سيناريوهات إسرائيلية لمواجهة “النووي” الإيراني

2015/12/03
Updated 2015/12/03 at 10:43 صباحًا

349

القدس المحتلة ــ نضال محمد وتد  /لم تتوقف إسرائيل عن متابعة الملف النووي الإيراني، وتداعيات الاتفاق الموقّع بين طهران ودول 5+1 في يوليو/تموز الماضي، وانعكاسه وآثاره على التطورات الإقليمية الأخيرة. كما تفكّر تل أبيب في ما إذا تحوّلت إيران مستقبلاً إلى دولة نووية، وقادرة على التحوّل بقرارٍ سياسي إلى قوة نووية، بموجب غطاء شرعي دولي.
في السياق، خصّص مركز “أبحاث الأمن القومي” التابع لجامعة تل أبيب، الثلاثاء، يوماً دراسياً، تمّ خلاله استعراض الجوانب المختلفة للاتفاق الدولي مع إيران، وحدود هذا الاتفاق بمشاركة نخبة من العسكريين السابقين وصنّاع القرار، بمن فيهم مسؤولون أميركيون أبرزهم روبرت أينهورن المساعد الخاص لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، والسفير الأميركي السابق في تل أبيب داني كريتسر، إلى جانب الجنرال المتقاعد في جيش الاحتلال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” عاموس يدلين، ورئيس الطاقم الأمني والسياسي في وزارة الأمن الإسرائيلية الجنرال عاموس جلعاد، ومستشار الأمن القومي السابق الجنرال احتياط يعقوف عامي درور.

وكان لافتاً في مداولات المؤتمر إقرار الأطراف المختلفة أنه كان بالإمكان تحقيق اتفاق أفضل (من المنظور الإسرائيلي)، لو لم يتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، موقفاً متشدداً علانية، وهو ما أخرج إسرائيل طيلة فترة المفاوضات من دائرة التأثير على صياغة الاتفاق النهائي.

في هذا الصدد، يقول يدلين، بصفته رئيساً للمركز، إن “إسرائيل أمضت ستة أشهر منذ توقيع الاتفاق أسيرة محاولات يائسة من نتنياهو لإفشال الاتفاق في الكونغرس الأميركي، بدلاً من الخوض في حوار استراتيجي للتوصل إلى اتفاق موازٍ إسرائيلي ـ أميركي، يضمن المطالب الإسرائيلية لمواجهة تداعيات الاتفاق المستقبلية، خصوصاً أن إيران ستكون بعد 15 عاماً دولة نووية شرعية”.

ويُجمع المشاركون في المؤتمر، على أن “إيران خرجت منتصرة من الاتفاق، بفعل تحوّلها إلى طرف شرعي في المنظومة الإقليمية، ولاعب مشارك مثلاً، في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، خلافاً لإسرائيل”. كما يعتبر المشاركون أن “الاتفاق سيحوّل إيران، بفعل تدفّق الأموال والاستثمارات الأجنبية، إلى دولة ذات قوة عسكرية تقليدية، أكثر تطوّراً وأشدّ بأساً، كون الاتفاق لم يتطرّق إطلاقاً، إلى مسألة الترسانة العسكرية الإيرانية التقليدية، ولا نشاط إيران الإقليمي وسعيها لفرض هيمنة دينية في المنطقة”.

ويضع يدلين أربعة سيناريوهات، في هذا الشأن. ووفقاً للسيناريو الأكثر تفاؤلاً، فإن إيران ستحرص على تطبيق الاتفاق الدولي بحذافيره، وسيزدهر اقتصادها وتستعيد شبكة علاقاتها الدولية لتصبح، كسويسرا، دولة مسالمة. أما السيناريو الثاني، وفقاً ليدلين، فيرى أن إيران ستسير على خطى كوريا الشمالية. وبحسب هذا السيناريو، فإن إيران ستلتزم ببنود الاتفاق الدولي، حتى تحين فرصة دولية مؤآتية لخرقه والتنصّل منه. أما السيناريو الثالث بحسب يدلين، فيقضي الالتزام بالاتفاق واستغلال كافة الثغرات فيه.

غير أن ما يخشاه يدلين، يورده في السيناريو الرابع والمتشائم، الذي يتحدث فيه عن امتناع إيران عن تطوير قنبلة نووية لحين إنهاء العقوبات واستعادتها لأموالها وأرصدتها المجمّدة، ثم تعمد إلى خرق الاتفاق. ويجب أن تكون هذه السيناريوهات بحسب يدلين، أساساً لخطة العمل الإسرائيلية، بالتنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة.

ويخلص يدلين إلى الاستنتاج بأن “إسرائيل فقدت بعد الاتفاق النووي، أي شرعية دولية لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، وبالتالي فإن ما تبقّى لإسرائيل هو العمل ضد ذراعي إيران في المنطقة وهما نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد وحزب الله”.

في المقابل، يرى عامي درور، أن “الاتفاق يطرح على إسرائيل تحدّي الاستعداد لخيار عسكري تقوم به بنفسها، لأنه لا الأوروبيون ولا الأميركيون، ولا أحد في المنظومة العالمية، سيكون مستعداً للعودة إلى الوراء، والاعتراف بأن إيران خرقت الاتفاق، وبالتالي يتعيّن فرض عقوبات ضدها أو اتخاذ خطوات عسكرية لضربها”.

ويدّعي عامي درور أن “الاتفاق يترك عملياً إسرائيل وحيدة في مواجهة إيران، لا سيما أنه حوّلها لعامل إقليمي شرعي، وجزء من الحل في المنطقة، مع تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، على العكس تماماً من مكانة إسرائيل بعد الاتفاق”. ويخلص عامي درور في هذا السياق إلى القول إن “إسرائيل ستكون مضطرة لأن تواجه إيران بمفردها”.

ويقترح عامي درور أربع فرضيات على السياسة الإسرائيلية لاعتمادها: أولاً، ستسعى إيران إلى تضليل العالم وخداعه، وهذا لن يحدث في الفترة القريبة بل لاحقاً. ثانياً، لن يسعى ولن يرغب أي طرف بالكشف عن مساعي التضليل الإيرانية. وثالثاً، حتى في حال كشف خرق إيران للاتفاق الدولي، فإن أياً من الدول لن تقبل بالعودة إلى فترة ما قبل الاتفاق الدولي، حتى لا تضطر إلى مراجعة مسار التعامل مع طهران، خصوصاً مع تطور المصالح المشتركة لمختلف الدول معها. ورابعاً، إن النظام الإيراني لن يتغيّر بعد 15 عاماً.

وبناء على هذه الفرضيات، يرى عامي درور، أن “على إسرائيل ألا توقف نشاطها الاستخباراتي، ولا تعاونها مع الولايات المتحدة، لكشف مساعي التضليل الإيرانية، وأن تعمل بموازاة ذلك على بناء القوة اللازمة لتوجيه ضربتها ووقف الخطر النووي الإيراني”.

وخلافاً لنظريات نتنياهو، فإن عامي درور يرى بأنه “لا جدوى من التعويل على حلف مع الدول السنية المعتدلة، سواء كانت عربية أم إسلامية (كتركيا)، لأن التطورات المستقبلية قد تشهد خوض هذه الدول وتوجهها بدورها إلى السعي لحيازة قوة نووية، في سياق بناء توازن رعب متبادل ضد إيران”.

العربي الجديد

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً