تحالف يوناني إسرائيلي ضد “العثمانيين”؟…بقلم:أحمد جميل عزم

2016/02/25
Updated 2016/02/25 at 9:56 صباحًا

جميل
برز في الأيام الماضية موقفان مفاجئان إلى حد ما، يعدّان كسباً دبلوماسياً للجانب الإسرائيلي. الأول، في بريطانيا مع توجه الحكومة هناك لتقييد ومنع المقاطعة وحملاتها ضد الاحتلال الإسرائيلي. والثاني، هو المواقف اليونانية المتحالفة بقوة مع الإسرائيليين. وإذا كان الموقف البريطاني والانحياز الحكومي أمرا لا يتماشى مع تيار عريض، إن لم يكن أغلبية الرأي العام البريطاني، ويحتاج توقفا، فإنّ الحالة اليونانية تستحق وقفة مفصلة، لأنّها تتضمن احتمالات تبلور تحالفات إقليمية جديدة، بحكم القرب الجغرافي اليوناني.
في كلمة ألقاها قبل أيام وزير الدفاع اليوناني بانوس كامنوس، في مركز دراسات بيغن-السادات، الإسرائيلي اليميني، في ما يسمى مدينة “رامات غان” الإسرائيلية، هاجم بحدة ما سماها مشاريع “الهيمنة التركية” و”التجديد العثماني”.
كان عنوان المؤتمر الذي ألقى كامنوس كلمته فيه، هو “تحديات استراتيجية شرق المتوسط”. وبرأيه أنّ السياسات التركية إزاء إسرائيل واليونان “ليست صديقة، وبعيدة عن الانسجام مع القانون الدولي، وليست عامل استقرار”. وعدا عن مهاجمة سياسات تركيا إزاء المهاجرين السوريين واتهامها بتسريبهم إلى أوروبا، ومهاجمة سياستها في قبرص، حرّض الإسرائيليين بالاقتباس من خطاب لرئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، يقول فيه: “إن شاء الله، سيرفرف علم فلسطين في القدس. إنّ أي شيء سيئ للفلسطينيين سيئ لنا أيضاً”. واتهم الأتراك بتقويض الحصار ضد إيران، وتسهيل حركة “داعش”، كما غازل الوزيرُ الروس، بقوله إنّ تركيا حاولت خلق أزمة بين حلف شمال الأطلسي “الناتو” وروسيا، بإسقاط طائرة روسية (في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي).
قبل هذا، وفي منتصف العام الماضي، وقع الإسرائيليون واليونانيون اتفاق تدريب عسكري مشترك، يتضمن زيارات متبادلة لجنود الطرفين. كما ينسق البلدان كيفية استخراج واستثمار الغاز المكتشف في البحر الأبيض المتوسط، ضد الشركاء الأتراك واللبنانيين والفلسطينيين في هذا الغاز. ونهاية العام الماضي أيضا، عندما زار رئيس الوزراء اليوناني، أليكس تسيبراس، فلسطين، التقى القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية، ولكنه كتب في كتاب الضيوف في مقر الرئيس الإسرائيلي عبارة أبهجت الإسرائيليين، إذ كان أول رئيس حكومة أو دولة يعترف بالقدس عاصمة تاريخية لليهود بكتابته: “مع عظيم الشرف أن أكون في عاصمتكم التاريخية”. وبعد يوم واحد من هذه الزيارة، أعلنت اليونان في رسالة وجهت لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معارضة حكومتها لإجراءات الاتحاد الأوروبي بشأن بضائع المستوطنات الإسرائيلية، والإصرار على تمييزها عن البضائع الإسرائيلية التي تحظى بميزات تجارية، ووضع عبارة “صنع في إسرائيل” عليها. وقادت اليونان وهنغاريا معارضة القرارات الأوروبية بشأن بضائع المستوطنات.
ونهاية الشهر الماضي، التقى الزعماء الإسرائيليون واليونانيون والقبارصة، لمناقشة تطوير ومأسسة التعاون بين هذه البلاد، ووُقع اتفاق في نيقوسيا لهذا الغرض.
يسعى اليونانيون والإسرائيليون إلى تحالف مع مصر ضد الأتراك، خصوصاً بشأن استثمار الغاز المكتشف في البحر. وهناك فكرة طرحت إبان زيارة تسيبراس للإسرائيليين، تقترح عقد قمة ثلاثية تجمع المصريين لمناقشة أوضاع الطاقة (رغم زعم الانفتاح على التعاون مع الأتراك). وعدا الغاز الذي يشكل بارقة أمل لليونانيين واقتصادهم المنهار، ونقطة خلاف مع الأتراك، خصوصاً في قبرص، فإنّ السياحة هدف آخر. فإذا كانت تركيا مستقبِلا رئيسا للسياح الإسرائيليين، فإنّ اليونان منافس لتركيا في هذا، وقد نما عدد السياح الإسرائيليين لليونان خلال عدة سنوات من 50 ألفا إلى 350 ألفا. يضاف لهذا وعد العمل على تسهيل رجال الأعمال الإسرائيليين واليهود في الولايات المتحدة، جذب استثمارات لليونان.
بدورهم، يوجه الإسرائيليون رسالة للأتراك بأن التمادي في عدم تطبيع العلاقات يفتح الباب لتحالفات مع خصوم أنقرة الإقليميين، وهو تحالف قد يشهد انضمام روسيا له في مرحلة ما، إذا استمر التوتر الروسي-التركي، وهو ما يعني ضمنا على الأقل، التهدئة مع طهران (باعتبارها حليفة موسكو)، فضلا عن أنّ هذا قد يخدم مصلحة النظام السوري، وهو خصم آخر لأنقرة.
هذه العلاقات المتطورة، تقلص من أهمية توصية البرلمان اليوناني العام الماضي، غير الملزمة، للاعتراف بدولة فلسطينية؛ فالمعنى العملي للقرار محدود بالنظر لكل هذا التعاون والدعم اليوناني للسياسات الإسرائيلية داخل الاتحاد الأوروبي، وسط غياب من يذكّر اليونانيين بمصالحهم في المنطقة العربية.
FacebookTwitterطباعةZoom INZoom OUTحفظComment

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً