الثلاثاء, ديسمبر 16, 2025
spot_img
الرئيسيةزواياأقلام واراءوقف النار في غزة: هدنة تكشف الفراغ… لا الطريق .. بقلم: جورج...

وقف النار في غزة: هدنة تكشف الفراغ… لا الطريق .. بقلم: جورج عبد الرحيم

شهر ثالث دخل على وقف إطلاق النار في غزة، ايام كان يُفترض أن تفتح بابًا نحو التعافي وإعادة الإعمار، لكنها كشفت — بوضوح مؤلم — حجم الفراغ السياسي الذي يحيط بمستقبل القطاع، وعمق العجز الإقليمي والدولي عن صياغة معادلة مستقرة لليوم التالي.

فالهدنة التي أوقفت القصف، لم توقف الانهيار. وغزة التي تنفست قليلًا، ما زالت تغرق في ركام بيوتها وخدماتها ومؤسساتها. لا كهرباء مستقرة، لا مياه كافية، لا مدارس ولا مستشفيات قادرة على العودة إلى دورة الحياة الطبيعية. أما النازحون فلم يعودوا إلى بيوتهم، لأن البيت لم يعد موجودًا أصلًا.

في المقابل، لم تخرج إسرائيل من الحرب بانتصار كامل ولا بخسارة كاملة. لكنها خرجت بصداع داخلي، وجيش منهك، وصورة ردع مهزوزة، وبتحذيرات أمريكية مستمرة بأن الزمن السياسي بعد الحرب لن يشبه ما قبلها. كل مكاسبها في الهدنة مؤقتة، وكل حساباتها للمستقبل مفتوحة على التناقضات.

أما الفصائل الفلسطينية، فوجدت في وقف النار مساحة لإعادة ترتيب أوراقها، لكن معركة ما بعد الحرب تبدو أعقد من معركة الميدان. ملف الأسرى يتحول إلى ورقة تفاوضية، لكن إدارة القطاع تبقى عنوانًا للصراع الداخلي: من يحكم غزة؟ وكيف؟ ولأي مشروع؟

وسط هذا التعقيد، يبرز حضور السلطة الفلسطينية سياسيًا، وإن بقي دورها الميداني معلّقًا. السلطة تتحرك دوليًا لاستعادة موقعها، وتواجه في الوقت نفسه امتحان الوحدة الوطنية الذي لا يمكن لأي خطة “يوم بعد” أن ترى النور من دونه. ومع ذلك، تتعامل معها بعض القوى الدولية بمنطق الشرط المسبق: عودة إلى غزة مقابل ترتيبات أمنية، وتوافق داخلي، وتعهدات سياسية… أي دور مشروط في مكانٍ يحتاج دورًا حاسمًا لا مشروطًا.

إقليميًا، يتصدّر لبنان قائمة المتأثرين. فجنوبه ما زال فوق خط النار، واقتصاده على حافة الإنهاك. أما مصر والأردن فتواجهان أثمانًا اقتصادية وأمنية صامتة، تجعل من أي تأزّم في غزة مشكلة وطنية داخلية لدى البلدين.

اليوم، حيث الهدنة الهشة، يتضح أن وقف إطلاق النار ليس مسارًا نحو الحل، بل جسر هش بين حرب انتهت… وحرب قد تعود. وفي ظل غياب رؤية فلسطينية موحّدة، وضبابية إسرائيلية مقصودة، ووساطة دولية بلا أدوات ضغط حقيقية، تبدو غزة أمام مستقبل مؤجل مرة أخرى.

 

السؤال الذي يجب أن يُطرَح — بلا مجاملة — هو: إلى متى ستظل غزة رهينة الهدن المؤقتة؟

ومتى يصبح “اليوم التالي” مشروعًا، لا عنوانًا متكررًا بلا مضمون؟!

مقالات ذات صلة

ابق على اتصال

16,985المشجعينمثل
0أتباعتابع
61,453المشتركينالاشتراك

أقلام واَراء

مجلة نضال الشعب