بعد سنة من بدء الحرب مع “داعش”.. لا شيء لدينا لنعرضه

2015/08/13
Updated 2015/08/13 at 9:23 صباحًا

فهرس
صادف يوم السبت الماضي مرور عام كامل منذ بدأ الجيش الأميركي حربه التي ما تزال غير معلنة بعد ضد مجموعة الدولة الإسلامية “داعش”، وهي الحرب التي يعترف المسؤولون الحكوميون علناً بأنها سوف تستمر إلى أجل غير مسمى. فما الذي لدينا لنعرضه عن ذلك؟ حتى الآن، تم إنفاق مليارات الدولارات، وتم إسقاط الآلاف من القنابل، وقُتل مئات من المدنيين، ولم يصبح “داعش” أضعف مما كان عليه في آب (أغسطس) في العام الماضي، عندما بدأت الضربات الجوية ضده.
ولكن، لا تأخذوا هذا الرأي مني شخصياً -إنه استنتاج مجتمع الاستخبارات الأميركي نفسه. وكما ذكرت وكالة الأسوشييتد برس قبل بضعة أيام، فإن وجهة النظر التي تجمع عليها وكالات الاستخبارات الأميركية هي أن “داعش” ما يزال قوياً كما كان قبل عام من الآن، وأنه ما يزال بوسعه استبدال المقاتلين بوتيرة أسرع من تعرضهم للقتل.
كما هو الحال مع كل حرب راكدة ولا نهاية لها، يرجح أن تقود هذه الحقيقة غير المريحة آخرين إلى الدعوة إلى مزيد من القتل، بدلاً من إعادة النظر وتأمل السبب في أن الاستمرار في قصف المنطقة نفسها لعقود لا يثمر في حقيقة الأمر. سوف يقولون، ربما يكون الأمر أننا لا نقوم بإطلاق الصواريخ بمعدل عال بما يكفي؛ ربما نحتاج إلى غزو بري واسع النطاق، أو ربما نحتاج إلى قتل المزيد من المدنيين حتى ندمر العدو حقاً. (نعم، هذه أطروحة حقيقية يعكف مروجو الحرب على وضعها).
بالحديث عن القتلى المدنيين، فإن الإعلام أتى بالكاد على ذكرهم على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، على الأغلب لأن الجيش الأميركي، وعلى نحو لا يصدق، اعترف فقط بوقوع اثنتين من الإصابات في صفوف المدنيين خلال سنة كاملة من الضربات الجوية التي غطت بلدانا عدة. ويقول تقرير حديث أعده صحفيون وباحثون في المنطقة إن العدد الحقيقي ربما يدور حول 500 من المدنيين على الأرجح. لكن حسن الطالع ربما يجلب الجيش الأميركي أقرب إلى الاعتراف بذلك. وعلى الرغم من التقارير الموثوقة عن الخسارة المدنية التي ظهرت مباشرة تقريباً بعد بدء الحرب، فقد استغرق الأمر الولايات المتحدة ما يقارب الستة أشهر للاعتراف بأنها لم تكن هناك أي خسائر على الإطلاق. وقد أصبح أصعب من أي وقت مضى على أعضاء مجتمع الإعلام أن يسافروا إلى داخل مناطق الحرب تلك. وحتى عندما يحاولون الاتصال بالمسؤولين العسكريين، فإن قيوداً كبيرة توضع عليهم.
في الوقت الراهن، ثمة خطط موضوعة مسبقاً لتوجيه المزيد من الضربات بالطائرات من دون طيار في ليبيا، وزيادة قوة النيران الجوية في سورية، ومن يعرف ماذا في الجراب للعراق. أما ما سيجلبه العام المقبل، فيما يتنافس مرشحو الرئاسة الأميركية حول من هو الذي سيكون “أكثر صرامة” ضد “داعش”، فهو أمر ما يزال متروكاً للتكهنات.
تتلقى كتيبة المتعطشين للحرب المساعدة من إعلام يصبح أكثر هستيرية باطراد، والذي سيطلق بأعلى صوت وبكل سرور رسالة “داعش” الإرهابية من أجل خلق أكبر قدر من التأثير، بينما لا يسأل أبداً عما إذا كانت تصرفات الولايات المتحدة هي في الحقيقة ذلك الشيء الذي يدفع بالكثير من الإرهابيين إلى استهداف الولايات المتحدة، كما يفترض. ويقدم العنوان الرئيسي للصفحة الأولى في صحيفة “نيويورك تايمز” ليوم الثلاثاء خير مثال على نقل الأخبار الخالي من أي نزعة للشك والمساءلة، والذي سيجعل الجمهور يذهب إلى تأييد المزيد من العمل العسكري فقط: “الدولة الإسلامية أم القاعدة؟ المسؤولون الأميركيون ينقسمون حول تحديد التهديد الإرهابي الأعلى”.
مع ذلك، لم يقع حتى هجوم واحد تورط فيه “داعش” في داخل الولايات المتحدة حتى الآن، لكن ذلك لم يوقف المسؤولين الحكوميين عن اقتراح العديد من القوانين الجديدة التي ستقوم بغزو خصوصيتنا وتفضي إلى تآكل حقوقنا الدستورية.
بعد مرور عام، يبدو أننا أصبحنا الآن أبعد كثيراً عن تفويض الكونغرس لهذه الحرب مما كنا في أي وقت مضى. في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كانت هناك مجموعة من مقالات الرأي التي كتبها الخبراء القانونيون من مختلف ألوان الطيف السياسي، والتي تشرح كيف أن حرباً مستدامة ضد “داعش” ستكون غير قانونية بكل وضوح إذا لم يصوت عليها الكونغرس. والآن، أصبح ذلك كله طي النسيان عملياً. ولا تكلف معظم وكالات الأنباء نفسها عناء تناول هذا الموضوع مجدداً –حتى أن الحديث الوليد عن ذلك في الكونغرس تبخر كله وذهب أدراج الرياح.
هكذا أصبح البيت الأبيض حراً على ما يبدو في استخدام التفويض الممنوح للحرب في أفغانستان لتبرير خوض حرب في سورية والعراق، ضد عدو لم يكن موجوداً في الوقت الذي هاجمت فيه “القاعدة” الولايات المتحدة يوم 11/9 (والذي تكرهه القاعدة نفسها اليوم أيضاً). ويبدو أن البيت الأبيض قام بتوسيع وصوله إلى مسافة أبعد، زاعماً أنه يستطيع استخدام تفويض الحرب ضد القاعدة لإطلاق الصواريخ على أي طرف يحاول أن يقاتل الثوار “المعتدلين” المدعومين أميركياً في سورية، بمن فيهم الدكتاتور السوري، بشار الأسد.
بمناسبة الحديث عن سورية، فإن “خطة” تسليح وتدريب الثوار السوريين من أجل هزيمة “داعش”، ليست سوى كارثة كاملة بكل المقاييس. وأنا أضع كلمة “خطة” بين علامتي تنصيص لأنه كان واضحاً منذ البداية –حتى لدى أولئك الذين هندسوا هذه السياسة- أن تسليح هؤلاء الناس لن يجدي نفعاً. وقد خلصت دراسة أجرتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية نفسها إلى أن تسليح الحركات الثورية يخلف دائماً تقريباً تداعيات مروعة -وقال الرئيس شيئاً مشابهاً جداً في مقابلة أجريت معه قبل أن يقترح على الكونغرس القيام بذلك بالتحديد. وإلى جانب ذلك، كانت وكالة الاستخبارات المركزية تقوم بتسليح الثوار لسنوات من دون إحراز أي نجاح.
كما يبدو، تم الإبقاء على الكونغرس في الظلام فيما يخص دراسة وكالة الاستخبارات المركزية، وحول خطة الوكالة نفسها للتسليح، والتي كانت جارية (ولا تؤتي ثماراً) على مدى سنتين سابقتين.
الآن، أنفقت الولايات المتحدة ملايين الدولارات على مجرد 60 ثائراً، والذين دخلوا البلد أخيراً، فقط ليقعوا في كمين على الفور؛ حيث لقي الكثيرون منهم حتفهم أو وقعوا في الأسر. ولم يكن الجناة من “داعش”، وإنما من “جبهة النصرة”، فرع تنظيم القاعدة الذي يعد هو أيضاً “داعش” عدوه.
وقد صُدم المسؤولون الأميركيون على ما يبدو من أن “جبهة النصرة” تهاجم الثوار، على الرغم من حقيقة أن الولايات المتحدة كانت منخرطة في حملة قصف تستهدف هذه المجموعة نفسها في سورية، وحقيقة أن مجموعة أخرى من الثوار الذين تدعمهم وكالة الاستخبارات المركزية تعرضوا لهجوم من “جبهة النصرة” في العام السابق.
يشكل هذا مقياساً مثالياً لتقييم الحرب على “داعش” حتى الآن: إنها مجرد هدر مأساوي، من دون هدف واضح، ولا نهاية منظورة في الأفق.
تريفور تيم – (الغارديان)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
*نشر هذا المقال تحت عنوان: We’re a year into the unofficial war against Isis with nothing to show for it

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً