رحلة أوباما: هل أعادت تعريف الوجهات الأميركية؟

2013/03/31
Updated 2013/03/31 at 1:04 مساءً

194420مثل البحارة في الغواصة، الذين ينظرون إلى الخارج من خلال البريسكوب، تراقب الأمم الأخرى الولايات المتحدة، بحثاً عن مفاتيح تشير إلى قدرتها أو رغبتها في التمسك بدورها التاريخي كقوة عظمى كونية. وسوف تعمل أقل الإمارات على الانسحاب الأميركي من الشؤون العالمية على إسعاد خصوم أميركا، بينما سترتعش أجساد أصدقائها فرَقاً.
الآن، بعد ثلاثة أشهر من بدء الرئاسة الثانية لإدارة اوباما، تبدو الدلائل -ربما التي تلمح إلى تحجيم دور الولايات المتحدة- وأنها أصبحت ذات صلة أكثر من أي وقت سابق على الإطلاق. وبينما كان يقلع في أول رحلة خارجية له كرئيس “البطة العرجاء”، قلل البيت الأبيض من شأن هذه الرحلة –إلى إسرائيل والأردن والضفة الغربية المحتلة- وقال إنها لا تنطوي على عرض لأي انفراج رئيسي. وفي الحقيقة، كان أكبر سؤال يتعلق بالرحلة هو ما إذا كان الرئيس يستطيع أن يؤكد للإسرائيليين على أنه سيعمل بالفعل من أجل منع إيران من تطوير سلاح نووي. وقد ظلت صدقية الولايات المتحدة إزاء هذه النقطة غير يقينية.
ثمة مفتاح آخر هو المشهد غير الاعتيادي لقاذفات أميركية من طراز “بي-52” وهي تطير فوق كوريا الجنوبية في الأيام الأخيرة. وقد حاولت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) طمأنة كوريا الجنوبية بدوام الالتزام الأميركي بالدفاع عنها من خلال قيام الطائرات الحربية الأميركية بالطيران في سمائها.
وقد ألقى الحليف الآسيوي منذ أمد طويل ظلالاً من الشكوك مؤخراً على رغبة السيد أوباما في التضحية بقوات، في حال نفذت كوريا الشمالية تهديداتها باستخدام القنابل والصواريخ النووية التي اختبرتها مؤخراً، حتى أن البعض في كوريا الجنوبية أخذوا يدعون بلدهم إلى تطوير أسلحته النووية الخاصة بدلاً من التعويل على قوة الرد الأميركية.
ثم هناك التوجيه الذي صدر مؤخراً عن وزير الدفاع الجديد تشك هاغل، والذي دعا إلى إعادة فحص الاستراتيجية الدفاعية للأمة. وقد أرسل ذلك الطلب إشارات مربكة، لأنه كان قد تم الإعلان عن استراتيجية دفاعية جديدة في العام الماضي وحسب. وجاء تحرك وزير الدفاع في أعقاب خفض كبير في الموازنة، تم فرضه على البنتاغون بموجب أمر قضائي.
وبعد ذلك، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي، إن الخفض وإعادة المراجعة الاستراتيجية يظهران “الحاجة إلى تعديل طموحاتنا لتواكب قدراتنا”. لكنها يمكن أيضاً أن تعكس النظرة الحمائمية نسبياً للسناتور الجمهوري السابق.
ربما يكون الدليل الملحوظ أكثر ما يكون حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تقوم بتحجيم دورها الكوني يكمن في الوتيرة التي تغلف سحب القوات الأميركية من أفغانستان. ويريد أوباما عودة معظم القوات الأميركية المقاتلة إلى الوطن مع نهاية العام 2014. لكن الإدارة تقدم قدماً وتؤخر أخرى فيما يتعلق بجدول الانسحاب. وفي الأثناء، يراقب العالم ليرى ما إذا كانت الولايات المتحدة ستصل إلى تسوية من خلال الحديث مع قادة طالبان بخصوص الانضمام إلى حكومة ائتلافية محتملة في كابول.
خلال رئاسته الأولى، أثار أوباما استغراب الكثيرين من عدم اضطلاع الولايات المتحدة بدور الريادة في الحربين اللتين شنتا في ليبيا ومالي. كما أنه سمح لتركيا والعربية السعودية ودول أخرى بتولي معظم الريادة في دعم الثوار خلال الحرب الأهلية العنيفة الجارية في سورية. وتتطابق هذه الممارسات مع كلماته في العام 2009 عندما قبل جائزة نوبل للسلام، حين قال: “علينا، كأميركيين، أن نبذل قصارى جهودنا للموازنة بين الانعزال والانخراط”.
مع العديد جداً من الالتزامات المتضمنة في المعاهدات المبرمة للدفاع عن أمم أخرى -من بولندا وحتى الفلبين- يجب على الولايات المتحدة أن تتوخى الحذر في إرسال إشارات على أنها قد تتجه نحو الانعزالية كيفما اتفق. وقد عمل سجلها خلال القرن العشرين، والمتعلق بكسب ثلاثة حروب -الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الباردة- على وضع التوقعات بأن تستمر في ممارسة دورها القيادي في القرن الحادي والعشرين، بالرغم من الأخطاء المرتكبة في العراق وغيرها.
إن الأمة، مثل الفرد، تكون جيدة بقدر ما تكون كلمتها كذلك. وسواء كان ذلك من خلال التصميم أو التعثر في اتجاه إجراء حالات خفض رئيسية في الموازنة، تحتاج الولايات المتحدة لأن تكون أكثر وضوحاً في تحديد دورها العالمي. وبغض النظر عن أي وجهة تتجه إليها، فإنه يجب على الولايات المتحدة أن تمضي قدماً وهي تنطوي على الاستقامة والشفافية.

هيئة التحرير – (كرستيان سينس مونيتور) ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
*نشر هذا التعليق بعنوان:
In Obama trip, clues of U.S redirection

 

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً