أضواء على الصحافة الاسرائيلية 28 حزيران 2016

2016/06/28
Updated 2016/06/28 at 10:12 صباحًا

 

 

مراقب الدولة يوصي الجيش بإلغاء نظامهانيبال

 

تكتب صحيفة “هآرتس” ان مراقب الدولة القاضي المتقاعد، يوسيف شبيرا، اوصى رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، غادي ايزنكوت، بالغاء أمر “هانيبال” في الجيش، الذي يسمح بالمخاطرة بحياة جندي من اجل منع اختطافه. وجاءت هذه التوصية في اطار الفصل المتعلق بالقانون الدولي في مسودة التقرير حول حرب “الجرف الصامد”، بين اسرائيل وحماس في صيف 2014. وتم هذا الأسبوع، ارسال مسودة التقرير الى المسؤولين في القيادتين السياسية والامنية والقضائية. وقال مصدر في الجيش الاسرائيلي ان رئيس الاركان قرر قبل عدة اسابيع الغاء أمر “هانيبال” وكتابة امر جديد، يجري العمل عليه حاليا في قسم العمليات.

وقام مراقب الدولة والقسم الأمني في مكتبه، برئاسة العميد (احتياط) يوسي باينهورن، بفحص سلسلة طويلة من المسائل المتعلقة بسلوك الدولة والسلطات خلال الحرب في غزة. وتم في الأشهر الأخيرة توزيع مسودة فصول التقرير المتعلقة بتهديد انفاق حماس الهجومية وسلوك المجلس الوزاري المصغر. وقد اثار الفصل المتعلق بالمجلس الوزاري توترا سياسيا بعد كشفه في وسائل الاعلام في ايار الماضي، على خلفية الانتقاد الذي تم توجيهه الى رئيس الحكومة ووزير الامن السابق ورئيس الأركان السابق، خاصة فيما يتعلق بإقصاء اعضاء المجلس الوزاري المصغر عن المعلومات المتعلقة بالأنفاق قبل الحرب ومخططات العمل خلالها.

وقالت مصادر اطلعت على مسودة التقرير المتعلق بالقانون الدولي، ان ابرز ما جاء فيه يتعلق بالأمر العسكري “هانيبال”. وتم صياغة هذا الأمر في ثمانينيات القرن الماضي، ورغم ان تفاصيله كانت سرية طوال سنوات، الا انه اثار خلافات شديدة ومر بتقلبات حتى تم تعديله بعد اختطاف غلعاد شليط الى غزة في حزيران 2006.

ويطالب الأمر الحالي الضباط والجنود بتفعيل القوة من اجل احباط اختطاف جندي، حتى ان كان الأمر سيشكل خطرا محتملا على حياة الجندي (أي اصابته خلال محاولة وقف الخاطفين). ورغم ان الأمر لا يسمح بقتل الجندي المختطف من اجل منع الاختطاف، الا ان الكثير من الضباط والجنود يفسرونه هكذا كأنه “توراة شفوية”. وقد عبر الكثير من الضباط خلال منتديات عسكرية في السنوات الاخيرة عن موقفهم هذا وقالوا انهم يفضلون قتل جندي تم اختطافه لمنع العدو من تحقيق انجاز يرتبط بإجراء مفاوضات طويلة ومبتزة مع اسرائيل تنتهي بإطلاق سراح عدد كبير من المخربين، كما حدث في قضية شليط.

وقد اثير الخلاف حول امر “هانيبال” بعد حرب غزة الاخيرة، في اعقاب اختطاف الجندي هدار غولدين من سرية جبعاتي، خلال معركة وقعت في رفح في آب 2014، والتي عرفت باسم “يوم الجمعة الأسود”. فبعد اختطاف غولدين من قبل حماس، جرت عملية مطاردة واسعة للخاطفين، وتم تفعيل النيران المكثفة في منطقة رفح بأمر من قيادة اللواء وقيادة كتيبة غزة، وقيادة لواء الجنوب. ونتيجة للقصف المدفعي والقصف الجوي، قتل عشرات الفلسطينيين، بينهم الكثير من المدنيين.

واتضح لاحقا ان غولدين قتل خلال اختطافه، وتواصل حماس احتجاز جثته حتى اليوم. واثارت العملية شجبا كبيرا لإسرائيل على الساحة الدولية، بسبب العدد الكبير من القتلى والجرحى الفلسطينيين في منطقة مدنية مكتظة. ورغم انشغال النيابة العسكرية المكثف في هذا الموضوع واجراء تحقيقات عسكرية واسعة الا انه لم يتم حتى اليوم اتخاذ قرار بفتح تحقيق جنائي. وكما يبدو فان المدعي العسكري الرئيسي الحالي، العميد شارون افيك سيمتنع عن اتخاذ قرار كهذا كما فعل سابقه داني عفروني.

ويكتب المراقب في تقريره ان الفحص يبين وجود فجوات كثيرة في فهم أمر “هانيبال” على مستوى القيادات والوحدات العسكرية. وعلى هذه الخلفية وبسبب الأثر الذي يمكن ان يتركه استخدام هذا الأمر ثانية، في مجال القانون الدولي، يوصي المراقب بإلغاء الأمر. ويكتب ان على ايزنكوت فحص ما اذا كانت هناك حاجة الى هذا الأمر، او انه يمكن دمجه في اطار أمر آخر في الجيش.

ويكتب شبيرا وباينهورن انه يبدو بأن “هانيبال” يلائم ظروف الاختطاف خلال عملية امنية جارية، وليس خلال حرب. ويعتقدان انه في حال الاختطاف خلال الحرب هناك مكان لأخذ مبادئ القانون الدولي في الاعتبار، كمبدأ التمييز (بين المدنيين والمسلحين) ومبدأ التناسق (ان تكون العملية متناسقة قياسا بالهدف المرجو) خلال تفعيل النيران.

ويكتب مراقب الدولة ان الصيغة الجديدة لأمر “هانيبال” يجب ان توفر ردا للأدلة التي تم التوصل اليها خلال اعداد التقرير، وان على رئيس الاركان فحص رفع رتبة الجهات المخولة بتفعيل النيران الواسعة من اجل احباط عملية اختطاف. ويجب ان تأخذ الاوامر في الاعتبار خطورة الحادث والمنطقة التي يحدث فيها وخطر التصعيد الذي سيليه. كما يطلب من رئيس الاركان التأكد من ان الجوانب الاخلاقية المتعلقة بالأمر ستكون واضحة للوحدات المختلفة وان الرسائل موحدة.

وقال الناطق العسكري ان مسودة تقرير المراقب وصلت امس الى الجيش وانه سيتم دراستها خلال الأيام القريبة، وسيتطرق الجيش الى مسودة المراقب مباشرة وليس عبر وسائل الاعلام.

اسرائيل وتركيا تعلنان رسميا التوصل الى اتفاق، والتوقيع عليه اليوم

تناولت الصحف الاسرائيلية بتوسع لليوم الثاني على التوالي موضوع الاتفاق الاسرائيلي – التركي، الذي سيجري توقيعه رسميا اليوم، بعد ان تم الاعلان عنه، امس، خلال مؤتمرين صحفيين، عقد احدهما في روما، والثاني في انقرة، امس. ومما نشرته هآرتس” في هذا الموضوع، ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس الحكومة التركية بينالي يلدريم، اعلنا في المؤتمرين عن التوصل الى اتفاق المصالحة بين البلدين، والذي ينهي الأزمة التي اندلعت في اعقاب الهجوم الاسرائيلي على سفينة مرمرة في ايار 2010 وقتل تسعة مواطنين اتراك. وتم يوم امس توقيع الاتفاق بالأحرف الأولى من قبل طاقمي المفاوضات. ولأول مرة منذ بدء المفاوضات، بعث الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الى جولة المحادثات الحاسمة في روما، مستشاره الشخصي واكثر المقربين اليه، ابراهيم قالين، للإشراف عن قرب على الاتفاق النهائي.

وسيتم توقيع الاتفاق بشكل رسمي، اليوم، من قبل المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية، دوري غولد، والذي سيوقع الاتفاق في القدس، ونظيره التركي الذي سيوقع الاتفاق في انقرة. ويوم الاربعاء سيطرح الاتفاق للتصويت في المجلس الوزاري المصغر. وحسب المقربين من وزير الامن افيغدور ليبرمان، فانه من المتوقع ان يعارض الاتفاق. اما نفتالي بينت واييلت شكيد فيحافظان على الغموض ويدعيان انهما لم يتوصلا الى قرار بعد.

وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحفي عقده في روما، امس، ان اتفاق المصالحة ينطوي على اهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل. واضاف انه على خلفية الاضطراب في الشرق الاوسط، فانه يرغب “بخلق مواقع مستقرة” حول اسرائيل. وقال القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي، يعقوب نيجل، عضو طاقم المفاوضات، انه سيتم نشر الاتفاق على الملأ بعد المصادقة عليه في المجلس الوزاري.

وفي المقابل سيطرح الاتفاق على طاولة الكنيست لمدة 14 يوما، وفقا للمتبع في التصديق على معاهدات دولية. وبعد ذلك سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ. وعرض نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي امس، اهم بنود الاتفاق، وهي:

أ) تمرير قانون في البرلمان التركي يلغي الدعاوى القضائية التي تم تقديمها ضد الجنود الإسرائيليين الذين تورطوا في السيطرة على الاسطول، ومنع تقديم دعاوى في المستقبل، في هذا الشأن.

ب) التزمت تركيا بمنع أي نشاط ارهابي او عسكري ضد اسرائيل من على اراضيها، بما في ذلك جمع الاموال لهذه الأهداف. والمقصود في الأساس القيادة العسكرية لحماس في تركيا، التي تطالب اسرائيل بإغلاقها. وستواصل تركيا السماح لمكاتب حماس بالعمل على اراضيها، ولكن في النشاط السياسي فقط.

ج) تخلت تركيا عن مطلب رفع الحصار الكامل عن غزة. “الاتفاق يحافظ على الحصار البحري الامني على غزة الذي يمنع تضخم قوة حماس.” حسب قول نتنياهو، والذي اضاف: “لم اكن مستعدا للتسوية في هذا الأمر”.

د) استعداد اسرائيلي للسماح لتركيا بدفع سلسلة من المشاريع الانسانية في غزة. انشاء مستشفى، محطة طاقة، ومنشأة لتحلية مياه البحر. وقد قال رئيس الحكومة التركية في المؤتمر الصحفي الذي عقده في انقرة، ان اول سفينة تركية وعلى متنها 10 الاف طن من المساعدات الانسانية ستخرج الى ميناء اشدود يوم الجمعة مساء.

هـ) اسرائيل ستحول تعويضات قيمتها 20 مليون دولار الى صندوق انساني سيقام في تركيا، لتحويل الاموال لعائلات المواطنين الأتراك الذين قتلوا وجرحوا على متن السفينة. وقال مسؤول اسرائيلي رفيع امس الاول، انه سيتم تحويل المبلغ فقط بعد مصادقة البرلمان التركي على الغاء الدعاوى القضائية ضد الجنود الاسرائيليين.

وقال المبعوث الخاص يوسيف تشاحنوبر، الذي رافق المفاوضات مع الأتراك، خلال المؤتمر الصحفي، ان الأتراك طالبوا خلال المفاوضات بتعويضات اكبر بكثير. وقال: “انا ايضا كان يسرني عدم دفع شيء والتوصل الى اتفاق. لكن هذا غير ممكن في مفاوضات كهذه. نتائج هذا الاتفاق ستثمر انجازات كبيرة لإسرائيل تفوق العشرين مليون دولار”.

و) فور التوقيع على الاتفاق ستبدأ عملية تطبيع العلاقات، بما في ذلك تعيين سفيرين جديدين وازالة القيود المفروضة على التعاون بين البلدين.

وقال نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي ان اتفاق المصالحة مع تركيا سيساعد على دفع موضوع تسويق الغاز الاسرائيلي الى الأسواق الأوروبية. واوضح: “الاتفاق مع تركيا يفتح بابا للتعاون في قضايا الاقتصاد والطاقة خاصة في مجال الغاز. يجب اخراج الغاز من البحر، ولكن ايضا ايجاد الأسواق لبيعه. مجمع ليفيتان يمكنه تزويد السوقين المصري والتركي، بل تزويد اوروبا عن طريق تركيا”.

واعتبر مسؤولون اتراك الاتفاق بمثابة انجاز دبلوماسي لتركيا التي حافظت على موقف مبدئي وصارم” منذ احداث الأسطول في 2010، على حد تعبيرهم. وباستثناء المساعدات التي ستحولها تركيا الى غزة، يشمل الاتفاق استعداد اسرائيل للسماح لتركيا بإقامة مشاريع ايضا في المنطقة الصناعية في جنين، في الضفة الغربية.

وكان نتنياهو قد اجرى مساء الأحد محادثة هاتفية مع نائب الرئيس الامريكي جو بايدن واطلعه على الاتفاق. وحسب بيان للبيت الابيض فقد رحب بايدن بالاتفاق وابلغ نتنياهو ان الاتفاق “سيمنح البلدين ومنطقة الشرق الاوسط مقابلا امنيا واقتصاديا كبيرا”.

يشار الى ان تدخل بايدن في الموضوع الاسرائيلي – التركي ازداد منذ شهر كانون الثاني، بعد زيارته الى انقرة واجتماعه باردوغان. وكان قد التقى قبل ذلك بنتنياهو في مؤتمر دافوس الاقتصادي وناقش الموضوع معه. وفي شهر آذار سافر بايدن لزيارة اسرائيل، وكان موضوع المصالحة مع تركيا احد اهم المواضيع التي ناقشها مع نتنياهو. وقد ابلغه استعداد اردوغان لدفع موضوع المصالحة واقترح التوسط بين الجانبين.

وفي ليلة توقيع الاتفاق اتصل اردوغان بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، واطلعه على تفاصيل الاتفاق. وقال مسؤولون اتراك ان اردوغان ابلغ عباس بأن الاتفاق سيحسن الظروف الانسانية في غزة، فرحب عباس بالاتفاق، كما رحب به مسؤولون في حماس.

كما رحب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالاتفاق. وخلال لقائه مع نتنياهو في روما، امس، قال ان “هذه خطوة ايجابية وآمل ان تليها خطوات ايجابية اخرى”. وقال الامين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي وصل الى اسرائيل امس، واجتمع مع رئيس الدولة رؤوبين ريفلين، انه يرحب بالاتفاق ويأمل بأن يكون اشارة ايجابية للاستقرار في الشرق الاوسط. ومن جانبه قال ريفلين انه يتفهم الأصوات المرتفعة في اسرائيل ضد الاتفاق “واتفهم احتمال وجود مواطنين يشعرون بأنه تم المس بهم نتيجة للاتفاق. مع ذلك فان قيادتنا المنتخبة تتحمل المسؤولية عن الاهتمام بالمصالح القومية لإسرائيل وهذا ما تفعله في توقيع هذا الاتفاق”.

وخلال المؤتمر الصحفي في روما تطرق نتنياهو الى الهجوم الذي تعرض له هو والاتفاق من قبل رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ وجهات اخرى، كالوزير السابق غدعون ساعر. وقال نتنياهو ان بعض الاشخاص الذين يهاجمونه قالوا له في الأشهر الأخيرة ان عليه السعي للتوصل الى اتفاق المصالحة مع تركيا. “قالوا لي: هل من اجل 20 مليون دولار لا تنهي الموضوع؟ هذه دولة اسلامية مهمة جدا”. واضاف نتنياهو: “انا لا ادير الدولة حسب التغاريد او العناوين، وانما حسب مصالح الدولة”.

يشار الى ان تركيا حولت الى اسرائيل، امس الاول، رسالة رسمية يتعهد فيها اردوغان بتجنيد وكالات الاستخبارات من اجل محاولة اعادة المواطنين والجنديين الاسرائيليين من غزة.

عائلات الجنود والمفقودين تتهم نتنياهو بخداعها

في السياق نفسه، تنشر “هآرتس” ان ابناء عائلتي الجنديين هدار غولدن واورون شاؤول، عادوا امس، الى مطالبة الحكومة باشتراط توقيع الاتفاق مع تركيا بإعادة جثتي ابنيهما من غزة. ومن المنتظر ان يلتقي نتنياهو اليوم بالعائلتين، ومن ثم سيضمهما الى لقائه مع الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون. كما يحتمل انضمام ابناء عائلة المواطن ابرا منغيستو المحتجز في غزة، الى اللقاء.

وخلال زيارته الى اسرائيل قال مون ان تقرير الرباعي الدولي المتعلق بجمود العملية السياسية سينشر غدا، حسب ما قالته مصادر رفيعة في القدس لصحيفة “هآرتس”.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في الخيمة المقامة امام منزل رئيس الحكومة، قال والد هدار، سمحا غولدين، ان “لدى العائلات وعدا من رئيس الحكومة بأنه في كل مفاوضات مع أي من دول المنطقة، سيتم طرح موضوع الأبناء، وسيشترط كل مفاوضات كهذه بإعادتهم”. وقالت والدة هدار، ليئة، انه “تم هنا خرق القيمة العليا لدولة اسرائيل والجيش، بعدم ترك الجنود في المؤخرة”. وقدر والد اورون شاؤول، هرتسل، ان تشديد النضال فقط سيؤدي الى نتائج. وقال: “هذا هو الحل في دولتنا. الصراخ فقط وهذا التوجه سيعيد اولادنا”.

كما هاجم ايلان منغيستو، شقيق ابرا، رئيس الحكومة، وقال في حديث مع “هآرتس”: “لقد استغل الثقة التي منحتها له العائلات لكي يقوم بعمل ما وعد به، وهو يعتقد ان الهدوء سيتواصل الى الابد. اعتمدنا عليه بأن يبذل كل الجهود، ويستغل كل الفرص”.

وهاجم رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ دفع التعويضات، وقال: “الاتفاق مهم لكن سابقة دفع التعويض هي سابقة خطيرة كان يجب الامتناع عنها،  وهي مسجلة على اسم بينت، ليبرمان ونتنياهو”. في المقابل اعرب يئير لبيد، رئيس “يوجد مستقبل” عن دعمه للاتفاق، “وان كان يصعب هضمه”.

الاتفاق يثير ازمة داخل ائتلاف نتنياهو

في هذا السياق، تكتب “يديعوت احرونوت” ان الاتفاق سيثير ازمة سياسية داخل حكومة نتنياهو كما يبدو. وقد قال وزير كبير في المجلس الوزاري السياسي – الامني، امس، بعد الاعلان عن التوصل رسميا الى اتفاق المصالحة الاسرائيلي- التركي، ان “رئيس الحكومة يحولنا الى ختم مطاط”. واحتج الوزير على طرح الاتفاق للنقاش في المجلس الوزاري للمصادقة عليه بعد توقيعه فقط. وقال الوزير: “قيامه بإحضار حقيقة واقعة لنا يعتبر خطوة حقيرة”. ورغم ان هذا الانتقاد ليس من المتوقع ان يؤدي الى الغاء الاتفاق، الا انه يدل على عمق الأزمة السياسية التي تولدت في اعقابه.

ومهما احتدت المواجهة داخل الحكومة حول اتفاق المصالحة، فانه يبدو أنه لا يواجه أي خطر. فدستور الحكومة والكنيست يلزم الحكومة على مناقشة الاتفاق، لكن رئيس الحكومة ليس ملزما بالحصول على مصادقة الوزراء. والجهة الوحيدة التي يمكنها رفض الاتفاق، حتى بعد توقيعه بالأحرف الاولى، هو المجلس الوزاري المصغر، الذي يتوقع التصويت فيه على الاتفاق غدا، وفي حال عدم حدوث أي تغيير دراماتيكي، يتوقع حصول نتنياهو على دعم واضح من قبل المجلس الوزاري، علما ان المعارضين الوحيدين المتوقعين هم وزير الامن افيغدور ليبرمان، ووزير التعليم نفتالي بينت، ووزيرة القضاء اييلت شكيد. واذا تم بعد ذلك تقديم التماس ضد قانونية الاتفاق، فانه من المتوقع رفضه، لأن المحكمة العليا لا تتدخل بالقرارات السياسية.

مع ذلك فان الأزمة السياسية بالغة الاهمية. اولا، المعارضة الشديدة لليبرمان تشكل اول مواجهة بينه وبين نتنياهو منذ تم تعيينه وزيرا للأمن، قبل ثلاثة اسابيع، بعد جلوسه لسنة في المعارضة، وانتقاده الشديد لرئيس الحكومة في كل فرصة. واعلن ليبرمان خلال محادثة مغلقة مع نواب كتلته، امس، معارضته للاتفاق، وقال انه “لا يبدو حاليا انه سينطوي على شيء يغير موقفي”. وانتقد وزير الامن قرار دفع تعويضات لعائلات نشطاء الارهاب الذين كانوا على متن “مافي مرمرة”، لكنه اوضح بأنه لا ينوي ادارة حملة عامة ضد الاتفاق او انتقاده على الملأ.

بالإضافة الى ذلك، يمكن لنتنياهو سماع معارضة بينت وشكيد خلال اجتماع المجلس الوزاري. وقد حرص وزيرا البيت اليهودي، بينت وشكيد، امس، على عدم التصريح في هذا الشأن، وادعيا انهما يحتاجان لدراسة تفاصيل الاتفاق قبل التعقيب عليه – لكنه حسب ادعاءات مسؤولين كبار في الحزب، فانهم يتحفظون بشكل خاص من قرار دفع التعويضات لتركيا. وستكون هذه هي الحالة الثانية التي يواجه فيها نتنياهو الانتقاد من الجهات اليمينية المتشددة في حكومته، والتي يدير معها صراعا دائما على اصوات الناخبين اليمينيين. ووصل انتقاد آخر من جهة وزير الزراعة اوري اريئيل الذي بعث باحتجاج الى نتنياهو وادعى ان قرار المصادقة على الاتفاق في المجلس الوزاري وليس في الحكومة غير ديموقراطي.

جنود البحرية يرفضون الاعتذار لتركيا

تنشر “يديعوت احرونوت” ان جنود البحرية الذين تواجدوا على سطح سفينة مرمرة، وتلقوا الضربات، ونشرت صورهم في العالم كله، وترسخ الحادث في وعي افراد وحدة النخبة هذه، وهؤلاء تلقوا نبأ التوصل الى اتفاق المصالحة مع تركيا بمشاعر مختلطة. انهم يصرون على انه ليس لديهم ما يعتذرون عنه، لكن غالبيتهم يقولون انهم سيواصلون قدما ولا ينشغلون بكرامتهم.

وقال احد جنود البحرية (ش) لصحيفة “يديعوت احرونوت” امس، ان “هذا الحادث كان صعبا لنا، رغم انه مضت ست سنوات الا ان الجرح لم يلتئم”. وأضاف: “امل ان يكون هذا الاتفاق مجديا وان تكون معايير رئيس الحكومة نابعة من مصلحة الدولة وليس من مصالح سياسية. انا لا اعرف ما هي المعايير الحقيقية التي قادت الى القرار. احداث ذلك اليوم لا تزال ترافقني. لقد اصبت خلال السيطرة على السفينة بجراح لا زلت اعاني منها حتى اليوم، ولكن الى جانب ذلك، انا مستعد للتخلي عن كرامتي والصفح من اجل مستقبل اولادي واحفادي. هل اقول بأن هذا الاتفاق جيد بالنسبة لي؟ لا بتاتا”.

كما احتج (أ) على اجزاء من الاتفاق، وقال: “هناك شيء يثير الاستفزاز في حقيقة ان اسرائيل يجب ان تدفع تعويضات لتركيا. لقد تلقيت ضربات بقضيب حديد وشاهدت العيارات التي اطلقت من اسلحة المخربين. كنا نعرف بأنه لا يتواجد على متن السفينة نشطاء سلام سيستقبلوننا بالورود، ولكننا لم نستعد ايضا لوجود مخربين هناك. حاولنا الامتناع الى اكبر حد عن استخدام القوة، ومن المؤسف مقتل تسعة اتراك، لكننا لو لم نتصرف بانضباط لكان يمكن سقوط عدد اكبر من القتلى”. وحسب اقواله: “ليس هناك ما نعتذر عنه. كان هناك نشطاء على السفينة حاولوا قتلي. ولكن مع ذلك فان المصلحة السياسية اهم، ويمنع النظر الى ما يمكنه ان يصنع شيئا جيدا لي. ربما توجد في هذا الاتفاق بنود خفية لا نعرف عنها. عندما اضع كرامتي على كفة الميزان مقابل المصالح، كالتعاون الاقتصادي والامني مع تركيا، فانا اعتقد ان هذا اهم”.

اتفاق المصالحة سيدفع التبادل التجاري بين البلدين

تكتب “يسرائيل هيوم” انه من المتوقع ان يوفر اتفاق المصالحة بين اسرائيل وتركيا دفعة قوية للتبادل التجاري بين اسرائيل والدولة الاسلامية الكبيرة، وذلك بعد انخفاض التجارة بين البلدين في عام 2015 بنسبة 24%، مقارنة بعام 2014، ليبلغ حوالي 4.1 مليار دولار.

وقال اوري الدوبي، رئيس اتحاد صناعة التنقيب عن النفط والغاز في اسرائيل، ان “الاتفاق يخلق فرصة تاريخية للتعاون الاقليمي في مجال الطاقة، سوية مع قبرص ومصر، ايضا لاحتياجات الدول وكمحطة على طريق اوروبا”. وحسب اقواله فان تركيا التي تستهلك حوالي 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في السنة، تعتمد اليوم على الغاز الروسي والايراني”.

وحسب معطيات الصادرات التي تم نشرها امس، فان تصدير البضائع من اسرائيل الى تركيا انخفض في 2015 بنسبة حوالي 40%، وبلغ حوالي 1.7 مليار دولار، كما تم تسجيل انخفاض في الواردات من تركيا بنسبة حوالي 9% مقارنة بالعام 2014، ليبلغ حجم الواردات حوالي 2.4 مليار دولار.

وجاء الانخفاض في الصادرات، في غالبيته، بسبب الانخفاض الحاد في تصدير المنتجات الكيماوية والنفط المكرر. والحديث عن انخفاض بنسبة 43% ليصل المبلغ الاجمالي الى حوالي 1.25 مليار دولار. ويعتبر هذا الفرع الاكثر فاعلية بالنسبة لتركيا، ويحتل نسبة 75% من الصادرات.

وخلال النصف الاول من العام الجاري 2016، انخفض التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 17% وبلغ حوالي 1.2 مليار دولار.

مواجهات مع الشرطة في الحرم القدسي لليوم الثاني على التوالي

تكتب “يسرائيل هيوم” ان عشرات الشبان العرب، دخلوا امس، في مواجهة مع قوات الشرطة في الحرم القدسي، وقاموا برشق الحجارة والادوات والمفرقعات النارية باتجاه القوات، فردت باستخدام وسائل تفريق المظاهرات. وابلغ الفلسطينيون عن وقوع عشرات الاصابات.

وهذا هو اليوم الثاني على التوالي للاضطرابات في الحرم القدسي، وعلى الرغم من ذلك، فان الشرطة لم تفرض قيودا على دخول المصلين. ويسود التقدير بأن غالبية المشاغبين هم من سكان الضفة الذين حصلوا على تصاريح بالدخول للصلاة في رمضان.

وكانت شرطة القدس قد تلقت الليلة قبل الماضية، معلومات استخبارية حول نية شبان عرب خرق النظام في ساعات الصباح، مع فتح ابواب الحرم امام الزوار. وقد تحصن الشبان خلال الليل في المسجد الاقصى، واظهرت الصور التي تم نشرها مستودعا من الحجارة التي تم جمعها في المكان.

وصباح امس، وبسبب المخاوف من حدوث خرق للنظام تم تأخير دخول الزوار اليهود لحوالي ساعتين الى الحرم، وبعد بدء الزيارة بدأت المواجهات، وتمكنت الشرطة من صد المشاغبين الى داخل المسجد واغلاق ابوابه. واستغرق الهدوء عدة ساعات حتى تجدد في ساعات الظهر.

الجيش يتزود بصواريخ جديدة استعدادا للحرب مع حزب الله!

تكتب “يديعوت احرونوت” انه في اطار الاستعداد لإمكانية فتح جبهة مستقبلية مع لبنان، يتزود الجيش الاسرائيلي حاليا، بصواريخ “اكسترا” التي انتجتها الصناعات العسكرية الاسرائيلية، والتي يمكنها الوصول الى مسافة 150 كلم على الأقل، واصابة الهدف بدقة 10 امتار في اقصى حد. هذا الصاروخ الذي تم تطويره في مصنع “جبعون” هو بقطر 300 ملم، ويبلغ طوله حوالي اربعة امتار. ويمكن لصاروخ “اكسترا” حمل عدة انواع من الرؤوس الحربية بوزن 120 كلغم.

هذا الصاروخ الجديد الذي تم بيعه لدول مختلفة في العالم، معد لإصابة الاف اهداف حزب الله المنتشرة في لبنان، وبمقدوره مساعدة سلاح الجو على احباطها. وتعتبر الهجمات الجوية باهظة الثمن، بسبب تكلفة الطلعات الجوية والتفجيرات الذكية، ويمكن للمنظومة الجديدة الوصول ايضا الى اعماق لبنان وتنفيذ اطلاق النار الدقيق على مسافة بعيدة عن الحدود الاسرائيلية. وهذا يعني انها اقل تهديدا من قبل صواريخ حزب الله.

ويقدر الجيش الاسرائيلي بان المعركة مع حزب الله ستدور كحرب ضربات جوية، ولذلك استوعب سلاح المدفعية منظومة صواريخ قصيرة المدى، كالرمح، التي تصل الى مسافة 40 كلم والتي يمكن لها، بفضل وتيرة النيران المثيرة، احباط المئات من اهداف حزب الله.

المصادقة على قانون الجمعيات بعد تعديله

تكتب “هآرتس” ان لجنة القانون البرلمانية، صادقت امس، على الصيغة المعدلة لقانون الجمعيات، تحضيرا للتصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة في الكنيست. ولم يتم الموافقة على أي من التحفظات التي قدمتها المعارضة. وحسب القانون سيتم الزام ممثلي الجمعيات الذين سيطلبون حضور جلسات في الكنيست، التبليغ بأنهم يمثلون جهة تحظى بدعم في غالبيته من كيانات اجنبية. كما سيلزم ممثل الجمعية بالرد على اسئلة نواب الكنيست خلال الجلسة في هذا الشأن. ومن يخرق ذلك لن يستحق حق الكلام. كما ستلزم الجمعيات بالتبليغ عن التمويل لمسجل الجمعيات كل سنة ونصف، ومن لا تلتزم بذلك تغرم بدفع 29.200 شيكل.

وتم الغاء عدة بنود في القانون، في اعقاب نقاش مع وزارة القضاء، فمثلا تم الغاء الزام ممثلي الجمعيات بحمل بطاقة تعرف بهويتهم في الكنيست. كما تم الاتفاق بأن لا يسري مشروع القانون على التبرعات من جهات خاصة اجنبية.

مطالبة المحكمة بمحاكمة رئيس جمعية امناه الاستيطانية

قدم رئيس مجلس محلي قرية الزاوية في الضفة الغربية، امس، التماسا الى المحكمة يطالب فيه بمحاكمة رئيس جمعية “أمناه” الاستيطانية زئيف حفير، وقادة مستوطنة “رحاليم” المجاورة لأريئيل، بسبب ارتكاب مخالفات تشويش الاجراءات القانونية، وتقديم تصريح كاذب وخرق امر قضائي وبناء غير قانوني.

وحسب الالتماس، فقد تم في اذار 2009 تقديم التماس الى المحكمة العليا بتطبيق اوامر الهدم التي صدرت ضد تسعة مباني غير قانونية في المستوطنات. وبعد فترة وجيزة اصدر القاضي حنان ملتسر امرا احترازيا، يأمر بالامتناع عن مواصلة البناء في المنطقة المستأنف عليها، او القيام بأي صفقة في المباني او مواصلة توطينها.

ورغم ذلك تواصل البناء في المكان، وفي اعقاب ذلك توجه الملتمسون الى الشرطة وفتحت تحقيقا. وحسب ادعاء الملتمسين، فقد توصل التحقيق الى ادلة كثيرة تشير الى خرق الامر الاحترازي، ومن بينها اعتراف العائلات المقيمة في المكان، بأنها انتقلت الى منزلها بعد صدور الأمر، ومعلومات سلمها رجال المستوطنات حول تدخل جمعية “امناه” في توطين السكان.

وفي 2013 قررت الشرطة اغلاق ملف التحقق، وتقرر تقديم لائحة اتهام فقط ضد سكرتير المستوطنة في حينه، نوعام شمبا، الذي اتهم بتقديم تصريح كاذب، وذلك بعد قيامه بتقديم تصريح الى المحكمة ادعى فيه انه تم توطين بعض البيوت قبل صدور امر المحكمة العليا – خلافا لما قالته العائلات التي سكنت البيوت. وفيما بعد تراجعت النيابة عن لائحة الاتهام.

وتضمن الاستئناف رسالة وجهتها سكرتارية مستوطنة رحاليم جاء فيها انه “في اللحظة التي ستنتقلون فيها الى بيوتكم يمكننا استيعاب عائلات جديدة”.

مقالات

اتفاق المصالحة مع تركيا يمكنه المساعدة على تأخير الحرب القادمة في غزة

يكتب عاموس هرئيل، في “هآرتس” ان اتفاق المصالحة الذي تم توقيعه بين اسرائيل وتركيا هو كما يبدو أفضل الشرين. انه لا يشكل انجازا استراتيجيا نادرا كما كان يمكن للقارئ الانطباع مما نشرته “يسرائيل هيوم” امس (الاثنين)، وايضا ليس حالة رهيبة من الاهانة القومية، كما يدعي بعض خصوم رئيس الحكومة. من المفارقة ان ديوان نتنياهو هو الذي ينشر الآن رسائل السلام والمصالحة، بينما يلقي رئيس المعارضة هرتسوغ خطابات جوفاء حول دوس كرامة جنود البحرية.

لقد تم توقيع الاتفاق بحكم الظروف. منذ ست سنوات واسرائيل غارقة في ورطة سياسية عميقة مع من كانت، الى ما قبل فترة ليست طويلة، افضل صديقاتها في المنطقة. العلاقات الوثيقة التي سادت بين البلدين في الماضي، لن يتم ترميمها بكاملها. طالما كان الرئيس اردوغان في السلطة، يبدو انه لن يكون هنا اكثر من تحسين العلاقات الاقتصادية (التي تعتمد على المصالح في مسألة صفقة الغاز، المختلف عليها داخليا بشكل عميق) وتخفيف معين للعداء الذي اظهرته انقرة ازاء القدس خلال هذه السنوات. قضية مرمرة كانت عقبة تطلب الأمر ازالتها من الطريق: اسرائيل تحتاج الى تسويات من اجل النجاح بذلك، لكن النتيجة لا تبدو مستحيلة.

لقد اضطرت اسرائيل الى التنازل، لأنه في حكاية “مرمرة” يمكنها في الأساس اتهام نفسها فقط. في ايار 2010، سارت الحكومة والجيش بأعين مفتوحة نحو الكمين الذي نصبه لهم تنظيم IHH – المجموعة الاسلامية المتطرفة والعنيفة، التي اقامت علاقات قوية مع اردوغان وحزبه. هذه التسوية على الرغم من محاولات اعادة هندسة التاريخ، تمت معالجتها بشكل سيء. لقد اصرت حكومة نتنياهو – براك على الاصطدام بالحائط ولم تفكر بجدية بإمكانية السماح للأسطول التركي بالوصول الى غزة، من دون ان تغلق الطريق امامه بالقوة. سياسة الحصار المشددة، التي منعت وزارة الامن في اطارها، حتى نقل الكزبرة الى غزة، تم عرضها كمسألة يحتمها الواقع- وايضا كرد ملائم على حماس الذي كان يحتجز في حينه الجندي المخطوف غلعاد شليط. من الواضح ان الحكومة خففت الحصار، بفعل الضغط الدولي، بعد فترة وجيزة من الفشل في قضية الاسطول.

لقد كان الفشل جارفا، فالقيادة السياسية استهترت بالتفاصيل ولم تهتم باستعدادات الجيش (“نحن نقول ما المطلوب والجيش يقول كيف” كما برر ذلك وزير الامن براك امام لجنة تيركل). رئيس الأركان غابي اشكنازي لم يكلف نفسه الحضور الى مقر القيادة خلال العملية. وقد فوت جهاز الاستخبارات معاني قسم من التفاصيل التي نشرها منظمو الاسطول مسبقا، بشأن الخطوات المخططة، عبر الشبكات الاجتماعية. الخطة العسكرية التي اعدها سلاح البحرية لم تلائم الظروف. وفي السطر الأخير، هبط جنود الكوماندوس بواسطة حبل على سطح السفينة التي كان ينتظر عليها عشرات النشطاء العنيفين، والمسلحين بالعصي والسلاسل، وكان الجنود يحملون في الأساس بنادق تطلق الدهان. وتم اختطاف عدد من الجنود الى داخل السفينة والتنكيل بهم على ايدي الأتراك (الذين عرضتهم وسائل الاعلام الدولية كـ”نشطاء سلام”). وقبل تخليصهم من قبل رفاقهم. وامام هذه المخاطر اضطر الجنود الى تفعيل النيران الحية لإنقاذ انفسهم، وكانت النتيجة قتل تسعة أتراك – وازمة احتاجت لست سنوات من اجل حلها.

من شأن توقيع الاتفاق ان يحسن بشكل ما، التنسيق والتفاهمات بين اسرائيل وتركيا في مسائل تتعلق بمصالح مشتركة، كتحفظهما من استمرار النجاحات العسكرية للتحالف الداعم لنظام الأسد في سورية. لكن المصالحة لن تترجم الى تدريبات جوية مشتركة لسلاحي الجو، كما حدث في سنوات التسعينيات، ومن المشكوك فيه ان يقود الى استئناف واسع لصفقات الاسلحة. الميزة الأساسية التي يتوقعها الجانبان، باستثناء صفقة الغاز واتساع السياحة – على الرغم من ان التحذير من عمليات لداعش ضد السياح الاسرائيليين في تركيا لا يزال قائما – تتعلق بغزة. اسرائيل ستربح قناة اخرى للوساطة والكبح امام سلطة حماس، الى جانب العلاقات بين قيادتي التنظيم في قطاع غزة ومصر وقطر. ولكن القنوات المنفصلة تشكل احيانا مصدرا للتنافس والاحتكاك، كما اتضح خلال الحرب الأخيرة في قطاع غزة في صيف 2014.

ولذلك، فان المسألة الاقتصادية اهم بكثير من المفاوضات الدبلوماسية. الخطر الأول لاندلاع حرب جديدة مع حماس يتعلق بشروط الحياة الصعبة في القطاع. تركيا ستساعد في المرحلة الأولى على نقل البضائع التي ستصل تحت اشراف امني اسرائيلي، عبر ميناء اشدود. والحديث لاحقا عن مساعدة في تزويد مياه الشرب واقامة مستشفى في القطاع. هذه خطوات يمكنها ان تساعد على ابعاد حرب اخرى. بل ربما يصبح بالإمكان في المستقبل دفع فكرة انشاء ميناء في غزة بواسطة اقامة جزيرة اصطناعية، كما يقترح وزير المواصلات يسرائيل كاتس. يبدو ان هذه مقترحات من المناسب فحصها الآن بجدية. كما قاد التعنت على الكزبرة الى الاساطيل والى حادث مرمرة، هكذا ساعد عدم المرونة الاسرائيلية بشأن التسهيلات الاقتصادية للقطاع عشية “الجرف الصامد”  بتسريع الحرب قبل عامين (واسرائيل طبعا قامت بعد ذلك بمضاعفة حجم البضائع التي تدخل الى القطاع بعد الحرب، بنسبة اربع مرات).

كما حصلت اسرائيل على وعد تركي بإخلاء قيادة حماس الخارج من اراضيها. رغم ان رئيس البعثة هناك، صالح العاروري، قام بنقل مقر نشاطه من تركيا الى الخليج قبل عدة اشهر. هل تستطيع تركيا المساعدة في قضية المفقودين وجثتي الجنديين الذين تحتجزهم حماس في غزة؟ الفرصة لا تظهر عالية في هذه المرحلة. حماس تريد من اسرائيل مبادلتهم باسرى فلسطينيين ونتنياهو سيجد من الصعب تقديم تنازلات اخرى في ضوء الانتقادات من جهة اليمين لاتفاق المصالحة مع تركيا، والتي تشمل تحفظا من قبل وزير الامن افيغدور ليبرمان.

عقبة أخرى امام الفلسطينيين

يكتب جاكي خوري، في “هآرتس” ان الفلسطينيين في السلطة الفلسطينية وفي قطاع غزة الذي تحكمه حماس، لم يخرجوا عن اطوارهم بعد الاعلان الدراماتيكي عن اتفاق المصالحة بين اسرائيل وتركيا – او الاعلان عن ارسال المساعدات الانسانية التي يفترض وصولها الى قطاع غزة في الأسبوع المقبل. حتى اذا كانت قضية الحصار قد ظهرت في البداية وكأنها نقطة الخلاف الرئيسية في المحادثات، فان النتيجة هي تسوية تركية كان يمكن التوصل اليها منذ زمن. في حماس يفهمون ان تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، في هذا الموضوع لن تتحقق وان الشخص الذي اعتبر في السنوات الاخيرة كأقوى زعيم في الدول الإسلامية، يفقد تأثيره ويضطر الى التنازل عن رفع الحصار مقابل عدة مشاريع موضعية في القطاع.

لا يمكن لحماس حتى السماح لنفسها بانتقاد اردوغان والمخاطرة بفقدان الحليف الفاعل الوحيد الذي تبقى لها في المنطقة؛ بينما تلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، محادثة من اردوغان، اطلعه خلالها على تفاصيل الاتفاق، وتمت دعوة رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، شخصيا للقاء الرئيس التركي في قصره، واجتمع معه لمدة ساعة. بين السطور كان يمكن الفهم بأن اردوغان حاول طمأنة مشعل بأن تركيا لا تتخلى عن حركته، التي تواجه مصاعب كبيرة في القطاع، حتى على المستوى المدني.

اذن، فان حماس تتواجد في كمين. فهي لا يمكنها مهاجمة تركيا، لكنها في نهاية الأمر، بصفتها السيادة في غزة، يجب عليها توفير الأجوبة للمواطنين. حتى محاولة حماس تحميل المسؤولية للسلطة الفلسطينية بقيادة عباس، لن تفيد على المدى الطويل: المواطنون يطالبون بحل فوري لضائقتين اساسيتين وعاجلتين – النقص في الكهرباء والماء – وخلافا لدول اخرى، لا يشترط الأتراك المساعدة لغزة بموافقة السلطة او اشرافها المباشر، الأمر الذي سيجعل من الصعب على حماس اتهام عباس بهذه المشاكل.

هذه الحقيقة تنطوي على انباء جيدة لحماس: بما انه لا حاجة لتصديق من السلطة، سيحاول الاتراك عرض حلول عينية بأسرع ما يمكن – في البداية في مجال الكهرباء وبعد ذلك في مجال المياه، من خلال انشاء محطة طاقة او منشأة لتحلية مياه البحر، بالاضافة الى سلسلة من المشاريع التي يفترض ان تسهل على المدنيين وتوفير فرص العمل.

اذا تحقق هذا الواقع، فانه سيشكل حقنة تشجيع لحماس ويضمن موطئ قدم بارز للأتراك في قطاع غزة مقابل مصر التي تحولت من صديقة مقربة تحت قيادة الاخوان المسلمين الى دولة معادية بقيادة عبد الفتاح السيسي الذي يعتبر اردوغان وحماس جزء لا يتجزأ من اعدائه الاخوان المسلمين.

بالنسبة لحماس، فان معالجة المشاكل العينية للكهرباء والماء، الى جانب المشاريع الأخرى، ستساعد التنظيم على الاحتفاظ بالسلطة. هذا التحصين، سيخدم بشكل غير مباشر الانشقاق في صفوف الفلسطينيين ويسمح لحماس بالسيطرة على قطاع غزة، على افتراض ان الردع العسكري سيصمد. بالنسبة لإسرائيل، فان افضل وضع هو غياب الصلة السياسية بين الضفة والقطاع ومنع سلطة فلسطينية واحدة تخدم الفلسطينيين على الحلبة الدولية.

هذا هو ايضا السبب الرئيسي لخيبة الأمل في السلطة: حتى اذا ساهم اتفاق المصالحة مع اسرائيل بتحسين ظروف الفلسطينيين قليلا، فانه لن يدفع التئام الشرخ بين الفصائل المختلفة. بل انه، عمليا، يمكنه توسيعه.

العاب ثقة

يكتب اليكس فيشمان، في “يديعوت احرونوت” ان جهات امنية رفيعة في اسرائيل اعتبرت قرار الحكومة التركية نقل رئيس جهاز الاستخبارات التركي (MIT)، حاكان فيدان، من منصبه، هذا الشهر، بمثابة لفتة حسنة ازاء اسرائيل، وجزء من التفاهمات الهادئة بين البلدين، تمهيدا لتوقيع الاتفاق. وحسب منشورات في تركيا، فقد زار رئيس الموساد يوسي كوهين تركيا، في الأسبوع الماضي، والتقى مع رئيس الاستخبارات التركية فيدان، وناقشا معا امكانية مواصلة التعاون اذا واصل فيدان شغل منصبه خلال الفترة القريبة.

وقبل حوالي اسبوعين، اعلنت الحكومة التركية بأن رئيس جهاز الاستخبارات العام خلال السنوات الأخيرة، سينهي منصبة ويتسلم منصب السفير في استراليا. وقد رفضت تركيا في حينه، كل تلميح حول امكانية استبدال فيدان بسبب التسخين الذي شهدته الاتصالات تمهيدا لتوقيع الاتفاق وتطبيع العلاقات مع اسرائيل. لكن جهات امنية اسرائيلية، اكدت امس، انه تم استبدال فيدان كلفتة حسنة على طريق استئناف الاتصالات في المجالين الاستخباري والامني.

عندما عين اردوغان فيدان لهذا المنصب في 2010، كان ذلك بمثابة تحدي للمؤسسة العسكرية التركية. فقد كان فيدان مقربا من اردوغان وكاتم اسراره، وفور تعيينه عمل على تطبيق سياسة اردوغان في تنمية العلاقات الامنية والاستخبارية مع ايران. وفي حينه حذر رئيس الموساد مئير دغان، من ان الاستخبارات التركية لم تعد تعتبر شريكا لإسرائيل، لأن المواد الامنية التي يتم تحويلها الى تركيا تصل الى الايادي الايرانية. بالإضافة الى ذلك، في 2013، كان فيدان هو الشخص الذي عمل على الغاء الاتفاقيات المتبقية بين اسرائيل وتركيا في مجالات الاستخبارات ومحاربة الارهاب. ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تلك السنة بأن الادارة الامريكية تتهم رئيس الاستخبارات فيدان بأنه يقوم بتحويل معلومات حساسة تخص حلف شمال الاطلسي، الى ايران. كما نشرت “واشنطن بوست” بأن الاستخبارات التركية سلمت الايرانيين عشرة جواسيس للموساد عملوا في ايران، ومن الاراضي التركية. ونتيجة لتلك الاتهامات الغى الامريكيون صفقات اسلحة سرية مع تركيا، كصفقة بيع “طائرة بدون طيار” من طراز “برديتور”.

تعيين فيدان في 2010، قبل قضية مرمرة في ايار من ذلك العام، رمزت عمليا الى نهاية العلاقات الاستخبارية – الامنية، او ما تبقى منها بين البلدين. كما كان فيدان هو الشخص الذي عزز الاتصالات العسكرية مع حركة حماس. وقبل نصف سنة، وفي ضوء تقدم المحادثات مع إسرائيل والمطالب الامريكية، طولب رئيس الذراع العسكري لحركة حماس في الخارج، صلاح العاروري، والذي عمل من اسطنبول، بمغادرة تركيا. ومع التوقيع على الاتفاق مع اسرائيل التزمت تركيا بوقف نشاط حماس العسكري بشكل مطلق على أراضيها. مع ذلك، يشكك الاسرائيليون بذلك ويشيرون الى تسلم مسؤول اخر من حماس لمنصب العاروري في اسطنبول.

وتقول جهات امنية اسرائيلية ان منظومة العلاقات الامنية بين الدول، لن ترجع الى الايام التي سبقت وصول اردوغان الى السلطة، حين سادت علاقات حميمة بين جهازي الامن. في تلك الأيام البعيدة كانت تركيا احدى الزبائن الهامين للصناعات الامنية الاسرائيلية. اما الان فستكون مجالات التعاون الاستخباري ومحاربة الارهاب على ادنى المستويات.

المصالحة نعم، لكن الثمن مؤلم

يكتب اوري هايتنر، في “يسرائيل هيوم” ان سياسة الخارجية الاسرائيلية منذ يوم اقامة الدولة، وضعت كهدف مسألة اقامة علاقات دبلوماسية – واذا امكن علاقات صداقة – مع اكبر عدد من الدول، وبشكل خاص حين يجري الحديث عن دول ذات اهمية استراتيجية، كالدول الكبرى في منطقة الشرق الاوسط. منذ الأزل كانت تركيا تعتبر هدفا استراتيجيا للتحالف بين الشعبين غير العربيين في الشرق الاوسط. وفي سنوات التسعينيات ومطلع سنوات الألفين كانت تركيا تعتبر اقرب حليف لإسرائيل.

عليه فان المصالحة وتطبيع العلاقات، تعتبر اهداف مجدية، ولكن تماما كما ان السلام يعتبر هدفا ولكن ليس بكل ثمن، هكذا، ايضا، المصالحة مع تركيا، لأنه على الرغم من الفوائد الاقتصادية والامنية الكامنة في الاتفاق، فان مركب التعويضات لمخربي “مرمرة” يحسم الكفة ويجعل الاتفاق غير مناسب. انا اؤمن انه في السياسية، ايضا، لا يعتبر كل شيء مصلحة. هناك اخلاق ايضا. هذا المركب غير اخلاقي، وحسب رأيي يتعارض مع مصالح اسرائيل.

من المناسب ان نتذكر ما هي الخلفية للصراع مع تركيا. لقد بدأ مع وصول اردوغان، زعيم حزب العدالة والتطوير، الذي يعتبر الذراع التركي للاخوان المسلمين – الى السلطة. لقد قاد اردوغان سياسة معادية لإسرائيل ومتطرفة، تقوم في جوهرها على التحريض واللاسامية ومساعدة التنظيمات الارهابية. ووصلت هذه السياسة الى قمتها في قضية مرمرة. لقد ارسلت تركيا المخربين الى اسرائيل لتنفيذ عملية كان هدفها ان تشكل رأس الحربة في الحملة لنزع شرعيتنا. وهاجم المخربون الاتراك بعنف شديد جنود الجيش الذين سيطروا حسب القانون، وحسب القوانين الدولية على السفينة. وقد بررت ذلك حتى لجنة التحقق التي شكلتها الأمم المتحدة.

الخطأ الأول الذي ارتكبه رئيس الحكومة كان الاعتذار باسم اسرائيل لتركيا عن العدوان ضدها، والذي تم بفعل الضغط الذي مارسه اوباما. وقد ردت تركيا على هذا الاعتذار بمواصلة التحريض اللاسامي ضد اسرائيل. والان ستقوم إسرائيل بتحويل 20 مليون دولار الى الأتراك لتوزيعها على عائلات المعتدين.

لدينا ميل للاستهتار بالكرامة القومية. ولكن اولئك الذين يسخرون من كرامتنا القومية يكنون الحساسية للكرامة القومية للآخرين. انهم يطلبون منا التصرف بأكبر قدر من الحذر ازاء كرامة العرب، وكرامة الاتراك، وعدم دعوة اليهود للهجرة من فرنسا لأن الأمر يمس بكرامة الفرنسيين، وعدم الدخول في مواجهة مع الرئيس الامريكي بسبب الكرامة القومية الامريكية، وهكذا دواليك. نحن فقط لا نملك كرامة قومية؟ انا اعرف ان هذا ليس توجه نتنياهو، لكنه هذه المرة انحرف عن ذلك. صحيح، لا مكان لهاجس الكرامة القومية فوق كل شيء، لكن الدولة التي لا تحترم كرامتها القومية قد تتحول الى مداس دولي.

لست متأثرا لكون تركيا تنازلت عن مطلب رفع الحصار البحري عن غزة، لأنه منذ البداية ما كان يجب الاعتراف بها كطرف في الموضوع. انا اؤيد المصالحة مع تركيا، ولكن ليس بكل ثمن. وليس بهذا الثمن. كان من المفضل انتظار المصالحة الى ما بعد عهد اردوغان.

 

 

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً