بقلم: آري شبيط/ الأخبار السارة هي أخبار سارة للغاية. هناك احتمال أكبر من أي وقت مضى لانتهاء الحرب في غزة وعودة عدد كبير من الرهائن.
ترامب، الذي أفقد إسرائيل صوابها عندما اقترح في شباط “ترانسفيراً ذهبياً”، أعاد إسرائيل الآن إلى أرض الواقع.
لا يزال من الممكن أن تنهار الأمور، ولا يزال بإمكان “حماس” إفشال الصفقة، وتتجدد الحرب، لكنّ هناك احتمالاً لانتهائها، أكثر من أي وقت مضى، وأن معاناة الرهائن الرهيبة وكابوس أطول حرب في تاريخنا يقتربان من نهايتهما.
لكن الأخبار السيئة… سيئة جداً؛ إذا انتهت الحرب الآن، فستنتهي بانتصار مطلق لقطر، وستكون هزيمة دبلوماسية مطلقة لإسرائيل، لأن الرئيس ترامب، بعد أن قدم رؤية صحيحة وطرح إنذاراً واضحاً، تلقى صفعة على وجهه من “حماس”.
لقد كان ردها ماكراً، ومخادعاً، وكاذباً، ولم تلتزم أي شرط من الشروط الأساسية لمبادرة السلام، لكن رئيس القوة العظمى تراجع أمام تنظيم “إرهابي”، ومسح البصاق عن وجهه، وقال للعالم إنها مجرد قطرات مطر، وبذلك، أطلق عملية دبلوماسية ضرورية – بطريقة فاسدة.
وعندما اضطر إلى الاختيار بين إسرائيل وقطر، اختار قطر دون أن يرفّ له جفن. رمى ترامب إسرائيل تحت عجلات الحافلة التي تقلّه إلى حفل تسلّم جائزة نوبل للسلام في ستوكهولم.
إن السبب المباشر لهذا الانقلاب الكبير من “الصديق” المفترض لإسرائيل هو الهجوم الإسرائيلي المتهور على قطر؛ فالتصرف الأحمق الذي قام به نتنياهو في الدوحة كان بمثابة قنبلة موقوتة، وبدلاً من أن يخوض صراعاً دبلوماسياً ضد قطر منذ 8 تشرين الأول 2023، اختار نتنياهو مهاجمتها عسكرياً في 9 أيلول 2025.
منذ البداية، كانت مغامرة مجنونة: الاعتداء على سيادة دولة عربية يستثمر فيها الرئيس الأميركي شخصياً، لكن حين فشلت المغامرة، تحوّلنا من رابحين إلى خاسرين، في نظر ترامب.
لقد بدأ ينظر إلينا كطرف إقليمي مجنون يهدد الاستقرار الإقليمي والمصالح العائلية، وأصبحت قطر وتركيا وسورية الأبناء المفضلين لواشنطن.
لكن يوجد أيضاً سببان عميقان لانقلاب ترامب:
الانهيار الدبلوماسي: في الصيف الماضي، أصبحت إسرائيل وبشكل نهائي دولة منبوذة، فبعد أن نجح نتنياهو في خسارة العالم والحزب الديمقراطي، خسر أيضاً نصف الحزب الجمهوري، وكانت الهجمات الأخيرة من كبار زعماء حركة MAGA على الدولة اليهودية مسمومة أكثر من تلك التي تأتي من اليسار التقدمي. ورجل الأعمال العاشق للنجاح لا ينتمي إلى أولئك الذين يقفون معنا طويلاً ضد التيار.
قالت الاستطلاعات كلمتها، وقال الرأي العام كلمته، وقال تاكر كارلسون كلمته، والرئيس يسير خلفهم.
السبب الثاني هو المال: إن ترامب محاط بأصحاب المليارات من اليهود، ويحظى بمساهمة يهودية – إسرائيلية سخية، لكن اليوم، يوجد في العالم مال عربي أكثر من المال اليهودي. والمال العربي لا يعرف الكوابح، ويمكنه الرشوة بلا حساب.
لقد تعامل اليمين الإسرائيلي الضيق الأفق مع ترامب على أنه من أتباع “حباد” [حركة حريدية متطرفة لها نفوذ كبير في الولايات المتحدة الأميركية] وزعيمها الحاخام لوفافيتش، بينما ترامب لديه حسابات تتغلب على حب إسرائيل، وما حدث الآن أنه اتضح أن مسيح نتنياهو وسموتريتش وبن غفير هو مسيح دجال.
في الخلاصة: قد يخرج الخير من المأساة، وقد يخرج الخير من الشر.
هناك احتمال أكبر من أي وقت مضى أن تنتهي الحرب ويعود كثيرون من الرهائن إلى منازلهم.
ومن الصعب أن نتخيل أن حكومة المتشددين ستنجو، بعد فشلها الكامل في إدارة الحرب، لكن في المديَين المتوسط والبعيد، بات وضع إسرائيل كارثياً، فالتحالف الحيوي مع الولايات المتحدة تآكل حتى العظم، والردع الدبلوماسي انهار، و”حماس” ستستمر في حُكمها الفعلي لقطاع غزة، وسيواجه خلفاء نتنياهو تحدياً غير مسبوق، والمهمة التي ستقف أمامهم لن تكون مجرد إصلاح إسرائيل، بل إنقاذها من حضيضٍ تاريخي لم يسبق له مثيل.
عن “يديعوت”