الارض تستحق…. ودماء ابنائنا غالية بقلم : ابراهيم دعيبس

2018/04/01
Updated 2018/04/01 at 11:26 صباحًا

منذ البداية، كانت الارض وما تزال وستبقى، هي عنصر النزاع الاول مع الحركة الصهيونية اولاً ومع اسرائيل لاحقاً، كانت الارض كلها لنا وكانوا لا يملكون اكثر من ٢٪ منها، ثم بدأت الأمور تتغير بشراء الارض عبر السماسرة او بمصادرتها بمساعدة الانتداب البريطاني حتى جاء العام ١٩٤٨ واقاموا دولتهم وواصلوا تدمير القرى والبلدات وتهجير اهلها والأستيلاء على الاراضي، ولدينا عشرات الأمثلة على ذلك، وما يزالون يواصلون تلك السياسة حتى اليوم خاصة في منطقة النقب».
وجاء الاحتلال عام ١٩٦٧ وبدأت المأساة الكبرى، كما نرى، وأقيمت عشرات المستوطنات وصودرت آلاف الدونمات وتم تهجير آلاف الفلسطينيين الذين أصبحوا لاجئين حتى داخل وطنهم وقد صودرت أراضيهم، بالاضافة لملايين اللاجئين خارج الوطن، وفي اذار ١٩٧٦ صادروا اراضي عدد من القرى والبلدات الفلسطينية في الداخل وتمرد المواطنون اصحاب الحق وتظاهرو احتجاجاً في ٣٠ آذار ١٩٧٦ وتدخلت الشرطة وقوى الأمن الاسرائيلية وقتلوا ستة اشخاص واصابوا او اعتقلوا الكثيرين غيرهم، ومنذ ذلك التاريخ أصبح ٣٠ آذار يوماً للأرض التي هي جوهر الصراع، ليس لدى الفلسطينيين بالداخل ولكن لدى الفلسطينيين فوق الأرض من البحر الى النهر أو في المهاجر، وصارت المناسبة يوماً للتعبير عن الغضب والظلم الذي لحق بنا وبأرضنا.
أمس الأول يوم الجمعة في ٣٠ آذار، احتشد عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة لاحياء يوم الأرض.. وبدأت اسرائيل وكعادتها وسياستها التي لا تتغير، تستعد لمواجهة هذه الحشود، وارسلت قوات ومئات القناصين الى خطوط التماس.. وهنا حدث الاصطدام بين المتظاهيرن العزل والقوات المدججة بالسلاح وسقط ما لا يقل عن 15 شهيداً ونحو 1500 جريح. ولم يصب اسرائيلي واحد بأية جراح.
عدنا الى منازلنا وبدأنا بتشييع الشهداء والعمل لمعالجة الجرحى.. وبصراحة وبدون مجاملة او محاولة للتجاهل يتساءل كثيرون من أبناء شعبنا، وأنا واحد منهم، هل دماء أبنائنا رخيصة حتى نلقي بها الى رصاص المحتل مع التأكيد أن الأرض تستحق للدفاع عنها ولكن بالمنطق والمسؤولية وليس بالعواطف المجردة، لقد تظاهر الفلسطينيون بالداخل واحتجوا واعترضوا ورفعوا الاعلام الفلسطينية واللافتات الوطنية، دون ان يصاب احد منهم، فلماذا نحن ندفع شبابنا المتحمسين الى مواقع الخطر والموت؟ لماذا لا يكون العقل والمنطق هو سيد الموقف؟ لماذا كان اقتحام الحواجز الاسرائيلية حيث سلاح الموت والنوايا الحاقدة بالمرصاد. هل كان من الممكن تحقيق أي هدف واقعي من ذلك؟ ألم يكن الأفضل والأنسب والأجمل وطنياً أن نتظاهر ونحتج ونحافظ على حياة شبابنا؟ ان معاناة آلالاف من أهالي الشهداء والجرحى كبيرة ولا توصف وهذا بحد ذاته مأساة يجب أن نفكر بها ونتجنبها..الا اذا كانت الشهادة تحقق أهدافاً ميدانية حقيقة. ألم يعبر فلسطينيو الداخل عن مواقفهم الرافضة بدون إسالة دماء؟ واذا كانت اسرائيل لا ترحم كما نعرف، فلابد ان نرحم نحن انفسنا.
وبالمناسبة، فقد أعلنا نحن بالضفة الحداد العام احتجاجاً على أرواح الشهداء؟ فهل هذا هو المطلوب؟ ان الاضراب أساساً صار شكلاً ممجوجاً من الاحتجاج منذ الاضراب الشهير عام ١٩٣٦ الذي إستمر ستة أشهر. ان الاضراب او الوقوف بالشوارع لمدة خمس دقائق أكثر فاعلية، ولاسيما أن يوم الاضراب أمس أساساً هو يوم عطلة رسمية، ولم يلتزم به الكثيرون.
وأسوأ من الاضراب أننا توجهنا الى مجلس الأمن والأمم المتحدة، ونحن نعرف تماماً بأن هناك عشرات أو مئات القرارات التي لم يتم الإلتزام بها أو تنفيذ أي شيء منها، ومع هذا لم نصل الى أية نتيجة حتى في مجلس الأمن هذا.
وأسوأ الأسوأ أننا نتحدث عن القمة العربية القادمة في الرياض ونحن نعرف تماماً أن مبادرة السلام العربية الممتازة والعملية قد اتخذتها قمة بيروت عام ٢٠٠٢ ومنذ ذلك التاريخ وهي في سلة المهملات ولا يلتفت إليها أحد.
لقد كنا نتوقع بدل الركض وراء مجلس الأمن والقمة العربية، أن تبادر السلطة، مثلاً، الى رفع العقوبات ولو جزئياً عن غزة لا حبا في حماس أو دعماً لها، ولكن لمساعدة شعبنا هناك الذي دفع الدماء غالية للدفاع عن الأرض وما يزال يعاني أقسى أنواع الحياة والمعيشة بسبب الحصار والعقوبات.
إننا ندور في دوامة ويغيب المنطق والواقعية في سياستنا وتسود العواطف والشعارات ويدفع الثمن المواطن البسيط ويظل أصحاب القرار والقيادات في مواقفهم ومكاسبهم. وكل التحية والتقدير والاعتزاز بغزة وأهلها وشجاعة أبنائها ووطنيتهم التي هي درس وقدوة للجميع .
لقد كنا نتوقع بدل الركض وراء مجلس الأمن والقمة العربية، أن تبادر السلطة، مثلاً، الى رفع العقوبات ولو جزئياً عن غزة لا حبا في حماس أو دعماً لها، ولكن لمساعدة شعبنا هناك الذي دفع الدماء غالية للدفاع عن الأرض وما يزال يعاني أقسى أنواع الحياة والمعيشة بسبب الحصار والعقوبات. وكل التحية والتقدير والاعتزاز بغزة وأهلها وشجاعة أبنائها ووطنيتهم التي هي درس وقدوة للجميع .

Share this Article