اللاجئون السوريون بين الرومانسية والواقع

2016/10/06
Updated 2016/10/06 at 10:02 صباحًا

index
لدى جيم مونسون واحدة من تلك الحكايات عن اللاجئين، من التي يمكن أن تدفئ قلبك. وهو ينتمي إلى مجموعة خاصة في أوتاوا، تقوم برعاية عائلة سورية. وفي الشتاء الماضي، طُلب منه التأكد من حصول الأولاد على زلاجات وعصي للهوكي. وهكذا، عثر لهم على الزلاجات والعصي وأخذهم للتزلج على سطح القناة المتجمد. وكانت أولى الكلمات التي نطقوها باللغة الإنجليزية: “إنه يطلق النار، إنه يصيب!” وليت الأمر كان بهذه السهولة.
يُنظر إلى كندا على أنها تقدم نموذجاً للعالم بسبب ترحيبنا الحار باللاجئين السوريين. ويستغرب الناس من اندفاع الكنديين إلى رعاية عائلات اللاجئين، ويتنهدون. وفي كندا، لا يشتكي الناس من أننا نقبل الكثير من اللاجئين، وإنما من أننا نأخذ القليل منهم، وما يزال الرعاة التواقون ينتظرون.
نحن أناس طيبون. لكن الوقت ما يزال مبكراً كثيراً على تهنئة النفس. ففي جميع أنحاء كندا، كان اللاجئون يتحولون إلى بنوك الطعام للحصول على قوتهم لأنهم لا يستطيعون تغطية نفقاتهم. وقد وجد “بنك الخبز اليومي في تورنتو” أن ما يتبقى لدى العائلات السورية لا يتجاوز 400 دولار في الشهر بعد دفع الإيجار. وفي مونتريال، يعتمد نحو 2.000 لاجئ على “مويسون مونتريال”، أكبر بنوك الطعام في البلاد. وفي وينبيغ، قالت ياسمين علي، التي تدير أحدث بنك للطعام في المدينة، لمحطة (سي. بي. سي): “هذا الواقع مرهق جداً بالنسبة لهم لأنني أعتقد أنهم لم يكونوا يتوقعون هذا”.
لكي نكون منصفين، تعاني الحكومة الاتحادية من مأزق. فالدعم الحكومي مطلوب للحفاظ على معدلات الرفاه في المقاطعات. وإذا أصبح اللاجئون يحصلون على معاملة أفضل من الكنديين، فإن الكنديين ربما يقلقون.
تمتلك كندا شبكة قوية من وكالات الخدمة الاجتماعية، لكن أياً منها ليست مهيأة لاستقبال هذا الطوفان من القادمين، كما أنها لم تحصل على مزيد من التمويل للتعامل معه. وقد أعادت كندا توطين نحو 13.500 لاجئ في العام 2014؛ وفي هذا العام، من المتوقع أن يكون عددهم، من البلدان كافة، أكثر من 50.000 لاجئ. وتعاني قطاعات تعليم اللغة، والمترجمين، وعلاج الصدمات النفسية والرعاية العقلية، من نقص كبير في المعروض. ولا يستطيع اللاجئون العثور على عمل حتى يتعلموا اللغة الإنجليزية (أو الفرنسية في كوبيك)، لكن بعض مدارس تعليم اللغة لم تعد تملك المال الكافي لتلبية الطلب.
يقول السيد مونسون، الذي يترأس اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان في مجلس الشيوخ: “إننا نحتاج إلى أكثر من الحب”. وكانت لجنته تراقب برنامج اللاجئين. وعلى أقل تقدير، تعاني اللجنة من آلام متزايدة بسبب ما تراه. وحسب رأيه، فإننا يجب أن نكون حذرين إزاء تصدير النموذج الكندي بينما ما نزال نحاول أن نعرف كيفية التعامل معهم.
بالإضافة إلى كل ذلك، تباطأ إيقاع عملية قبول اللاجئين الجدد إلى حد الزحف. وبينما تعيش العائلات الآملة في منطقة الليمبو في الخارج، فإن جماعات الرعاية تصبح أكثر ضيقاً باطراد من بيروقراطية الهجرة التي لا تستجيب للتحديات.
ينتمي جون برايان إلى مجموعة في تورينتو، والتي وافقت على رعاية عائلة سورية تعيش حالياً في السعودية. وقد أقامت المجموعة روابط قوية مع العائلة، حتى أنها رتبت ذهاب أحد أبناء الأسرة، وهو طالب هندسة، إلى جامعة نيويورك. والآن تم إبلاغهم فجأة بأن معاملات هجرة العائلة لن تتم قبل ثلاث سنوات أو أكثر. لماذا؟ ربما بسبب الافتقار إلى الموارد، أو ربما بسبب اللوجستيات البيروقراطية. ومهما يكن واقع الحال، كما قال لي برايان، فإن “الحكومة قدمت التزاماً، ولن تفي به”.
يحظى اللاجئون الذين يتلقون رعاية من الناس والقطاع الخاص بأوضاع أفضل من أولئك الذين ترعاهم الحكومة، فيما يعود في جزء منه إلى تمتعهم بشبكة أفضل من الدعم. لكن النقود تنفد بالنسبة لكلتا المجموعتين بعد عام. ثم، ماذا بعد ذلك؟
تعتمد الإجابة على الأهلية للتوظيف. وليست الإشارات الأولى جيدة بهذا الصدد. ويقول أحد العاملين في التوطين لموقع “هفنغتون بوست”: “بشكل أساسي، لا أستطيع أن أحيلهم إلى أي صاحب عمل لأنهم لا يمتلكون مهارات الاتصال الأساسية”. كما أن بعض اللاجئين السوريين متعلمون تعليماً عالياً. وقد وجد أحد استطلاعات أوضاع اللاجئين في هاميلتون أن ثلثي الذين بعمر عن 15 عاماً فأكثر تلقوا تعليماً ثانوياً أو أقل. وفي بعض أجزاء كندا، خاصة منطقة ألبرتا، تبدو أسواق العمل فظيعة.
يقول السيد مونسون: “لعل آخر شيء يريدوه أي شخص هو أن يرى الناس وهم ينتقلون من أحد البرامج الحكومية إلى قائمة الرعاية في إحدى المقاطعات. لكن من المرجح أن يفعل ذلك أكثر من قلة قليلة”.
لا أحد يتوقع أن يصبح القادمون الجدد مكتفين ذاتياً على الفور. ليس هذا كان السبب في استقبالنا لهم. لقد أخذناهم لأن لدينا التزام أخلاقي بتخفيف معاناة الناس الذين نجو من كارثة إنسانية لا توصف. ونحن مدينون لهم -ولأنفسنا- بتقديم أفضل دعم نستطيعه، وبأن نكون أيضاً واقعيين إزاء ما نستطيع أن نفعله وما الذي يمكن أن نتوقعه.
سوف يكون من الحماقة فتح الأبواب أوسع الآن أمام القادمين (كما يعتقد البعض بأن علينا أن نفعل)، في حين يكافح الكثير جداً من القادمين الجدد للعثور على فرصة. كما سيكون من الذكاء بالنسبة لنا تذكُّر أن عملية الاندماج ستستغرق أكثر من جيل، وأن مجموعات المهاجرين لا تحقق النجاح كلها بالمقدار نفسه، بغض النظر عن كمِّ المساعدة التي تحصل عليها.
لقد ازدهر لاجئو القوارب الفيتناميون في كندا. فكيف سيفعل السوريون؟ سوف نعرف النتائج في غضون 20 أو 30 عاماً. وفي هذه الأثناء، ينبغي علينا أن لا نقلل من حجم التحدي.
مارجريت وينتي – (غلوب أند ميل) 2016
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
.

*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Syrian refugees: the romance and the realit

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً