السبت, أكتوبر 11, 2025
spot_img
الرئيسيةالاخبارتداعيات مضاعفة: هل يفاقم نقص المياه أزمات الداخل الإيراني؟

تداعيات مضاعفة: هل يفاقم نقص المياه أزمات الداخل الإيراني؟

تعاني عدّة مناطق في إيران من نقص حاد في توافر المياه؛ الأمر الذي انعكس سلباً على الحياة اليومية، فضلاً عماّ يحمله ذلك من تداعيات سلبية على الأنشطة الاقتصادية من زراعة وصناعة وسياحة وغيرها، إلى جانب ما يفرضه من تغيّرات اجتماعية نتيجة لنزوح المواطنين من المناطق شحيحة المياه إلى مناطق أخرى تتوافر فيها الموارد المائية.

وفي ضوء ذلك؛ حذَّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في 31 يوليو 2025، من أن أزمة مياه تلوح في الأفق، مؤكداً أن الاستهلاك المُفرط وسوء إدارة الموارد يهددان بجفاف السدود في العاصمة طهران مع حلول سبتمبر أو أكتوبر المقبليْن. في تصريح رسمي رفيع يكشف حجم الأزمة المتفاقمة في إيران.

ندرة مائية:

تعاني إيران، شأنها في ذلك شأن عدّة دول بمنطقة الشرق الأوسط، من الآثار السلبية التي تفرضها التغيرات المناخية، والتي تتجلى أبرز مظاهرها في نقص توافر المياه الصالحة للشرب والاستخدامات الاقتصادية، إلا أن الأزمة المائية في إيران، ربما تكون أزمة مركّبة؛ إذ تتضافر فيها العوامل الطبيعية والبشرية، كما أنها انتقلت من مستوى الأزمة البيئية إلى كونها تحدياً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وأمنياً، ويمكن إجمال أبرز الأسباب التي أدّت إلى تفاقم تلك الأزمة على النحو التالي:

1. تأثيرات التغيرات المناخية: تُشير مراكز البحوث والدراسات الإيرانية إلى أن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية هي وأحدة من أكبر خمسة تحديات تهدد كيان الدولة الإيرانية ووحدة أراضيها. وتُعزى أزمة توافر المياه في إيران إلى استمرار الجفاف للعام الخامس على التوالي، الناتج عن الانخفاض الكبير في منسوب هطول الأمطار؛ إذ وصف نائب وزير الطاقة الإيراني، محمد جوانبخت، العام 2025، بأنه سجَّل انخفاضاً في مستوى هطول الأمطار بنسبة تقدر بـ44%، وهي الأقل منذ قرن من الزمان. إذ بلغ متوسط هطول الأمطار نحو 150 ميليمتراً خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2024 حتى منتصف يوليو 2025، مسجلاً تراجعاً بنسبة 40% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام المائي المنصرم، و44% مقارنة بالمعدل طويل المدى.

وقد كشف المتحدث باسم مصلحة المياه في إيران عيسى بزرك زاده، بأن 24 محافظة من أصل 31 محافظة تعاني من توتراً مائياً، منها 19 محافظة تعاني من جفاف حاد، وقد سجَّلت محافظة هرمزجان، التي تقع في أقصى جنوب إيران على الخليج العربي، انخفاضاً يقدر بـ77%، تلتها محافظة سيستان بلوشستان، في أقصى جنوب الشرق، بنسبة انخفاض بنحو 72%.

يُضاف إلى ذلك، أن إيران شهدت خلال السنوات الأخيرة ارتفاعاً قياسياً في درجات الحرارة، تجاوز الـ50 درجة في بعض أيام الصيف، ومن شأن ذلك أن يرفع معدلات تبخّر المياه؛ إذ ارتفع هذا المعدل بثلاثة أضعاف المتوسط العالمي له، وفق بيانات رصدتها صحيفة “شرق” الإيرانية؛ ما تسبب في انخفاض كبير في منسوب الأنهار والبحيرات.

وقد نتج عن انخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة؛ انخفاض احتياطات السدود إلى أدنى مستوياتها التاريخية؛ إذ تُشير التقارير إلى أن السدود الأربعة الرئيسية التي تغذي العاصمة طهران أصبحت تعمل بنسبة 14% من إجمالي سعتها، كما تُشير إلى أن مستويات المياه في خزانات إيران عموماً بلغ متوسطها 44% فقط. كما تسبب ذلك في جفاف بحيرات مهمة؛ ومنها بحيرة هامون، التي يصب فيها نهر هلمند (هيرمند)، النهر المشترك بين إيران وأفغانستان، وبحيرة أورميا التي تقع في شمال غرب إيران قرب الحدود مع تركيا. كما أسفر ذلك عن اتساع مساحة التصحر وجفاف التربة؛ إذ أشارت بعض التقديرات إلى أن إيران تخسر نحو مليون هكتار سنوياً بسبب الجفاف.

2. التوسع في بناء السدود: شهدت إيران، على مدار السنوات الماضية، تزايداً في وتيرة بناء السدود، وتُشير تقارير إلى أن هذه السدود بلغ عددها أكثر من 200 سد تخزيني كبير، وفق تصريحات وزير الطاقة الإيراني السابق علي أكبر محرابيان، في مايو 2024، والذي صرّح أيضاً بأن إيران تُعد واحدة من أكثر الدول توسعاً في مجال بناء السدود على مستوى العالم. وقد كان الهدف من بناء تلك السدود هو ري الأراضي الزراعية وتوليد الطاقة الكهرومائية.

إلا أن الإفراط في بناء تلك السدود قد ضاعف من تفاقم مشكلات توافر المياه؛ إذ إن تخزين المياه في خزانات السدود، مع الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة خلال السنوات الماضية، عرَّض تلك المياه لمخاطر التبخر؛ وهو ما أدّى في النهاية إلى تراجع في منسوب المياه المتوفرة. وربما كان تصريح رئيس إدارة البيئة في إيران آنذاك ووزير الزراعة السابق، عيسى كلانتري، في عام 2018: “لقد ارتكبنا هذه الأخطاء في الثمانينيات… أدركنا أننا بنينا سدوداً حيث لم تكن ضرورية وأهملنا بناءها حيث كانت ضرورية”؛ معبراً عن تعمد السلطات المبالغة في بناء السدود.

كما لم تقتصر المخاطر المترتبة على التوسع في تشييد السدود على الداخل الإيراني وحده، بل تعدته لتشمل دول الجوار أيضاً؛ إذ أثّر بناء السدود في إيران في مستويات المياه التي تتدفق إلى العراق، خاصة تلك التي بُنيت على نهري سيروان والزاب، واللذين يصبان في محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، وكذلك نهر مارون، أحد أهم روافد نهر شط العرب في محافظة البصرة العراقية.

3. سوء إدارة الموارد المائية: تُشير التقديرات إلى أن الممارسات الزراعية غير الكفؤة، التي لا تعتمد على أساليب الري الحديثة، والتي تؤدي إلى زيادة كمية الهدر المائي، أسهمت في تفاقم أزمة نقص المياه في إيران؛ حيث تستهلك الزراعة في إيران ما يقرب من 80% من المياه المتوفرة؛ إذ تروى بها المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل القمح والأرز، في حين أن القطاع الزراعي، في مجمله، لا يسهم إلا بـ10% من الناتج المحلي الإجمالي، وتمتهن هذا القطاع 17% فقط من القوى العاملة.

كما أدى تسارع وتيرة التصنيع والتمدن في إيران، خلال السنوات السابقة، إلى زيادة الطلب على المياه؛ حيث أدى إلى التدخل من أجل نقل كميات كبيرة من المياه لتشغيل الصناعات الثقيلة في مناطق شديدة الجفاف. وجرى ذلك عبر مساريْن أساسييْن: إما تحويل مجاري بعض الأنهار إلى تلك المناطق القاحلة، خاصة من محافظات الأطراف مثل سيستان بلوشستان (جنوب شرق) وخوزستان (جنوب غرب) إلى محافظات الوسط خاصة في أصفهان، وإما عبر الإفراط في الاعتماد على المياه الجوفية، وحفر الآبار بطريقة عشوائية، والتي وصل عدد غير المرخص منها لأكثر من 500 ألف بئر، بحسب موقع “عصر ايران” التحليلي؛ وهو ما أدى إلى انخفاض كبير في منسوب المياه الجوفية وزيادة هبوط التربة، ومنها طهران، والتي وصل منسوب الهبوط في بعض أحيائها إلى نحو 40 سنتيمتراً سنوياً، وهو ما يمثل “كارثة وطنية” وتهديداً جدياً على البنية التحتية في تلك المناطق بحسب تصريحات الرئيس الإيراني بزشكيان، خلال لقائه أعضاء “جبهة الإصلاحات” الإيرانية، في 22 يوليو 2025.

يُضاف إلى ذلك، ما تُشير إليه التقارير الرسمية بأن متوسط استهلاك الفرد من المياه في بعض المناطق في إيران، ومنها طهران، يبلغ أكثر من ضعف المعدل الأمثل للاستهلاك؛ إذ يبلغ هذا المتوسط في طهران نحو 195 لتراً يومياً، وعند إضافة إجمالي المياه المهدرة يصل لحوالي 250 لتراً يومياً، في حين أن المعدل العالمي للاستهلال اليومي للفرد يبلغ من 120 إلى 150 لتراً يومياً، ومن هنا تأتي المناشدات الحكومية الإيرانية للمواطنين بضرورة الحد من استخدام المياه، واقتصارها على الاستخدامات الضرورية.

4. سياسات دول الجوار: تُعزى أزمة نقص المياه في إيران إلى بعض سياسات دول الجوار التي تشترك في أنهار معها، ومنها أفغانستان، والتي تشارك إيران في نهر هيرمند (بحسب التسمية الإيرانية) أو نهر هلمند (بحسب التسمية الأفغانية)، ورغم وجود اتفاقية تاريخية بين البلدين، وُقعت عام 1973، في عهد الملك الأفغاني محمد ظاهر شاه، وشاه إيران محمد رضا بلهوي، وبموجبها تضمن أفغانستان تدفق 850 مليون متر مكعب من المياه لإيران سنوياً، في ظروف “مناخية طبيعية”؛ فإن التطورات السياسية التي حّلت بالبلدين بعد ذلك، أسفرت عن تراجع تدفق المياه التي تصل إيران من نهر هيرمند (هلمند)؛ إذ وصلت في بعض الأحيان إلى 15 مليون متر مكعب، بحسب رئيس منظمة البيئة الإيرانية السابق، علي سلاجقه، في أغسطس 2024. وهي نسبة تسببت في تصحر وجفاف التربة في محافظة سيستان بلوشستان الحدودية الإيرانية.

وقد وصل الخلاف بين طهران وحكومة طالبان في كابول بعد توليها الحكم في أغسطس 2021، إلى حد الاشتباكات الحدودية التي أسفرت عن مقتل أفراد على الحدود بين البلدين، كما حدث في مايو 2023. وقد عملت طهران على تحسين علاقاتها مع حكومة طالبان بغية إيجاد حل للمشكلات العالقة بينهما، والتي يأتي على رأسها مشكلة تدفق مياه نهر هيرمند (هلمند)، إلا أن ذلك لم يسفر عن حل نهائي لتلك الأزمة؛ إذ استمرت كابول في بناء السدود على النهر، والتي كان آخرها الإعلان في ديسمبر 2024، عن ملء سد “باشدان” على مجرى النهر؛ الأمر الذي نددت به وزارة الخارجية الإيرانية.

وبالنسبة للأنهار المشتركة مع تركيا، فقد أبدت طهران أكثر من مرة، استياءها من الممارسات التركية المتعلقة ببناء السدود على نهر آراس، المشترك بين تركيا وإيران وأذربيجان وأرمينيا، والذي يغذي المناطق الشمالية الغربية من إيران؛ إذ زادت أنقرة من وتيرة بنائها للسدود، خلال الأعوام السابقة، ضمن ما يُسمّى بمشروع جنوب شرق الأناضول (GAP)، والذي تبلغ تكلفته مليارات الدولار، وتم تشييد أكثر من 22 سداً و19 محطة للطاقة الكهرومائية، على مجاري أنهار دجلة والفرات وآراس، في إطار المشروع المذكور. كما أن توسع تركيا في بناء السدود على نهر دجلة، أسفر عن تصحر مساحات كبيرة من الأراضي في العراق وسوريا؛ مما زاد من انتشار موجات الغبار في غرب إيران، والتي تكلّف الميزانية الإيرانية مليارات الدولارات؛ نتيجة لتأثيرات الغبار البيئية والصحية والاقتصادية.

ضغوط مُتزايدة:

قد تسفر أزمة نقص المياه الراهنة في إيران عن عدد من التداعيات، يمكن تسليط الضوء على أبرزها كالتالي:

1. تزايد الاستياء المجتمعي: تتفاقم أزمة المياه، ولا سيما في طهران، وغيرها من المناطق في إيران، للدرجة التي باتت تهدد حياة المواطنين العادية؛ إذ شوهدت مشاهد بيع المياه من خلال الصهاريج وتوزيعها في أكياس وأوعية بلاستيكية، كما سُجِّلت شكاوى عديدة للمواطنين من انقطاعات مُتكررة لوصول المياه، وضعف وصولها إلى الطوابق العليا من المباني والمنشآت، وأعلنت إدارة المياه في طهران إغلاق الحمّامات العامة؛ بسبب شحّ المياه. وقد حثّت السلطات الإيرانية السكان على تركيب خزانات مياه ومضخات لمواجهة انقطاع الإمدادات المائية.

ونتيجة لذلك، اندلعت عدد من الاحتجاجات في بعض المناطق، ومنها مدينة سبزوار بمحافظة خراسان رضوى (شمال شرق إيران)، ومدينة بيجار في محافظة كردستان (غرب إيران)، ومناطق بمحافظة جيلان (شمال إيران)، ورفع المتظاهرون شعار “آب، برق، زندگی؛ حق مسلم ما است” أي “الماء والكهرباء والحياة.. حقوقنا غير قابلة للنقاش”.

وتُعيد تلك الاحتجاجات إلى الأذهان احتجاجات العطش في إيران التي اندلعت في يوليو 2021، والتي كان مركزها محافظة خوزستان؛ نتيجة لسوء إدارة الموارد المائية بالمحافظة الزراعية، وتحويل بعض الأنهار منها إلى مناطق أخرى.

وربما هذا ما دفع بالرئيس الإيراني بزشكيان إلى التحذير من الأزمة، كما أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني أن “وضع المياه في طهران سيئ للغاية”، في محاولة للتضامن مع الشارع الإيراني، بغية تفادي اندلاع احتجاجات في الشارع الإيراني.

يُضاف إلى ذلك، أن هناك محاولات لاستغلال تلك الأزمة لتحريض الشارع الإيراني ضد النظام، وهو ما تمثل في الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للشارع الإيراني، في 13 أغسطس 2025، يحثهم فيها على الاحتجاج للإطاحة بالنظام، متوعداً بأن بلاده سوف تقدم الخبرات والدعم اللازم لحل مشكلة المياه في إيران، وهو ما رد عليه الرئيس الإيراني ووزير خارجيته بأن “إيران لا ينقصها الخبرات”، وبأن “الشعب يقف خلف النظام”.

2. نقل العاصمة خارج طهران: يمثل خيار نقل العاصمة الإيرانية خارج طهران، أحد الحلول التي تطرحها الدوائر الرسمية في إيران؛ إذ صرّح بزشكيان، في 24 يوليو 2025، تعليقاً على أزمة نقص المياه، بأنه لا يمكن استبعاد نقل العاصمة الإيرانية، التي تضم نحو 15 مليون نسمة، إلى منطقة أخرى.

وجدير بالذكر، أنها ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها فكرة نقل العاصمة الإيرانية من طهران، التي أسّسها القاجاريون في القرن الثامن عشر الميلادي، إلى مناطق أخرى؛ إذ دعا بزشكيان نفسه، في يناير 2025، إلى نقل العاصمة لمنطقة مكران، التي تقع في أقصى جنوب إيران على سواحل خليج عُمان، كما راودت فكرة نقل العاصمة رؤساء إيرانيين سابقين منهم هاشمي رفسنجاني وحسن روحاني وإبراهيم رئيسي أيضاً. وذلك لأسباب عديدة أبرزها؛ التكدس السكاني في طهران وما صاحبه من تراجع في كفاءة وجودة البنية التحتية والمرافق العامة، فضلاً عن المشكلات البيئية، ولا سيما تلوث الهواء، الذي وصل لمستويات غير صحية، وفق التقارير الدولية، فضلاً عن المشكلات الجيولوجية المرتبطة بوقوع طهران على حزام زلزالي؛ يتسبب في حدوث زلازل مدمّرة، بالإضافة إلى النفقات الكبيرة في نقل الموارد من الجنوب حيث البحار والموانئ إلى الشمال حيث طهران.

إلا أن السلطات الإيرانية، ما زالت تتخوف من نقل العاصمة إلى مكران؛ لأسباب أيضاً منها الموقع الفريد لطهران في الهضبة الإيرانية؛ ما يمنحها حصانة أمنية نسبية مقارنة بمناطق الأطراف، إلى جانب كون موقعها الحالي تعبيراً عن مركزية الدولة، دون التموضع في جانب واحد من الدولة دون آخر.

3. تفاقم الأزمات الاقتصادية: من المرجح أن يسفر استمرار أزمة نقص المياه في إيران، عن مضاعفة الضغوط الاقتصادية والمالية على القطاعات الحيوية؛ إذ تدرس الحكومة الإيرانية حلولاً مؤقتة لتخفيف الأزمة ومنها إغلاق الهيئات العامة والمدارس والجامعات لبعض الوقت، وفق المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، في 28 يوليو 2025، وكذلك تقليص أيام العمل من 5 إلى 4 أيام، إلى جانب تفعيل نظام العمل عن بُعد، مثلما كان يحدث في ظل أزمة كورونا.

ويُضاف إلى ذلك، أن هناك أزمة كهرباء أسفرت عن إغلاق العديد من المقار الحكومية في نحو 23 محافظة إيرانية، ورغم امتلاك إيران لموارد نفطية وغازية هائلة؛ فإن تراجع الاستثمارات وتردي البنية التحتية؛ أدى إلى تفاقم مشكلة توصيل الكهرباء إلى كافة أرجاء الدولة؛ إذ تُشير التقديرات إلى أن قطاعيْ الطاقة والمياه في إيران بحاجة إلى استثمارات تقدر بنحو 200 مليار دولار و15.7 مليار دولار لكل منهما على التوالي.

كما أن مشكلات أخرى اقتصادية ومعيشية ترتبط بارتفاع معدلات التضخم نتيجة تراجع قيمة العملة، وارتفاع مستوى البطالة، وضعف شبكة الإنترنت؛ تُفاقم الأزمات التي يعاني منها المواطنون، خاصة في الوقت الذي يفترض أن تقوم السلطات الإيرانية بعمليات إعادة بناء وتأهيل القطاعات التي تضررت جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على إيران.

ختاماً؛ يمكن القول إن تفاقم أزمة المياه يُهدد بتداعيات لا تبدو هينة بالنسبة للأوضاع في الداخل الإيراني، ورغم أن أزمة نقص المياه في إيران ليست وليدة الأمس، بل تمتد لعقود سابقة، وازدادت حدتها خلال السنوات الأخيرة؛ فإن توقيت الأزمة الراهنة، والتي تضافرت عوامل بيئية وبشرية في تفاقهما؛ يجعل منها أزمة عاجلة يجب التعامل السريع والناجع معها؛ إذ إنها تتزامن مع الظرف الدقيق الذي تمر به الجمهورية الإسلامية في إيران، في ضوء التهديدات المتزايدة بإمكانية تجدُّد الحرب مع إسرائيل، وتعثُّر مسار المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، وما يفرضه ذلك من استمرار تراجع الاستثمارات في قطاعات حيوية مثل المياه والكهرباء في إيران. إلا أن هناك اتجاهاً آخر داخل إيران يرى أن الفرصة التي منحها الالتفاف الشعبي حول النظام، كرد فعل على حرب إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، يمكن استغلالها من خلال التفاعل المباشر مع أزمة نقص المياه وغيرها من الأزمات، وإيجاد حلول مبتكرة لها.

مقالات ذات صلة

ابق على اتصال

16,985المشجعينمثل
0أتباعتابع
61,453المشتركينالاشتراك

أقلام واَراء

مجلة نضال الشعب