الأربعاء, ديسمبر 17, 2025
spot_img
الرئيسيةالاخباركيف أعادت إدارة ترامب تشكيل الدبلوماسية الأميركية تجاه حماس

كيف أعادت إدارة ترامب تشكيل الدبلوماسية الأميركية تجاه حماس

 

أمد/ واشنطن: شهدت السياسة الأميركية تجاه حركة «حماس» تحولًا غير مسبوق خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب، تمثّل في انخراط مباشر وعلني مع الحركة الفلسطينية، في قطيعة واضحة مع نهج الإدارات الأميركية السابقة التي اعتمدت العزل أو التواصل غير المباشر عبر وسطاء إقليميين.

وبحسب تقارير إعلامية أميركية، من بينها نيويورك تايمز، يخطط المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف لعقد لقاءات مع القيادي البارز في حركة «حماس» خليل الحية، في إطار مسار دبلوماسي جديد بدأ فعليًا خلال الأشهر الماضية. وكان ويتكوف قد التقى الحية بالفعل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مدينة شرم الشيخ المصرية، في اجتماع ضم أيضًا جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، الذي اضطلع بدور محوري في جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.

ويأتي هذا التحرك بعد سلسلة لقاءات أجراها مبعوث شؤون الرهائن في إدارة ترامب، آدم بوهلر، مع مسؤولين من «حماس» في العاصمة القطرية الدوحة خلال مارس/آذار الماضي، أسفرت عن الإفراج عن المواطن الأميركي–الإسرائيلي إيدان ألكسندر. وقد تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة في أكتوبر/تشرين الأول، بعد حرب استمرت عامين أعقبت هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي خطاب ألقاه منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، أقر الرئيس ترامب بدور الحركة في الإفراج عن رهائن إسرائيليين، قائلًا إن «الكثير من العمل أُنجز من جانب حماس»، في تصريح اعتُبر مؤشرًا إضافيًا على تغير نبرة البيت الأبيض تجاه الحركة، المصنّفة منظمة إرهابية أجنبية من قبل وزارة الخارجية الأميركية منذ عام 1997.

من جهته، قال القيادي في «حماس» باسم نعيم في تصريح لـالمونيتور إن الحركة لا تجري محادثات «منتظمة» مع الولايات المتحدة، لكنها «ترحب بأي اتصالات مباشرة». وأضاف أن واشنطن «تفضل في هذه المرحلة الاستماع إلى حماس مباشرة بدل تلقي المعلومات عنها من الجانب الإسرائيلي».

قطيعة مع نهج الإدارات السابقة

ويُعد هذا المسار خروجًا واضحًا عن سياسات الإدارات الأميركية السابقة. فقد رفضت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش أي اتصال رسمي مع «حماس»، فيما اكتفت إدارة باراك أوباما باتصالات غير رسمية ومحدودة عبر قنوات أكاديمية أو بحثية، أثارت جدلًا سياسيًا داخليًا. أما إدارة الرئيس جو بايدن، فاعتمدت على وسطاء إقليميين، خصوصًا مصر وقطر، لتسيير أي تواصل غير مباشر مع الحركة.

ويرى خبراء أن التحول يعكس أسلوب إدارة ترامب التي لا تعير أهمية كبيرة للسوابق الدبلوماسية. ويقول ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، إن الإدارة الحالية تتعامل مع التواصل المباشر مع «حماس» بوصفه أداة سياسية «لا محرّمًا دبلوماسيًا».

اعتبارات داخلية وإقليمية

وبحسب مراقبين، ساهمت المتغيرات في الرأي العام الأميركي في تقليص كلفة هذا الانخراط. فبينما بقيت المواقف الأميركية من «حماس» سلبية إلى حد كبير، أظهرت استطلاعات حديثة لمركز «بيو» للأبحاث تراجع النظرة الإيجابية تجاه إسرائيل، ما خفف من احتمالات حدوث ردود فعل سياسية أو شعبية واسعة ضد سياسة التواصل المباشر مع الحركة.

وفي إسرائيل، تشير التقديرات إلى أن القيادة الحالية، التي تربطها علاقة وثيقة بالرئيس ترامب، لم تُبدِ اعتراضًا علنيًا على هذا المسار، خلافًا لما كان عليه الحال في فترات سابقة. ويعزو محللون ذلك إلى اعتماد الحكومة الإسرائيلية بشكل كبير على دعم ترامب السياسي والأمني.

مكاسب رمزية وحدود واقعية

ويرى محللون أن واشنطن لا تسعى من خلال هذا الانخراط إلى تسوية سياسية شاملة مع «حماس»، بل إلى منع الحركة من عرقلة خطة الإدارة الأميركية ذات النقاط العشرين لمستقبل غزة، وتأمين ترتيبات مرحلية تتعلق بوقف النار وإدخال المساعدات الإنسانية.

وفي المقابل، يمنح هذا التواصل الحركة مكاسب رمزية مهمة، إذ يرسخ حضورها بوصفها طرفًا لا يمكن تجاوزه في أي ترتيبات تتعلق بغزة، ويوجه رسالة إلى الفلسطينيين بأنها ما زالت فاعلًا سياسيًا قائمًا رغم الدمار الواسع الذي لحق بالقطاع.

غير أن خبراء يؤكدون أن القيود الأساسية لا تزال قائمة، إذ لا يمكن لأي مسار دبلوماسي أن يتقدم دون موافقة إسرائيل أو قبول عربي بدور سياسي رسمي للحركة، وهو ما يبدو مستبعدًا في المرحلة الراهنة.

وفي ظل ذلك، تبقى الاتصالات الأميركية مع «حماس» محصورة في إطار ترتيبات قصيرة الأمد، فيما يواصل قطاع غزة مواجهة أوضاع إنسانية كارثية، حيث يعيش معظم سكانه وسط أنقاض الحرب المستمرة منذ عامين.

مقالات ذات صلة

ابق على اتصال

16,985المشجعينمثل
0أتباعتابع
61,453المشتركينالاشتراك

أقلام واَراء

مجلة نضال الشعب