرحمن لـ”حياة وسوق”، ان الرقم أعلى من ذلك بكثير، موضحا ان هناك منتجات اميركية يستخدمها الفلسطينيون تكون مستوردة من خلال تجار اسرائيليين، فتحسب على انها واردة من الجانب الاسرائيلي، ولكنها في الحقيقة واردة من الولايات المتحدة.
واشار عبد الرحمن الى ان هناك منتجات اميركية يستهلكها المواطن الفلسطيني، ايضا لا تدخل سجلات وزارة الاقتصاد من الأساس، وبالتالي فإن الحجم الحقيقي للواردات الاميركية الى فلسطين هو أعلى من الرقم المطروح بكثير.
أما عن حجم الصادرات الفلسطينية الى الولايات المتحدة الاميركية، فقال عبد الرحمن ان السوق الاميركية تعتبر سوقا تصديرية مهمة بالنسبة لنا كفلسطينيين، حيث تأتي في المرتبة الرابعة من حيث حجم الصادرات الفلسطينية، وتبلغ قيمة صادراتنا الى الولايات المتحدة نحو 14 مليون دولار.

ما أهم المنتجات الاميركية التي يستهلكها المواطن الفلسطيني؟
ويستورد الفلسطينيون وفقا لتقارير وزارة الاقتصاد التي أشار اليها عبد الرحمن، عددا من السلع والمنتجات الاميركية، اهمها السجائر التي تأتي في المرتبة الاولى، من الواردات الاميركية، والهواتف النقالة والسيارات والحواسيب، الملابس والاحذية، والاثاث، الاجهزة الكهربائية والادوية، والاغذية.
واكد عبد الرحمن انه اضافة الى المنتجات الاميركية، فهناك ما يسمى بالشركات الحاصلة على حقوق امتياز اميركية، مثل مطاعم الـ “kfc”، والبيتزا هت، والهارديز والبوبايز، وقد دفعت هذه الشركات رسوما عالية جدا، الى الشركات الأم، من أجل افتتاح أفرع لها في فلسطين، وفي هذه الحالة يكون المستثمر فلسطيني ولكنه حصل على حقوق امتياز اميركية.
واضافة الى هذه الشركات فهناك الوكالات الاميركية الموجودة في أسواقنا، وفي هذه الحالة يكون الوكيل هو مستورد للمنتج الاميركي، من الشركة الأم مباشرة، أي لا يقوم بتصنيعه هنا، وانما فقط يقوم باستيراده وبيعه في اسواقنا، وهذه الحالة تنطبق على السيارات والحواسيب والاجهزة الالكترونية.

هل ستؤثر المقاطعة على هذه الشركات؟ وما حجم الضرر؟
وحول هذه النقطة بالتحديد، قال مدير السياسات العامة في الوزارة، ان المقاطعة الاميركية سواء كانت للمنتجات او للشركات الحاصلة على حقوق الامتياز او الوكالات، في كل الأحوال تسبب خسائرا وضررا، وان كان حجم الضرر يتباين بين الشركات ذات الامتياز والوكالات، “في الوكالات يكون أكبر”.
وأوضح عبد الرحمن، انهم كوزارة اقتصاد يرحبون بأي قرار وطني، وفي هذه الحالة فإن انسجام القرار الاقتصادي مع القرار السياسي فيه استرداد للكرامة الفلسطينية، فلا يمكن ان تسلب دولة حقوقنا ونستمر معها في علاقات تجارية، ونستهلك منتجاتها.
وأكد عبد الرحمن ان القرار الفصل في هذه الحالة هو للمواطن، فسوقنا الفلسطيني سوق مفتوح، وفيه ما هب ودب من المنتجات من كل أنحاء العالم، نظرا لفقدان السيطرة على المعابر والحدود، وبالتالي فإن المواطن وحده من يقرر حجم المقاطعة وحجم ضررها.

اتحاد الغرف التجارية يتدارس القرار.. وقريبا سيصدر موقفا رسميا
من جهته، أكد رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية، خليل رزق في حديث لـ “حياة وسوق”، ان قضية مقاطعة البضائع الاميركية بكافة اشكالها وانواعها، يجري تدارسه الآن في اروقة الاتحاد، من أجل الخروج بقرار واضح من شأنه ان يشكل عامل ضغط على الادارة الاميركية، بعد قرارها السياسي المجحف بحق الفلسطينيين.
وقال رزق انه يجب ان يكون هناك ضغط اقتصادي، حتى يكون هنك ضغط من الشارع الاميركي على هذه الادارة التي تستبيح كل شيء.
وحول حجم الضرر الذي قد تلحقه هذه المقاطعة للتجار الفلسطينيين والمستثمرين الفلسطينيين أنفسهم، قال رزق ان الضرر واقع وحاصل ولا بد منه، ولكن الضرر السياسي الذي لحق بنا أكبر بكثير، ونحن ندرس هذا الموضوع بعقلانية وتروي حتى نصل الى نتيجة بأخف الأضرار على الفلسطينيين.
وعن البدائل المتوفرة في السوق الفلسطيني للمنتجات الاميركية، قال رزق ان البدائل متوفرة وموجودة ولكن البعض يفضل الاميركي، هنا نحث المواطن الفلسطيني أن يتخذ قرارا صارما بمقاطعة هذه البضائع.
وحول فعالية قرار المقاطعة، أكد رزق انه اذا بدأت فلسطين بهذه الحملة واستطاعت لاحقا ان تؤثر على الدول العربية والدول الصديقة فإنه سيكون قرارا فاعلا وذا تأثير كبير على صانعي القرار.
ووجه رزق رسالة الى التجار الفلسطينيين الذين قد يتضررون من مثل هذا القرار ان ينظروا الى القضية الاكبر والاعمق وهي القدس، التي تستحق منا التضحية واستخدام كل الاساليب الممكنة من اجل الحفاظ عليها، مناشدا اياهم ان يلتزموا بالقرار كي يشكل عامل ضغط.

محلل: خطوة في الاتجاه الصحيح
من ناحيته قال المحلل الاقتصادي، هيثم دراغمة، انه رغم كون علاقتنا التجارية مع اميركا ليست بالحجم الكبير، من وجهة نظره، الا انه يرى مقاطعة منتجاتها خطوة في الاتجاه الصحيح.
وقال دراغمة انه اذا ما انضمنت الدول العربية الى هذا القرار فسيكون مؤثرا جدا، خاصة ان ترامب كما هو معروف عنه هو رجل اقتصاد بالدرجة الاولى وتهمه العلاقات التجارية مع كل الدول، لما فيه من مصلحة اقتصادية للولايات المتحدة.

هل أنت مستعد لمقاطعة المنتجات الاميركية؟
وجهنا هذا السؤال لمواطنين من مدن مختلفة، فلقي الامر ترحابا كبيرا منهم، مع وجود تحفظات لدى بعض المواطنين حول قطع العلاقات التجارية مع اميركا واستمرار الحصول على دعم منها من الناحية الاخرى.
المواطنة سندس قرعان من مدينة رام الله، قالت “نعم ، أنا مع مقاطعة البضائع الأميركية كما الإسرائيلية، ففي ظل القرارات الأميركية المنحازة وبشدة للاحتلال الإسرائيلي وخاصة القرار الأخير بالاعتراف ان القدس عاصمة للاحتلال، لا يمكن ان نستمر في علاقاتنا التجارية معها” وأكدت انها على استعداد تام لمقاطعة البضائع الاميركية فورا.
واشارت قرعان الى انه من الضروري اذا ما اتخذ هذا القرار ان يتم تعريف المواطنين بالمنتجات الاميركية في بلادنا، فلا تعتقد ان الكثيرين يعرفون هذه المنتجات.
بدوره أكد استاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، اهمية هذه الخطوة، مشيرا الى ضرورة عدم تحجيم العلاقة مع أميركا في مقاطعة “كي اف سي وماكدولناز”، وقال: هناك ما هو أخطر ويحتاج إلى قرار وطني مُجْمَعٌ عليه.
واوضح الشوبكي بأن الأخطر من مسألة البضائع، هو أن السلطة الوطنية تتلقى أموالا لتكوين ميزانيتها من الحكومة الأميركية، فهل هي مستعدة للتخلي عنها؟
وطرح الشوبكي تساؤلا حول مصير عشرات من المؤسسات التعليمية والحقوقية والتنموية التي تتلقى الدعم من الولايات المتحدة، فيما اذا تمت المقاطعة الاميركية بالفعل.
من جهته قال فتحي حمدان، من طولكرم: انا مع مقاطعة البضائع الاميركية قلبا وقالبا، ومع قطع كل العلاقات الاقتصادية والسياسية بها، فبعد ان عولنا عليها عشرات السنوات، تبين بوضوح انها لم تكن يوما طرفا محايدا في قضيتنا، وبالتالي يجب مقاطعتها والبحث عن بدائل ليس فقط لمنتجاتها، ولكن لدعمها الذي تقدمه لنا.
وسواء صدر قرار مقاطعة البضائع والمنتجات الاميركية في اسواقنا، فإن كل الاطراف ذات العلاقة تؤكد ان المواطن الفلسطيني وحده صاحب القرار في هذا الامر، تماما كما كان صاحب القرار في مقاطعة بضائع الاحتلال، التي تحولت من حملة وطنية، الى حملة عربية وعالمية مؤثرة في الاقتصاد الاسرائيلي.

Share this Article