الأربعاء, ديسمبر 17, 2025
spot_img
الرئيسيةزواياأقلام واراءالنخب الفلسطينية.. لماذا كل هذا الخراب؟ .. بقلم :باسم برهوم

النخب الفلسطينية.. لماذا كل هذا الخراب؟ .. بقلم :باسم برهوم

فيما يتعلق بالملتقى الثالث لفلسطينيي الخارج، الذي عقد في مدينة إسطنبول التركية مؤخرا، لا بد من وضع النقاط على الحروف، وتسمية الأشياء بمسمياتها.

فقد كشف هذا الملتقى عن مدى الخراب والعفن الذي اصاب النخب الفلسطينية، وكم تحولت إلى ادوات بيد مشغليهم ومموليهم، واتباع للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان والدول الراعية لهذا التنظيم.

والسؤال: من المستفيد الحقيقي من عقد هذا الملتقى؟ الجواب بسيط. عقد الملتقى بحد ذاته يضيف فقط لرصيد الدول الممولة، ومنحها واجهة فلسطينية، يمكنها ان تخاطب الولايات المتحدة من خلالها، انها تملك البديل لقيادة فلسطينية لا تزال تحكمها وتتحكم بها الوطنية الفلسطينية رغم ما تلقته من ضربات وحصار وحملات تشويه من اطراف عديدة ابرزها إسرائيل.

وإذا نظرنا في طبيعة الحضور ومن هم وما هو تاريخهم، فسيظهر لنا انهم نفس مجموعة المرتزقة، التي كانت على امتداد أكثر من عقدين تظهر على الفضائيات والمواقع المحسوبة على المحورين الإيراني والتركي – الاخواني. 

ويمكن تصنيفهم كالتالي، من كان من هذه النخب اخوانيا بالأساس فهو الأصل، ومن كان من بقايا اليسار والقومجيين والماويين فهم التابعون المأجورون، ويشكلون أبواقا وغطاء لجماعة الاخوان ومشاريعها الرجعية، ولحلفهم الاقليمي.

وفي العقدين الأخيرين لعب صاحب “العربي الجديد”، هذا الملقب “بالمفكر العربي”، الدور النشط والرئيسي في تخريب النخب الفلسطينية والعربية، وفي تشغيلها وفي إعطائها الاوامر وأشكال التحرك. 

وصاحب “العربي الجديد”، الذي اصبح له وكلاء كثر، ليس هو القناة الوحيدة لكنه أحد اهم قنوات التخريب، والتجربة الاولى لتخريب صاحب “العربي الجديد” طبقت في اوساط الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، داخل إسرائيل، فهو المسؤول عن فرط عقد القائمة العربية المشتركة في العام 2021، لمصلحة ان يتم ترشيح نتنياهو رئيسا للوزراء، القائمة العربية المشتركة، التي كانت تضم اربع قوائم عربية، وتعبر عن وحدة الجماهير العربية في الداخل.

ولم يقتصر دور صاحب “العربي الجديد” على اللعب بواقع القائمة المشتركة وتفسيخ وحدتها، بل نجح مع الأسف في الوصول الى معظم الباحثين والاعلاميين والنخب، وحولهم إلى جيش يعمل بـ “الريموت كونترول” الذي يتحكم به هو وممولوه. وتوسع عملها ليشمل النخب الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة والخارج، ومثلت اجتماعات الملتقى المشار اليه ذروة، او خلاصة عمله التخربي، وتجرأ بعض الحضور على الدعوة إلى القيام بانقلاب على الشرعية الوطنية الفلسطينية.

 وتعمق التخريب، خصوصا بعد ان أصبح التمويل لا يقتصر على الأكاديميين والاعلاميين والباحثين، بل امتد إلى قيادات سياسية في الفصائل الفلسطينية، وحتى تمويل الفصائل ذاته، كل ذلك ليكونوا اصواتاً وادوات معارضة للقيادة الفلسطينية الشرعية.

بالطبع ليس “المفكر العربي” هو الفاعل الوحيد، فهو بحد ذاته أداة ايضا، بل من يمولونه ليقوم بهذا الدور الهدام، الذي تخطى دوره فلسطين إلى الدول العربية، والجاليات الفلسطينية والعربية على امتداد العالم.

وبخصوص ملتقى إسطنبول الأخير، فالواضح انه كان له هدفان، الأول دعم الجماعات الاسلاموية والشد من أزرها بعد الهزيمة الكبيرة التي لحقت بها في كل الساحات، والثاني الدعوة للقيام بانقلاب على الشرعية الوطنية الفلسطينية.

وبعد كل ذلك، نتساءل: لماذا يتم النجاح بهذه البساطة في تخريب النخب الفلسطينية، ولماذا هذا الاستعداد من هذه النخب لتقبل ان تتحول إلى مأجورين وأدوات؟

اختراق النخب الفلسطينية ليس شيئا جديدا ولم يبتكره صاحب “العربي الجديد” او ممولوه، فالأنظمة العربية، التي كانت تصنف نفسها ثورية او تقدمية، وهي في الواقع انظمة ديكتاتورية وفئوية وطائفية، هذه الأنظمة قامت في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات بالشيء ذاته، فلطالما نجحت في السيطرة على النخب وحتى بعض الفصائل، النظام الليبي، والعراقي، والسوري، ابدعت في شرذمة الحالة الفلسطينية في تلك المرحلة. وعلى نطاق اصغر جرت امور مشابهة قبل نكبة العام 1948 وخلالها، فقد وجدت انظمة عربية في حينه نخبا فلسطينية تعمل لصالح اجندتها وحققت ايضا نجاحات.

لماذا تكرر حصول ذالك وكانت النخب الفلسطينية سريعة النحاوب مع الإغراء؟

يمكن تحديد الاسباب كالتالي:

اولا: ان القضية الفلسطينية هي قضية كبيرة وبالتالي تتسابق الدول والأنظمة والأطراف على استخدامها، اما لتعزيز شرعيتها الجماهيرية كما كان يحصل من الأنظمة العربية الثورية في الفترة من الستينيات إلى نهاية الثمانينيات من القرن العشرين، وايضا استخدام القضية الفلسطينية كورقة لتعزيز مكانة الدول على الساحتين الإقليمية والدولية كما كان يحصل دائما، ولا يزال المدخل لاستخدام القضية الفلسطينية هو شراء النخب والفصائل.

ثانيا: تشتت الشعب الفلسطيني وانتشاره في العديد من الدول، ما يسهل اختراقه والتأثير على نخبه، وحتى على الرأي العام الفلسطيني بشكل عام، فمع مرور الوقت تصبح المصالح المباشرة والخاصة هي من يحدد المواقف. فلو كان الشعب الفلسطيني في بلده وعلى أرض وطنه لما كان التأثير بهذه الحدة. فالنخب والحالة هذه تحولت إلى مادة للبيع والشراء.

ثالثا: الحاجة الشخصية للمال، فأغلب النخب الفلسطينية، من الطبقة المتوسطة، وحتى الفقيرة، والنخب بطبيعتها تسعى باستمرار لتحسين ظروف حياتها، وقد يلجأ بعضها إلى بيع ما يمكّنه من الحصول على المال الا وهو عقله وفكره ومبادئه.

رابعا: التطرف والمزايدات، وهي ظاهرة صاحبت النضال الوطني الفلسطيني، وبالتالي أسهل طريقة للنخب المأجورة هي اخفاء ارتهانها للغير بالشعارات والمزايدات، ولا يهم من يمولهم ومن يشغلهم وشعاراتهم ومزايداتهم ما دمت تخدم أجندته الخاصة، وهم بالمقابل يبدون للرأي العام انهم الأطهر والأنقى، بالرغم من انهم مأجورون.

في المحصلة وجدنا أنفسنا أمام نخب نخرها العفن.

عن صحيفة الحياة الجديدة

مقالات ذات صلة

ابق على اتصال

16,985المشجعينمثل
0أتباعتابع
61,453المشتركينالاشتراك

أقلام واَراء

مجلة نضال الشعب