مرحلة جديدة من النضال ..بقلم كعمر حلمي الغول

2017/12/16
Updated 2017/12/16 at 9:16 صباحًا


جاء خطاب الرئيس أبو مازن في القمة الإسلامية أمس مكرسا للتوجهات الوطنية، حيث شدد على الثوابت المبدئية دون لبس أو غموض، ووضع مداميك مرحلة جديدة من النضال الوطني، وشكل بما حمله من محددات ومضامين سياسية عن توجه القيادة إلى إزالة كل ما شاب المرحلة الماضية من تعثر وإرباك. ورد الرئيس عباس على كل التقولات والتساؤلات، التي تدور في الشارع الفلسطيني والعربي والعالمي، وحمل راية السلام مجددا، ولكن بأسلوب وطريقة نوعية جديدة، وفتح أبواب السيناريوهات كلها للدفاع عن حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني.
وأبرز ما تضمنه الخطاب في النقاط الثلاث عشر كان الآتي: أولا- لا عودة للخلف، ولا رضوخ للمنطق الأميركي- الإسرائيلي. ثانيا- لا كبيرة للرعاية الأميركية لعملية السلام. ثالثا- القرار الأميركي لن يغير من مكانة وطبيعة القدس كعاصمة أبدية للشعب الفلسطيني. رابعا- التوجه مع الأشقاء العرب والعالم الإسلامي وأنصار السلام في العالم نحو الشرعية الدولية لتكون الحاضنة لعملية السلام. خامسا- التوجه لمجلس الأمن للطعن في الاعتراف الدولي بإسرائيل، لا سيما وان قرار التقسيم في العام 1947 أكد على وجود الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وكذلك التوجه لكافة المنظمات الأممية التابعة للأمم المتحدة لملاحقة إسرائيل الاستعمارية وقياداتها السياسية والعسكرية. سادسا- كما ربط القرار 194 الخاص بعودة اللاجئين بين عودتهم والاعتراف بإسرائيل، وهو ما يمنح القيادة السياسية وكل الدول الداعمة للحقوق الفلسطينية الحجة القانونية القوية للطعن بالاعتراف بإسرائيل ما لم تقبل بالتسوية السياسية والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67. سابعا- عدم الالتزام بأي اتفاقات مع الولايات المتحدة والتوجه للانضمام للمنظمات والمعاهدات والمواثيق الدولية الـ 522. ثامنا- رفض استمرار واقع الحال على ما هو عليه، وبالتالي رفض المنطق الإسرائيلي الاستعماري، والتخلص من إرث اتفاقيات أوسلو. تاسعا- التمسك بخيار السلام المستند لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، والمؤيد لاستقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، دعوة دول العالم التي لم تعترف حتى الآن بدولة فلسطين وخاصة الدول الأوروبية، التي تميز موقفها بالوضوح والمتفق مع مرجعيات عملية السلام والقوانين والمواثيق الدولية، لا سيما وانها اعترفت بإسرائيل، وبالتالي لا ذرائع ولا حجج تسمح لأي دولة بعدم الاعتراف بدولة فلسطين القائمة والموجودة تحت نير الاستعمار الإسرائيلي. عاشرا- التمسك بالنضال الشعبي السلمي والسياسي والدبلوماسي كناظم حتى الآن للكفاح الوطني التحرري حتى تحقيق كامل الأهداف الوطنية، وقطع الطريق على دولة التطهير العرقي الإسرائيلية لارتكاب أية حروب ضد ابناء شعبنا، دون ان يسقط ذلك حق شعبنا في استخدام كافة أشكال النضال في ضوء التطورات السياسية اللاحقة. حادي عشر التمسك بوحدة الشعب الفلسطيني والمضي قدما لبناء ركائز المصالحة الوطنية على أسس صلبة.
كما فند الرئيس أبو مازن الموقف الأميركي بشكل علمي ومنطقي، ورفض القرار الترامبي، وأكد أن القدس ليست مدينة أميركية، ولا يحق للرئيس الأميركي ولا لغيره منح دولة الاحتلال والعدوان الإسرائيلية ما لا تستحق وعلى حساب الحقوق الوطنية، واستند إلى القرارات الأممية ذات الصلة 242 و338 و476 و478 و2334، فضلا عن الحقوق الطبيعية المشروعة للشعب الفلسطيني في أرض وطنه ودولته، وقال “ان وعد بلفور مر، ولكن قرار ترامب لن يمر”. وعرى بذات الوقت الإمبراطورية البريطانية، التي أطلقت وعدها المشؤوم في نوفمبر 1917، حيث لم يكن لها أي صلة بالوطن والأرض الفلسطينية.
خطاب الرئيس عباس كان شاملا وقويا ومنسجما مع نبض الشارع الفلسطيني. ولم يهادن، ولم يساوم نهائيا على الثوابت الوطنية. كان واضحا وشجاعا، كما في كل محطة من محطات النضال الوطني.
ولترجمة ذلك تستدعي الضرورة لدعوة عاجلة للمجلس المركزي لاشتقاق برنامج سياسي جديد يبلور تلك المحددات في إطاره، واستنهاض الحالة الوطنية من خلال مواصلة النضال الشعبي الذي يعم الأرض الفلسطينية كلها لزيادة كلفة الاحتلال الإسرائيلي المجرم. وقادم الأيام سيحمل في طياته تطوير الرد الوطني على الجنون الأميركي والإسرائيلي.

Share this Article