الإثنين, ديسمبر 15, 2025
spot_img
الرئيسيةالاخبارانتزاع لحظة فرح من بين أكوام الوجع

انتزاع لحظة فرح من بين أكوام الوجع

والدة مدرب منتخبنا الوطني ايهاب أبو جزر تتحدث معه عبر الهاتف من خيمتها في غزة.

نابلس – الحياة الجديدة – بشار دراغمة- في مدينة تطاردها الاقتحامات كما يطارد الليل عباءة النهار وبينما الشوارع تتنفس على مهل كأنها تخشى أن يسمع الاحتلال نبضها، انفجرت نابلس مساء الأحد بلحظة فرح نادرة.

تعادل المنتخب الفلسطيني في كأس العرب مع نظيره السوري، وتأهله إلى ربع النهائي، كان الشرارة الصغيرة التي أشعلت فرحة في مدينة منهكة من اعتداءات متراكمة

في الأزقة التي اعتادت وقع الخطى الثقيلة لاقتحامات لا تنتهي، وهدير آليات تزرع الوجع اليومي انبثقت أصوات اخرى، أصوات تشبه ضحكة أفلتت من سجنها.

محمد جعارة الذي يعرف الحواجز والحصار على نابلس أكثر مما يعرف حدود شبابه خرج من نافذة سيارة في حي رفيديا ليصرخ: “نحن لا نشجع المنتخب فقط، نحن نجرب الفرح كما يجربه الآخرون عادة، لكننا نجربه بحذر، بامتنان، وبخوف أن يصادر منا فجأة بسبب المحتل”.

يقول جعارة: “حين أطلق الحكم صافرت النهاية، شعرت كأن فلسطين كلها تنفست فرحا، دقيقة الفرح بالنسبة لنا تعادل الكثير من الأشياء في زمن احتلال قاهر”.

يتابع: “نضحك بخجل، نفرح بخوف، نقلق من أن يكتشف الاحتلال فرحتنا فيأتي ليطفئها”.

كان سامر عودة، يتكئ على نافذة سيارة كمن يتكئ على حلم هش ليقول: “لم نخرج لنحتفل بكرة قدم فقط، خرجنا لنقول لأنفسنا ان القهر ليس قدرا، وأن في القلب نبضا لم ينتزعوه بعد”.

في أحد المقاهي التي اكتظت كما لو أن كل القلوب كانت تبحث عن قلب آخر تستند اليه، جلس ناصر الذي لا يعرف كثيرا عن كرة القدم وراح يصفق ويصرخ وكأنه يحفظ تكتيكات المدربين.

يضحك من دهشته ليقول: “لا أعرف كثيرا في الرياضة، لكنني عرفت ماذا يعني أن يحتاج شعب كامل الى لحظة واحدة فقط، لحظة ينسى فيها الحصار ويستعيد نفسه، لحظة فرح ولو كانت مؤقتة تكسر شيئا من أوجاع متراكمة”.

كان ناصر ينظر إلى الشاشة وكأنه يتطلع إلى نافذة تطل على وطن حلم به طويلا ليقول: “كنت أشاهد اللاعبين، وكأن كل واحد منهم يحمل مدينة فلسطينية على كتفيه، كانوا يركضون نيابة عنا ليلتقطوا لنا لحظة الفرح”.

ويضيف: “كنت أشعر بفخر وأنا أشاهد الناس وهم يتحولون في لحظة مؤقتة من شعب يتألم الى شعب يصفق”.

في بيوت نابلس التي اعتادت السهر على أخبار ثقيلة، اجتمعت العائلات حول شاشة صغيرة تحولت الى نافذة أمل واسعة.

في منزل عائلة موفق سليمان جلس أفراد العائلة متلاصقين كأنهم يخشون أن يتسرب الفرح من بينهم، بينما تقاطعت صيحاتهم كلما اقترب المنتخب الفلسطيني من مرمى الخصم، صيحات تشبه عملية ترميم جماعي للروح، تعيد ترتيب الشقوق التي خلفتها سنوات وجع طويلة.

كانت الأم تمسك بأيدي أبنائها وكأن المباراة قدر مشترك، بينما الأب يرفع صوته بنبرة تجمع بين الشغف والفداء.

مقالات ذات صلة

ابق على اتصال

16,985المشجعينمثل
0أتباعتابع
61,453المشتركينالاشتراك

أقلام واَراء

مجلة نضال الشعب