
حضارة إنسانية قتلتها الردّة
بقلم : فادي أبو صاع
قتلتنا الردّة حتى أصبح الإنسان يكفر بمن خالفه و كان ضدّه, هذه هي حرب الصراعات بين المفاهيم الإنسانية والحرية غير المبرمجة , بات الأمر قاب قوسين أو أدنى من مفاهيم ضحلة تسكن مستنقعات آسنة , و يؤسفنا حقاً بأن نقول أن تغيرات المرء عِبر آلاف السنين كانت آفة مصطنعة ومختلقة من دناءة التفكير, و عدم المناداة بفنون أيدلوجية ثابتة ذات قواعد واضحة كالبنية التحتية لأي أمة نهضت من فقر ٍ حال بها إلى موتٍ سريري .
ما عدنا نؤمن بحقيقة التواجد حيثما كان ونحن لا نكون , حتى أننا عدنا للبكاء و النواح على ضياع الأيام الماضية من تاريخ أي حضارة كنّا على مقربةٍ تامة منها, لا نجيد سوى قراءة بعض الصحف البالية ذات الصور الجريئة والمعالم المخفية , فيصحو الإنسان فجأة وينادي بخارطة الحدود اليومية, ويستقي من ماءٍ أخضر متعفن في الوديان , ويعود مرة أخرى في سنة جديدة لحضارة أخرى كاتب فيها, يجيد كتابة الحروف الزائفة و التقليدية ذات الصور الرجعية و البالية إلى متى سنبقى نردد هذه الشعارات و التنظيرات الفوضوية ؟متى سنتحرر من قيود هذه الصومعة البشرية ؟
إنها على خطأ و هذا التقاعس سيحول بنا إلى الوراء , فدجاجة الصين ليست بعيون ضيّقة و أنفٍ فاجع للهوى .
لذلك إن مسألة تطهير النفس الإنسانية مسألة مترابطة و ليست بهذه الصعوبة, فالأجندة المطلوبة هي ماء جاري من نبع الإنسانية, تلك المبادئ القيّمة, التي تفيض من جنان المفهوم الإنساني المتحضّر, للأسف مطر الشتاء لا يغسل قذارة القلب الخاوي في عرشه, وشمس الصيف لا تطهر طحالب الجسد المتعفن , فلِمَ كلّ هذا الانتظار ؟
علينا أن نرتوي من سياسة الحضارة الإنسانية الحقيقة, فنحن لا نريد تغيير إنساني بل نحتاج إلى تصحيح مبدأ إنساني على مفاهيم إنسانية مغايرة لواقع الإنسان الحالي, لا نريد أن تقتلنا الردة, يكفي أن الإنسان يحمل في الداخل ضدّه.


